دشنت كل من تركياوجورجياوأذربيجان خطوة جديدة على طريق التعاون الاقتصادي والأمني في القوقاز من طريق افتتاح مشروع سكة حديد يربط الدول الثلاث. فتركيا، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال جورجياوأذربيجان، تمد يد التعاون الذي لا يقتصر على الاقتصاد، وإنما يتجاوزه الى التعاون الاستراتيجي. وخط سكة الحديد هذا هو ثالث مشروع استراتيجي، بعد خط نفط باكو - تبليسي - جيهان، وخط الغاز الموازي له. وشأن خط النفط الذي قام بديلاً من الاحتكار الروسي لخطوط النفط من القوقاز وبحر قزوين. فخط سكة الحديد، بدوره، بديل من طريق القوقاز الروسي. وحين إنجاز الخط هذا، والفراغ من المعبر الجديد بين شطري اسطنبول، يصبح السفر براً من شواطئ المحيط الهادي شانغهاي مثلاً شرقاً، الى شواطئ المحيط الأطلسي بريطانيا مثلاً، جائزاً. ولعل الخريطة هذه توضح دور بناء الحلقة المفقودة. ويوسع الخط دائرة التجارة والسياحة، ويربطها بطريق الحرير القديم، وخط سيبيريا شمالاً... وعلى قدر ما يعطي هذا التعاون التركي - الأذري - الجورجي دفعات إيجابية للدول الثلاث اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، يعزز وحدة أرمينيا وانعزالها، وربما كآبتها. فهي بقيت خارج خطط التعاون في المنطقة. وبحسب كثير من المراقبين، فكيفما جاءت نتيجة الانتخابات الأميركية هذا العام، يتوقع ان يحاول اللوبي الأرمني بأميركا حمل الكونغرس الأميركي على الموافقة على"قانون مذابح الأرمن"ضد تركيا. ويكسب اللوبي الأرمني قوة معنوية هائلة. ولكن النصر الافتراضي هذا لن يفيد أرمينيا شيئاً، ولن يغير حالها وعزلتها. ولن يستطيع اللوبي الأرمني ترجمة القانون في الكونغرس الأميركي منافع ملموسة لأرمينيا. ومعروف ان الرئيس الأرمني السابق، بتروسيان، خسر الانتخابات جراء تهمته بالتقرب من أنقرة. ونشهد اليوم سعي الرئيس الأرمني، سركيسيان، الى تحسين العلاقات بتركيا. فالرئيس سركيسيان أرسل للرئيس عبدالله غل دعوة الى حضور كرة مباراة قدم تجري بين البلدين في 6 أيلول سبتمبر الآتي في اطار تصفيات كأس العالم. وهو يبدو مستاءً من استثناء التعاون الاقليمي أرمينيا، وتركها ولا جار تتعاون وإياه غير إيران. وقبل غل الدعوة. وزيارة غل الى اريفان قد تقلب ميزان العلاقات في المنطقة. أفلا تستأهل الخطوة التركية هذه اعترافاً من أرمينيا بالحدود البرية مع تركيا، وبسيادة تركيا على أراضيها؟ ونحن نترك جانباً شرط انهاء الاحتلال الأرمني لمرتفعات قره باخ الأذربيجانية، على رغم خطره ومكانته. أوَليس من المنطقي أن يعترف رئيس دولة بسيادة الدولة الأخرى الجارة قبل أن يدعو الرئيس الجار الى زيارته؟ والحق أن الرئيس عبدالله غل نوّه بهذه المسألة في أثناء الاحتفال بافتتاح سكة الحديد، وترك الباب مفتوحاً أمام مشاركة أرمينيا في مشاريع التعاون الثلاثية هذه من أجل دعم استقرار الشعب الأرمني ورفاهيته. والرئيس الأذربيجاني، وتحتل أرمينيا جزءاً من أراضيه، بدا موافقاً ومباركاً ما كان غل يقوله. ولكن علييف يدرك ان تركيا لن تتخلى عن أذربيجان، وعلى ثقة من دعمها. والموقف التركي - الأذري واحد تجاه أرمينيا. ولكننا نتوقع اعترافاً أرمنياً بالحدود التركية، يعقبه نداء من البرلمان التركي لأرمينيا من أجل فتح المعابر والأبواب، وتبادل التمثيل الديبلوماسي. ولن يكون الدعم الأميركي لهذه الخطوات مفاجئاً. فواشنطن تدعم هذا التوجه منذ خطوه خطواته الأولى. عن مراد يتكين،"راديكال"التركية، 25/7/2008