إذا كان لقب نجم دورة الألعاب الأولمبية التي أسدل الستار عليها أمس الأحد في بكين حائراً بين السباح الأميركي الفذّ مايكل فيلبس صاحب ثماني ذهبيات والعداء الجامايكي اوساين بولت الفائز بثلاثة سباقات محطماً الأرقام القياسية فيها، فإنه لا جدال بأن الأخير كان نجم رياضة ألعاب القوى بلا منازع. وكانت رياضة أم الألعاب في حاجة إلى نفحة هواء منعشة، بعد فضائح المنشطات التي طالتها في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد اعتراف النجمة الأميركية ماريون جونز بتناولها منشطات خلال دورة سيدني 2000 ثم تجريدها من ميدالياتها، إضافة إلى تجريد المنتخب الأميركي للتتابع 4 مرات 400 م من ذهبيته أيضاً وإلغاء رقمه القياسي، بسبب اعتراف أحد عدائيه اندرو بيتيغرو بتناول منشطات، وثبوت تناول البطل الأولمبي في أثينا في سباق 100 م الأميركي جاستن غاتلين منشطات ووقفه لمدى الحياة. وجاء بولت إلى الألعاب بعد أن لفت الأنظار من خلال تحطيمه الرقم القياسي العالمي في سباق 100 م، عندما سجل 19.72 ثانية في لقاء نيويورك الدولي في 31 أيار مايو الماضي. بيد أن بولت غادرها وفي جعبته ثلاث ذهبيات وثلاثة أرقام قياسية عالمية، لأنه حطّم رقمه القياسي العالمي في سباق 100 م وأنزله حتى 69ر9 ثانية، على رغم أنه خفف من سرعته في الأمتار الأخيرة. ومحا بولت أيضاً رقماً خرافياً مسجلاً باسم العداء الأميركي الشهير مايكل جونسون أمام ناظري الأخير في ملعب"عش الطائر"وأمام 90 ألف متفرج. وبات أول عداء يجمع بين السباقين السريعين في الألعاب الأولمبية منذ الأميركي الشهير كارل لويس. وسجل بولت 19.30 ثانية، قبل أن يقود فريق التتابع 4 مرات 100 م للذهبية وتحطيم الرقم القياسي العالمي الصامد منذ أولمبياد برشلونة في حوزة المنتخب الأميركي، ليقدم لنفسه أحلى هدية عشية عيد ميلاده ال22. وإضافة إلى أرقام بولت القياسية الثلاثة، سُجل رقمان إضافيان عالميان، الأول عن طريق الروسية ييلينا ايسينباييفا في مسابقة القفز بالزانة، إذ سجلت 5.05 أمتار. يذكر أن ايسينباييفا حطمت الرقم القياسي العالمي 24 مرة في مسيرتها منها 3 مرات هذا الموسم. كما سجلت مواطنتها غولنارا غالكينا ساميتوفا رقماً قياسياً عالمياً أيضاً في سباق 3 آلاف م موانع، وباتت أول عداءة في التاريخ تنزل تحت حاجز ال9 دقائق مسجلة 8.58.81 دقائق. وعلى رغم معاناة الولاياتالمتحدة من صعوبات كبيرة وخيبات أمل كثيرة في ألعاب القوى، خصوصاً في التتابع 4 مرات 100 م عند الرجال والسيدات، بسبب خطأ في تسليم العصا، بيد أنها حافظت على صدارتها في ترتيب أم الألعاب، إذ حصدت 7 ذهبيات و9 فضيات و7 برونزيات، وحلّت روسيا ثانية برصيد 18 ميدالية 6 ذهبيات و5 فضيات و7 برونزيات، فجامايكا ثالثة ولها 6 ذهبيات و3 فضيات وبرونزيتان. وأكّد المدير التنفيذي في الاتحاد الأميركي لألعاب القوى دوغ لوغان أن اتحاده"سيدرس بشكل جدي الأخطاء التي ارتكبت في الألعاب الأولمبية، والعمل على عدم تكرارها مجدداً". في المقابل، كان المسؤولون الجامايكيون سعداء جداً بالحصاد الرائع لممثليهم، وقال رئيس الاتحاد مايك فينيل:"نحن الدولة العظمى في رياضة ألعاب القوى"مشيراً إلى أن ما تحقق يعود إلى"مواهب خام عملنا على صقلها، وبدأنا نحصد ثمار ما زرعنا". وكانت الألعاب أيضاً مسرحاً لتألق العداء الاثيوبي كينينيسا بيكيلي، الذي بات خامس عداء في تاريخ الألعاب يجمع بين ذهبيتي سباقي 5 آلاف و10 آلاف م، بعد التشيخوسلوفاكي الشهير اميل زاتوبيك في هلسنكي 1952 والسوفياتي فلاديمير كوتس في ملبورن 1956 والفنلندي لاس فيرين 1972 و1976 في ميونيخ ومونتريال على التوالي، ومواطنه ميروتس يفتر 1980 في موسكو. وكان بيكيلي حاول تحقيق الإنجاز في أولمبياد أثينا قبل أربع سنوات، فنال ذهبية 10 آلاف م، لكن المغربي الفذ هشام الكروج منعه من تحقيق الثنائية، فاكتفى بالمركز الثاني. وحذت حذوه مواطنته الشهيرة تيرونيش ديبابا، فجمعت هي الأخرى ذهبيتي السباقين الطويلين كما فعلت في بطولة العالم في هلسنكي 2005. وكانت ديبابا أحرزت ذهبية سباق 10 آلاف م في أثينا قبل أربع سنوات، لكنها اكتفت ببرونزية السباق القصير. وحازت البرازيل وبلجيكا وبنما والبحرين ذهبيات للمرة الأولى في تاريخ أم الألعاب عن طريق مورين ماغي الوثب الطويل وتيا هيلبو الوثب العالي وايرفينغ سالادينو الوثب الطويل ورشيد رمزي 1500 م على التوالي. وكان الغائب الأكبر عن المنافسات العداء الصيني الشهير ليو جيانغ، الذي تعرض للإصابة وانسحب خلال الدور الأول من التصفيات، لتخسر ألعاب القوى مواجهة رائعة ومنتظرة بينه وبين الكوبي دايروس روبلس الذي حاز الذهبية.