بحبر دموعي الحرى وبالنحت في دمي المتجمد على صمامات قلبي، دعني أقول ليس دقيقاً القول"رحل محمود درويش". فالأقرب أن محمود درويش المبتلى بعضال الأمل المفتون برفيف الأجنحة المتمرس في شراسة الترحال، قد عاش طوال حياته القصيرة مرتحلاً. وربما قرر أخيراً الاستقرار على رغم أنف الاحتلال. عله كعادة شعره يخلق بإبداعه ما يخل بالمستتب والمستبد من خلل الجمال واختلال العدل. ليضع بقصيدة موته الأخيرة حداً لاقتتال الأخوة. وليكتب بخلوده حياة جديدة لريتا ولفلسطين معاً. أما نحن عشاق جنيات شعره وأصدقاء أطيافه المتثنية السامقة, من الولهى بكمنجات الغجر التي لن يكف عن إطلاق نوافيرها على أحلامنا، فلنا أن نشاركه قهوة حورية ولا نكتفي بالحنين إلى عصافير الجليل، علنا نجترح القيافة في"أثر الفراشة". صديق سادس أو سابع يغدر بنا ويغادرنا على حين غرة. لم تشف جروحي بعد ولم أسترد أنفاسي من ذهاب عبدالعزيز المشري وممدوح عدوان وأمل جراح وإدوارد سعيد وفاطمة موسى وهشام الشرابي وفدوى طوقان. فكيف طاوع محمود درويش قلبه كيف قبل حسه المرهف أن يرمينا في هذه اللحظة الفادحة من الخسارات بهذا الزلزال ويذهب. لا أكاد أصدق كأنه يلعب معنا أو كأنه يعود بعد قليل بقصيدة جديدة. وليس لي إلى تلك اللحظة إلا أن لا أقول وداعاً لشاعر لا يموت وأن أخذته غفوة. پ * شاعرة سعودية.