تابع إنتاج القمح في سورية ارتفاعه خلال السنة الجارية ووصل الى نحو 4.75 مليون طن، في الوقت الذي تراجع فيه إنتاج القطن، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد النفط في تحقيق عوائد القطع الاجنبي لخزانة الدولة، من مليون طن إلى 800 ألف طن هذه السنة نتيجة تقليص المساحات المزروعة من 250 إلى 190 ألف هكتار. وقالت مصادر اقتصادية إن الموسم الحالي يعد من افضل المواسم التي مرت على البلاد منذ أعوام، اذ يتوقع أن يصل فائض البلاد الى اكثر من مليوني طن من القمح، علماً أن حاجة سورية تقدر بحدود 2.5 مليون طن سنوياً. وقدرت المصادر قيمة محصول القمح والشعير الذي اشترته الدولة من المزارعين بأكثر من بليون دولار. ويعد القطن، الذي انخفضت مساحته المزروعة بسبب الإجراءات الحكومية للحفاظ على المخزون المائي، من المحاصيل الاستراتيجية التي تشكل عماد الاقتصاد المحلي، خصوصاً وان ما يزيد على 20 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 17 مليون نسمة يعتمدون على القطن وتسويقه وتصنيعه. ويبلغ فائض القطن عن الاستهلاك المحلي نحو 60 في المئة من الانتاج. وأدت المواسم الزراعية القاسية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الثلاثة الماضية الى انخفاض انتاج الحبوب بصورة كبيرة وتراجع مدخول المزارعين. وبلغ إنتاج الشعير هذه السنة نحو 921 الف طن والعدس 135 الف طن والحمص 89 الف طن. وقال مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة السورية الدكتور فاهي الشيباني ل"الحياة": "لدى سورية انتاج فائض من القمح والحمص والعدس ولدينا انتاج يقارب الاستهلاك من الشعير بينما كان في الموسم الماضي يفيض عن الاستهلاك المحلي، ونخطط حالياً لزراعة 1.5 مليون هكتار من الشعير ولكن نزرع الآن بحدود مليون طن، ولدينا عجز في محصول الذرة الصفراء حيث نستورد بحدود 400 الف طن سنوياً. وعلى المستوى المنظور سيبقى هذا العجز قائماً لان انتاج الذرة يأتي بعد زراعة القموح وحالياً يتعذر إنتاج الذرة الصفراء بالاعتماد على الآبار كون تصنيف الآبار تراجع في السنوات الاخيرة ولدى الحكومة سياسة للحفاظ على مخزون المياه الجوفية". واشار الى الصعوبات التي لا تزال تواجه تصدير الفائض من الانتاج الزراعي بسبب دعم الدول الاخرى لصادراتها. وكان رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو حذر التجار من تسليم قمح أو شعير أو حمص من انتاج العام الماضي او مهرب، الى مراكز شراء الحبوب. وقال: "ان أي تاجر سيضبط سيحال الى محكمة الأمن الاقتصادي وتصادر الكمية وتوضع في مؤسسة الحبوب كما سيخصص 25 في المئة من إجمالي الكمية المصادرة كمكافأة لكل من يبلغ عن هذه المخالفات". وللتخلص من تخزين الحبوب في العراء تنوي الحكومة بناء 65 صومعة جديدة في السنة المقبلة لتغطية مراكز شراء الحبوب. كما تسعى إلى تنمية الإنتاج، الذي يشكل بشقيه النباتي والحيواني ما بين 22 و26 في المئة من الناتج القومي، بما بين ثلاثة وستة في المئة سنوياً، علماً ان الارقام تشير إلى أن الزيادة في المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح والقطن والشمندر السكري تصل الى خمسة في المئة سنوياً. ويعتقد خبراء اقتصاديون ان سعي الحكومة الى ترشيد استهلاك المياه سيساهم خلال السنوات العشر القبلة في زيادة المساحات المروية، إضافة الى مساهمة الإجراءات الجديدة في إعادة المخزون المائي الجوفي الى ما كان عليه قبل أعوام الجفاف، وذلك عبر التحول الى طرق الري الحديثة وعدم ضخ مياه اكثر من المتجدد سنوياً.