توقع وزير الزراعة السوري نورالدين منى تراجع إنتاج سورية من الحبوب عن 7.1 مليون طن بسبب الأحوال الجوية التي سادت البلاد خلال الشهور الأخيرة وحدوث فيضانات في بعض المحافظات وارتفاع الحرارة في محافظات أخرى، ما اثر في إنتاج سورية من الحبوب لهذه السنة. وقال الوزير في حديث ل"الحياة" ان الزراعة في سورية وحسب المواسم تساهم في الدخل القومي بين 25 إلى 29 في المئة وفي بعض السنوات 30 في المئة ويعمل في الزراعة اكثر من 25 في المئة من القوى العاملة السورية. وأضاف ان سورية تواجه اتفاقيات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ولاحقاً اتفاقية الشراكة الأوروبية، لافتاً الى ان هذه ستترك أثاراً وبصمات مهمة في تغيير وملائمة الأنماط الزراعية في سورية والتي تقتضي التركيز على معايير الجودة والمنافسة وتخفيض تكاليف الإنتاج. وفي ما يأتي نص الحديث: كيف تقومون واقع الزراعة في سورية هذه السنة؟ - الزراعة السورية تتأثر بكمية الأمطار الهاطلة سنوياً، كون الزراعة المروية لا تتعدى نحو 30 في المئة من المساحة المزروعة، وبالتالي الزراعة البعلية تشغل 70 في المئة من الزراعة. هذه السنة كان الموسم جيداً وكانت كميات الهطولات وتوزعها جيدة لكن حدث في الشهور الأخيرة بعض الفيضانات في بعض المحافظات، ما أدى إلى غرق وخروج بعض المساحات، وفي محافظات أخرى ارتفعت درجات الحرارة خلال شهر نيسان أبريل، ما أدى إلى تأثر الإنتاج ونوعيته. كما ان مناطق تأثرت بانتشار حشرة السونة وهذا سبب انخفاضاً في الإنتاج عما كان متوقعاً. بشكل عام الزراعة السورية وحسب المواسم تساهم في الدخل القومي بين 25 إلى 29 في المئة وفي بعض السنوات 30 في المئة ويعمل في الزراعة اكثر من 25 في المئة من القوى العاملة السورية، لذلك نحن دائماً ننظر إلى الزراعة على أنها وزارة كل بيت وهي وزارة الأمن الغذائي ولها بعد اجتماعي واقتصادي وخدمي وبالتالي تعتبر الزراعة هي المصدر الأساسي للصناعات الزراعية وللصناعة كونها توفر المادة الخام سواء كانت من ناحية الشوندر أومن ناحية المعلبات والكونسروة أو من ناحية القطن ومعظم المحاصيل التي يمكن ان تخضع إلى عملية تصنيع زراعي. هناك تضارب في الأرقام حول إنتاج الحبوب في البلاد، ما هي الصورة الحقيقية لإنتاج هذا الموسم؟ - بالنسبة إلى تقديرات إنتاج الحبوب لهذه السنة: لدينا المساحة المزروعة بالقمح البعلي بحدود 982 ألف هكتار وكان الإنتاج المتوقع ان يكون بحدود مليوني طن بينما المساحة المروية فهي بحدود 814 ألف هكتار وكان الإنتاج المتوقع 3.3 مليون طن ومجموع المتوقع من المروي والبعلي من القمح 5.3 مليون طن ومن الشعير بحدود 1.4 مليون طن ومن العدس بحدود 200 الف طن ومن الحمص 84 الف طن. وبالتالي فإن المجموع المتوقع لإنتاج الحبوب بأشكالها المختلفة كان بحدود 7.1 مليون طن. لكن لو قارنا تسويق هذه المحاصيل نلاحظ ان ما تستلمه الدولة لا يعكس تماماً كل الإنتاج لان العديد من الفلاحين يتركون جزءاً كبيراً من محصول الشعير كمخزون علفي أو بزار وهذا غير معروف لدينا وهذا ينطبق على القمح والحمص والعدس. حتى الآن تم تسويق 3.3 مليون طن من القمح بينما كان في العام الماضي بحدود 3.3 مليون طن والشعير 1.2 مليون طن بينما كان في العام الماضي 3.37 مليون طن والعدس 30.6 ألف طن بينما كان في العام الماضي 4.7 الف طن. وماذا عن إنتاج القطن؟ - القطن هو محصول استراتيجي مهم. في الأعوام الماضية كانت المساحات التي تزرع في سورية تفوق 220 ألف هكتار. أما في العام الماضي ونتيجة لأعوام الجفاف الثلاثة التي مرت على البلاد اصبح هناك توجه بأن تتم زراعة مساحة محدودة، في العام الماضي زرعنا بحدود 180 ألف هكتار. أما هذه السنة ونتيجة إدخال مساحات من الأراضي المروية اصبح مجموع المساحات المزروعة بحدود 210 الاف هكتار. الحقيقة متوسط الإنتاجية في سورية بحدود اربعة اطنان في الهكتار وسورية من حيث الإنتاجية بالنسبة إلى القطن تعتبر الثانية بعد استراليا، علماً ان هناك مزارعين سجلوا خلال هذه السنة ارتفاعاً في الغلة وصل إلى حدود ستة اطنان واكثر في الهكتار والسبب وراء تخفيض المساحة هو توجه الحكومة بأن يكون التركيز على القيمة المضافة، أي ان ننتج كميات من القطن التي يمكن ان تصنعها معاملنا ونبتعد قدر الإمكان عن التصدير بالنسبة للقطن الخام أو القطن المحلوج، وبالتالي عندما تتم عملية الحلج في سورية وعمليات الغزل والمتابعة هذا يؤدي إلى زيادة في القيمة المضافة وإيجاد فرص عمل إضافية وزيادة الدخل. والسبب الثاني هو ان القطن من المحاصيل الشرهة للمياه وأتوقع ان يصل الإنتاج هذه السنة إلى حدود 900 ألف طن. على رغم هذا الانتاج هناك من يتحدث عن صعوبات في إيجاد الأسواق الخارجية لتصريف الإنتاج هل هذا صحيح؟ - سورية منذ مطلع الثمانينات، وبعد الاعتماد على مبدأ السياسة الزراعية المدعومة والاعتماد على الذات، انتقلنا من حالة ندرة الإنتاج إلى حالة الوفرة والفائض وتحولت المشكلة من النقص في العرض إلى فائض في العرض. نقر ان لدينا مشكلة في تصريف الفائض، وهذا يعود إلى ضعف في التسويق شهدته الأعوام الماضية والتي لم تراع معايير التغليف والتعبئة والتوضيب والتدريج والمماثلة، فعندما نريد ان نسوق محصول البندورة إلى الخارج يجب ان تكون هناك معايير محددة من حيث الحجم والوزن واللون وخلوها من المبيدات وبالتالي نحن حتى نسهل عملية التسويق نقوم حالياً في هيئة البحوث العلمية الزراعية وبالتنسيق مع مديرية الإرشاد الزراعي نحو إنتاج منتجات زراعية تكون نظيفة وملبية للأسواق الداخلية والخارجية. هناك تصدير، وعلى سبيل المثال خرج من سورية العام الماضي نحو 2.7 مليون رأس من الغنم العواس وكان التصدير نتيجة للنوعية والطلب الخارجي على هذا النوع وهذه السنة زادت صادراتنا من زيت الزيتون ومن الفواكه وخصوصاً الحمضيات وتحسنت السوق لأننا فعّلنا دور الرزونامة الزراعية مع الأردن ومع الدول العربية بحيث زادت الصادرات. نحن نواجه اتفاقيات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ولاحقاً اتفاقية الشراكة الأوروبية وهذه ستترك أثاراً وبصمات مهمة في تغيير وملائمة الأنماط الزراعية في سورية والتي تقتضي التركيز على معايير الجودة والمنافسة وتخفيض تكاليف الإنتاج. هل تعتقد ان المحاصيل الزراعية السورية قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية؟ - متأكد من ذلك لأن المحاصيل الزراعية السورية سواء كانت خضاراً أو فاكهة هي اقرب إلى العضوية والنظيفة وذات نكهة وطبيعة متميزة وجميع من زاروا سورية من الدول العربية وحضروا معارض زراعية ابدوا إعجابهم بنوعية المنتج السوري وبالنكهة والطعم وخصوصاً خلو منتجاتنا الزراعية من الأثر المتبقي للمبيدات وسورية منذ عام 1992 تطبق مبادئ المكافحة الحيوية على الحمضيات وحالياً نطبق ذلك على القطن وسيطبق على التفاحيات وعلى العديد من الخضار، بمعنى استخدام تقنية حديثة لا يتم فيها استخدام مبيدات وهذه مرغوبة ومفضلة في العالم العربي والخارج. هل هناك تخوف على الزراعة السورية في حال تم التوصل الى اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي؟ - لا أرى أي تخوف لان المعطيات الزراعية السورية وكون المنتج الزراعي السوري في البيئة السورية يتمتع بخواص يفتقدها الكثير من الدول نتوقع ان تحدث هيكلية جديدة لأننا نفكر ببدائل من الخضار أو من أشجار الفاكهة التي يمكن ان تنتج في سورية وتكون ذات قيمة تصديرية ونوعية جيدة وذات قيمة تنافسية، لا خوف على الزراعة السورية ولكن يجب ان نكون جاهزين لمواجهة تحديات من اجل إحداث تغيير في الأنماط الزراعية السورية لمواجهة التغييرات الاقتصادية الحالية. هل هناك شروط يفرضها الأوروبيون على الزراعة السورية؟ - طبعا لا زالت المفاوضات مع الجانب الأوروبي جارية وخصوصاً في ما يتعلق بالمكون الزراعي في المنتجات الزراعية المصدرة أو الحصة. هم يطلبون حصصاً قليلة وخصوصاً بالنسبة للخضراوات أو الفواكه، سورية تملك الميزة النسبية ولدينا كميات فائضة، واعتقد ان المفاوضات ستنتهي إلى حل عادل بحيث يكون الحجم المطلوب بالنسبة للسلع السورية التي ستنساب إلى الأسواق الأوروبية مقبولة من كلا الطرفين لانه أيضا ستدخل سلع غير زراعية في المقابل، وأيضاً ستحصل الزراعة السورية على فترة معينة من مراحل تقديم الدعم لانه حتى لو تم التوقيع على اتفاقيات الشراكة يمكن للحكومة ان تقدم كامل الدعم لقضايا البحث العلمي والإرشاد الزراعي والخدمات الزراعية وهذه يمكن ان تسهل إحداث نقلة نوعية في زيادة الإنتاج والنوعية. وبالتالي لا بد عاجلاً ام آجلاً من ان تواجه الزراعة السورية الواقع الاقتصادي العالمي والإقليمي من اجل ان تأخذ دورها في الموقع الاقتصادي الصحيح. ماذا فعلت الحكومة من اجل الاستعداد للشراكة في مجال الزراعة؟ - أولاً، هناك الهيئة العامة للبحوث الزراعية والتي تقوم بدورها بشكل جيد بالتعاون مع الجهات الدولية لوضع معايير وبرامج فنية علمية من اجل استنباط الأصناف الملائمة، سواء كانت محتملة لجفاف أو مقاومة أو متحملة للأمراض او صالحة للحصاد الآلي، وقد تكون أصناف فترة نضجها قصيرة وذات نوعية عالية ومحتوى وخصوصاً بالنسبة للحبوب. والاقماح السورية هي اقماح مشهود لها عالمياً وعليها طلب عالمي لصناعة المعجنات والمعكرونة وأيضا بالنسبة لزيت الزيتون، نحن عضو في المجلس الدولي لصناعة الزيتون ولدينا إمكانية عالية وكميات فائقة من زيت الزيتون بحدود 200 الف طن وخصوصاً ان زراعة الزيتون تنتشر بشكل كبير في سورية ومستقبلاً سنقوم بوضع تقطير مؤسساتي للزراعة العضوية والخالية من المبيدات. ولدينا اتجاه لاتخاذ جميع التدابير المطلوبة لتبني معايير الجودة بعد ان أصبحت مطلباً ملحاً سواء كانت داخلياً او عربياً او دولياً.