فرضت الظروف المناخية القاسية وتراجع المصادر المائية ذاتها على الخطط الزراعية السورية، واتخذت الحكومة قراراً بخفض المساحات المزروعة بالقطن مع توقع انخفاض إنتاج البلاد من القمح إلى النصف. وأعلن رئيس مكتبي العمال والفلاحين في القيادة القطرية لحزب"البعث"أسامة عدي أن الحكومة قررت خفض المساحات المزروعة قطناً وإنتاج ما تحتاج اليه المعامل السورية فقط بهدف الحفاظ على المردود المائي، وكان أشار إلى أن"الحفاظ على الأراضي الزراعية هي مشكلة تواجهها سورية". وتشير أرقام"إدارة بحوث القطن"في وزارة الزراعة السورية إلى تراجع المساحات المزروعة من 192 ألف هكتار العام الماضي إلى 165 ألفاً هذه السنة، وتوقعت أن يتراجع إنتاج البلاد من 711 ألف طن الى 600 ألف طن. ويعتبر القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية في سورية، ويحتل مرتبة ثانية بعد النفط في تأمين القطع الأجنبي والثالثة بعد القمح والنفط في تأمين الدخل القومي وتوفير المادة الخام لصناعة الغزل والنسيج ومعامل عصر بذور القطن. وتحتل سورية المرتبة الثانية عالمياً من حيث مردودية الهكتار الواحد للقطن البالغة نحو 3.7 طن. ويعتبر القطن السوري من الأقطان الجيّدة والمطلوبة في الأسواق العالمية لطول تيلته ومردوده الاقتصادي. وأصبحت سورية تصنّع 55 في المئة من إنتاجها القطني محلياً، بعد ان كانت تصدّر 70 في المئة منه، ما الحق بها خسائر اقتصادية. وتعرّضت البلاد إلى ظروف مناخية سيئة أدت إلى انخفاض معدلات الأمطار في معظم المناطق. وتقدر دراسة، معدل الموارد المائية المتجددة، السطحية والجوفية في الأحواض المائية السبعة في سورية، بنحو 10 بلايين متر مكعب سنوياً. وقدر وزير الري السوري نادر البني عجز بلاده من المياه العام الماضي بنحو 3.5 بليون متر مكعب. وقال اثناء مناقشة خطة زراعية للسنة الجارية:"إننا نمر الآن في مرحلة عصيبة ما يضعنا أمام مسؤولية كبيرة، وعلينا أن ننتج من القطن حاجة سورية فقط"، لافتاً إلى أن"التوسّع المستقبلي في المساحات المروية أصبح محدوداً لأن مواردنا محدودة وعلينا أن نفكر جدياً في زيادة الإنتاجية". وتبين الأرقام أن مساحة الأراضي القابلة للزراعة في سورية في حدود 32 في المئة، 70 في المئة منها زراعات بعلية والبقية مروية، وتشكل الأراضي غير القابلة للزراعة نحو 20 في المئة وتحتل المروج والمراعي 45 والأحراج 3 في المئة. ويعمل في الزراعة أكثر من 1.3 مليون مواطن عدد سكان سورية حالياً 19 مليون نسمة، وهي تساهم في 27 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير أرقام الخطة الزراعية إلى تراجع مساحة الأراضي المروية في العامين الماضي والجاري بنحو 5846 هكتاراً بسبب تراجع زراعة الشعير والقطن. وارتفعت مساحة القمح المروي من 3.4 مليون طن إلى 3.5 مليون. وأعلنت سورية أن إنتاجها من القمح سينخفض من 4.7 مليون طن العام الماضي إلى نحو 2.2 مليون السنة الجارية، والشعير من 784 ألف طن إلى نحو 200 ألف. وأوضح وزير الزراعة عادل سفر أن الخطة الزراعية المقبلة تأخذ في الاعتبار التوازن بين الإمكانات والقدرات المتاحة وتلبية الحاجات الغذائية للمواطنين، في ظل أزمة الغذاء العالمية.