حريّ بالولاياتالمتحدة إدراك طابع الازمة الأفغانية الاقليمي وغير المحلي. فالحرب بأفغانستان قد تمتد الى خارج الحدود الافغانية، وهي، تالياً، شأن باكستاني وإيراني ومسألة تعني دول آسيا الوسطى. ولم يعد انتشار"طالبان"مقتصراً على الاراضي الافغانية. وعليه، يجب المبادرة الى انتهاج سياسة اقليمية تشرك دول آسيا الوسطى في الحل، وتقنع الهند بطي صفحة النزاع في كشمير، وهو نزاع يتهدد أمن الدولة الباكستانية، ويقوض قدرتها على مواجهة خطر هجمات حلف"طالبان"الباكستاني والافغاني. والحق أن الاضطراب يتهدد الدولة الباكستانية بزعزعتها. وعلى الحكومة الباكستانية وجيشها مواجهة هذا الخطر، ومكافحة"طالبان"مكافحة لا تكل ولا تهدأ. فقبائل البشتون الباكستانية استقبلت في مناطقها حركة"طالبان"الافغانية وعناصر"القاعدة"، إثر هزيمتهما في كابول، في 2001. وعلى رغم أنها حاربت في التسعينات الى جانب"طالبان"الأفغانية، لم تكن حركة الإسلاميين البشتون منظمة. ومع انتقال"طالبان"الأفغانية الى الإقامة بأرض البشتون بباكستان، اكتسبت الحركة خبرة عسكرية. ومدت"طالبان"الافغانية وپ"القاعدة"قبائل البشتون بالمال. فأنشأت هذه القبائل ميليشيات خاصة بها، ووضعت مخططاتها، وبسطت نفوذها الطالباني في شمال غربي باكستان. والحلف بين"طالبان"أفغانستان وپ"طالبان"باكستان وثيق. وتتولى"طالبان"الافغانية قيادة نظيرتها الباكستانية، ووضع سياستها. وتستمد"طالبان"الباكستانية مشروعيتها من الحركة الام، أي"طالبان"الأفغانية وپ"القاعدة". ويفوق نفوذ"القاعدة"بأفغانستانوباكستان، اليوم، ما كان عليه نفوذها في هذين البلدين، في 2001. ونقلت"القاعدة"الى"طالبان"تكتيكاتها العسكرية وخبراتها في تنفيذ عمليات انتحارية، وفي أصول التواصل الاعلامي. وتدرب"القاعدة"عناصر أجنبية من العرب والباكستانيين والاوروبيين في قواعد آمنة تابعة لها. وعلى رغم أن نفوذها أفل في العراق، بسطت"القاعدة"نفوذها بأفغانستانوباكستان. وتشن حركة"طالبان"هجوماً مزدوجاً على جبهتين، الاولى بأفغانستان، والثانية بباكستان، وهذا الهجوم المزدوج هو الاول من نوعه منذ هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001. وتسعى"طالبان"الى السيطرة على مناطق أفغانية كبيرة، والى بسط نفوذها في أوساط الافغان، وحمل قوات دولة أو دولتين من قوات الپ"ناتو"بأفغانستان على الانسحاب من التحالف العسكري. وتحاول"طالبان"استغلال مرحلة الانتخابات الرئاسية الاميركية، وهي مرحلة فراغ سياسي تقيد هامش مبادرة الادارة الاميركية. ويتوقع أن تزيد"طالبان"هجماتها، الى حين انتخاب رئيس أميركي جديد. وقد تضطر الولاياتالمتحدة وحلف شمال الاطلسي الى مفاوضة"طالبان". والقضاء على حركة تمرد لا تعاني"مشكلة تجنيد العناصر ولا تمويل عملياتها من عوائد تجارة المخدرات، أمر عسير. فمئات المقاتلين الاسلاميين يتقاطرون على أفغانستان من العراق، وكشمير الباكستانية، وآسيا الوسطى، ومن قبائل البشتون الباكستانية. ويجنَّد المقاتلون في باكستان. ولا شك في أن مغالاة قوات الپ"ناتو"في اللجوء الى ضربات عسكرية جوية رفع عدد الضحايا الافغان المدنيين، وأسهم في تنامي انضمام الافغان الى صفوف"طالبان". تفوق قوة حلف شمال الاطلسي قوة"طالبان"عسكرياً. ولكن التفوق العسكري لن يثني"طالبان"عن السعي في محاصرة قوات الپ"ناتو"في قواعدها العسكرية وفي المدن. عن أحمد رشيد خبير في شؤون حركة "طالبان"، "لوموند" الفرنسية، 22/8/2003