أشاعت اتصالات ليل أول من أمس وأمس أجواء إيجابية بقرب تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة خلال الساعات القليلة المقبلة. وقالت مصادر قريبة من مراكز القرار الرسمي ان اليوم سيشهد ولادتها، وأن إعلان مراسيم التشكيل من القصر الجمهوري"شبه مؤكد اليوم". وحتى مساء أمس كان رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة ما زال ينتظر جواب زعيم تكتل"التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون على العرض الذي كان قدمه اليه أول من أمس، ما ترك هامشاً لاحتمال تأجيل الإعلان عن المراسيم يوماً آخر، خصوصاً أن هذا العرض يحسم مسألة توزيع الحقائب والحصة التي سيحصل عليها تكتل عون، في شكل ينقل البحث الى أسماء الوزراء أولاً والى توزيع الحقائب بين وزراء الأكثرية. وانشغل عون عصراً بإعلان وثيقة طروحات"اللقاء الوطني المسيحي"الذي تأسس أمس، ويضم القادة المسيحيين المنضوين في تشكيلات المعارضة المختلفة، إضافة الى بعض السياسيين الآخرين. راجع ص 6 و7 وإذ ربط العديد من الأوساط السياسية تأخير عون جوابه النهائي بعقده اللقاء المسيحي حيث تحلّق حوله عدد من الرموز منهم الوزير السابق سليمان فرنجية وقادة حزب الطاشناق والرئيس السابق لحزب الكتائب كريم بقرادوني والوزير السابق فارس بويز ونائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي وغيرهم، فإن التفاؤل بولادة الحكومة خلال الساعات المقبلة يعود الى أن عون أبلغ السنيورة عبر مسؤول العلاقات السياسية في"التيار الوطني الحر"جبران باسيل ليل أول من أمس موافقته على مبدأ الاختيار بين حقيبتي الاتصالات والأشغال العامة، إضافة الى حقائب الشؤون الاجتماعية والزراعة والطاقة. كما أن عون وافق على مبدأ حصر الخيار بين هذين العرضين، بعد أن كان طالب بالاتصالات والأشغال معاً وهو ما رفضه السنيورة والأكثرية. وكان عون رفض تجديد السنيورة عرض رئيس المجلس النيابي نبيه بري السابق باعتماد مخرج يقضي بتسمية عون شيعياً لحقيبة سيادية هي الخارجية كانت مطلبه الأول. وعلمت"الحياة"أن عون أكد أنه يريد الحقيبة السيادية لتسمية ماروني لها، وليس شيعياً، خصوصاً أنه إذا سمى شيعياً فإن بري سيحصل على ماروني مقابله، وقالت مصادر واسعة الاطلاع إن عون تجنب تسمية شيعي للخارجية حتى لا يتبع سياسة تحرجه في المواقف التي ستصدر عن وزير يتولى هذه الحقيبة خصوصاً إذا كانت لا تراعي مزاج جمهوره. كما أن السنيورة جدد قبل أيام عرض تسمية عون شيعياً لحقيبة المال مقابل حصول السنّة على حقيبة الخارجية لكن عون لم يقبل به. وفيما أكدت مصادر قريبة من"التيار الوطني الحر"أن عون قبل إعطائه جوابه للسنيورة قرر الأخذ بخيار حقيبة الاتصالات وتوقعت أن يسمي لها الوزير الأرمني السابق آلان طابوريان الذي تولاها في حكومة الرئيس عمر كرامي، وتخلى عن المطالبة بالأشغال، أكدت المصادر المواكبة للمفاوضات حول تسريع تشكيل الحكومة ل"الحياة"أمس أن إعطاء عون جوابه الرسمي للسنيورة سيؤدي الى عقد اجتماع بين السنيورة وعدد من قادة الأكثرية، وخصوصاً المسيحيين منهم من أجل الاتفاق على توزيع للحقائب يحقق التوازن المسيحي ? المسيحي بين المعارضة وقوى 14 آذار، والتوازن المسيحي ? الإسلامي، عموماً، خصوصاً أن السنيورة كان قدم عروضه لعون على أساس سلل عدة من الحقائب والمناصب الوزارية. وكان السنيورة التقى باسيل أمس، ثم نائب رئيس حزب"القوات اللبنانية"جورج عدوان الذي سيعود ويلتقيه اليوم في ضوء جواب عون. وقال عدوان ل"الحياة"إن لا مشكلة في توزيع الحقائب داخل قوى الأكثرية. وعاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بيروت أمس قاطعاً زيارته التي كانت مقررة لكندا لحضور مؤتمر برلماني فرانكوفوني. وتلقى بري فور وصوله اتصالاً من رئيس الحكومة القطرية وزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني كما اتصل برئيس الجمهورية ميشال سليمان والسنيورة. ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله إنه عاد من السفر"لأن الأمور انتهت ولم يكن الأمر يستأهل كل هذا التأخير إذ كان يمكننا أن ننهي تأليف الحكومة منذ أسبوعين وكان البلد ارتاح ونحن جميعاً ارتحنا أيضاً". وتوقع بري بحسب الزوار ان"يمشي الحال غداً اليوم"، ودعا الى تعاون الجميع للخروج من الأجواء الملبدة مبدياً ارتياحه الى انفتاح الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله قبل يومين، معتبراً أن"ردود الفعل عليه كانت جيدة وهذا يؤسس لمصالحة تبدل الأجواء وعلينا أن نعزز هذا المناخ ونستفيد من الجو الجديد لننهي التباعد". وقال بري انه لا يعتقد ان خلافاً سيحصل على البيان الوزاري للحكومة الجديدة إذ أن قاعدته ستستند الى بيان الحكومة المستقيلة واتفاق الدوحة وخطاب القسم. وقال السنيورة بعد لقاءاته في السراي الحكومية إن الأجواء إيجابية على صعيد تأليف الحكومة. وتحدث رئيس حزب"القوات"الدكتور سمير جعجع بعد اجتماعه مع الرئيس سليمان أنه لمس لديه أجواء تفاؤلية وأكد أن تمثيل مسيحيي 14 آذار سيكون كما يجب. وأكدت مصادر الأكثرية ان اختيار الأسماء النهائية للحكومة سيتم في ضوء التوزيع النهائي للحقائب في تركيبة يفترض أن تكون متوازنة. وكان تخلل المهرجان الخطابي الذي شهد ولادة"اللقاء الوطني المسيحي"إعلان وثيقة اللقاء وإلقاء عون كلمة، دافع فيها عن تحالفه مع"حزب الله"مؤكداً أن السياسة الأميركية ? الإسرائيلية تعتمد على قوة السلاح لفرض الحلول. وانه تجاه استضعاف لبنان وتجاهل حقه بأرضه،"كان لا بد من تعزيز مقاومته... وكان تفهمنا للمقاومة وتفاهمنا معها ودعمنا لها في حرب تموز يوليو فأنجزت الانتصار الكبير". وأشار الى الأحداث الأمنية التي وقعت في أيار مايو الماضي، معتبراً أنها كانت"جد محدودة نسبة الى ما أريد لها أن تكون حجماً ونتائج". وإذ كرر معارضته الإدارة الأميركية وسياستها الشرق أوسطية، قال عن تفاهم تياره مع"حزب الله"أن"تسارع الأحداث وما رافقها من جو إعلامي دولي وعربي ومحلي تضليلي لم يسمح لنا بشرح موقفنا غير التقليدي في حرب إسرائيل على لبنان". ورأى عون أن"الوحدة الوطنية لا تصان إلا بالاحترام المتبادل للخصائص والحقوق بين الطوائف". وقال:"لا قوة لنا إلا قوتنا الذاتية، بها نسعى الى تأمين وجودنا من خلال تناغمنا مع مكونات مجتمعنا وانسجامنا مع محيطنا العربي". أما وثيقة اللقاء فتضمنت سلسلة مبادئ وعدداً من المطالب أهمها احترام الدستور ودعم رئيس الجمهورية وتمتين صلاحياته لتمكينه من لعب دوره ووضع نظام داخلي لمجلس الوزراء وإقرار قانون عادل للانتخابات وتصحيح الخلل في تمثيل المسيحيين في الحكومة والإدارة والمؤسسات الأمنية وإنهاء ملف المهجرين وإصلاح الإدارة والقضاء.