سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أصدقاء مشتركون نقلوا الرسائل بين نصر الله والزعيم الدرزي وتشكيل لجنة من الجانبين لمعالجة تداعيات أحداث أيار على العيش المشترك . الانفتاح بين جنبلاط وپ"حزب الله" بقي محدوداً بفعل تعبئة الجمهورين ... و"ضغط" الحلفاء
مظاهر الانفتاح والانفراج النسبي، ولو مشوباً بالحذر، بين الفرقاء اللبنانيين لمناسبة الاحتفالات التي حرص المتخاصمون على أن تكون جامعة بعودة الأسرى من السجون الإسرائيلية وكذلك جثامين ورفات الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب في صفقة التبادل مع إسرائيل، دفعت أوساطاً كثيرة الى التساؤل عما إذا كانت ستدوم وتتطور، أم تبقى في حدود ما حصل حتى الآن من خطابات وتصريحات وبيانات، وهل هي نتيجة حسابات داخلية أم أنها نتيجة حسابات خارجية إقليمية متصلة بالتفاوض الجاري على الصعيد الإقليمي والدولي سواء بين سورية وإسرائيل أم بين إيران وأميركا؟ وترى أوساط مراقبة أن هذه المظاهر التي ملأت الصحف ووسائل الإعلام في تصريحات الحرص على أن تكون مناسبة الأسرى جامعة وفرصة للتقارب، تبقى إعلامية وظرفية إذا لم تترجم عملياً بتوجهات سياسية واضحة وتدابير من الفرقاء تسمح بفك الاستنفار الشعبي والحزبي والمذهبي لدى فرقاء في الأكثرية والمعارضة، بحيث يعود التنافس السياسي الى طبيعته المسالمة من دون أن ينعكس تناحراً بين جمهور وآخر بالسلاح والتوتر الأمني. وفي وقت ترصد هذه الأوساط المراقبة كيفية انعكاس مظاهر الانفتاح والتقارب، بعد خطاب الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله وتبادل الإشارات الإيجابية بين رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ووزير العمل محمد فنيش في احتفال تكريم الأسير سمير القنطار في مسقطه في عبيه، سواء داخل الحكومة وعبر بيانها الوزاري، أو عبر محطات عملها المستقبلي، تعتبر الأوساط المراقبة نفسها أن نموذج عبيه لترجمة هذا الانفتاح عملياً، يبقى أكثر النماذج الحسية لاختيار مدى قدرة فريقين أساسيين على تحقيق تقارب في المواقف. وترى الأوساط المراقبة أن الخطوة التي قام بها زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري بزيارة النجف الأشرف في العراق ولقاءاته مع مرجعيات دينية، تلعب دوراً مهماً في خفض مستوى الاحتقان السنّي - الشيعي الذي حصل في لبنان، بل تعطي بعداً إقليمياً للجهود التدريجية المطلوبة لتنفيس هذا الاحتقان، لكنها تتطلب المزيد من الترجمة العملية على الساحة اللبنانية، لأن معالجة تداعيات أحداث أيار مايو الماضي الدموية في بيروت تعني فك الاستنفار السنّي - الشيعي لأنه الأكثر خطراً على الوضع اللبناني، قياساً الى مخاطر أنواع التصادم الأخرى... وفي المعطيات التي سعت الأوساط المراقبة الى تجميعها في البحث عن أفق الانفتاح الذي حصل في مهرجان عبيه، بعد تلاقي الفرقاء جميعاً أثناء استقبال الأسرى في حضور الرؤساء الثلاثة في مطار رفيق الحريري الدولي، ان الاحتفال بتكريم القنطار سبقته اتصالات هيأت لأجواء عرف كل من جنبلاط وپ"حزب الله"كيف يستفيد منها أثناء الاحتفال، من دون أن يعني ذلك أن كل ما حصل كان مخططاً له. لجنة من "حزب الله" والاشتراكي وتشير معلومات جهات واكبت حركة الحزب التقدمي الاشتراكي وپ"حزب الله"الى أن التصريحات التي صدرت عن جنبلاط وعن نصر الله قبل تنفيذ عملية التبادل وخصوصاً إعلان الأخير عند كشفه عن إتمام اتفاق التبادل، قبل أسبوعين، أن لا مانع لدى الحزب من حصول أي لقاء وتصريحات جنبلاط عن أنه سيشارك شخصياً في استقبال القنطار، أدت بأحد الأصدقاء المشتركين الى نقل الرسائل بين الجانبين قبل أسبوعين. وهذه الرسائل المتبادلة ساهمت في إبقاء الفريقين على المستوى نفسه من المواقف الانفتاحية لكل منهما من دون أن يغير في ثوابت سياسته. وتؤكد هذه الجهات أن هذه الرسائل انحصرت بالسعي الى قيام مناخ إيجابي أثناء استقبال الأسرى والاحتفال بعودتهم ولم تتجاوز المناسبة الى تناول عناوين الخلاف الأساسية، باستثناء السعي الى تبريد أجواء الاحتقان بين الجانبين وحفظ العيش المشترك. وتضيف الجهات المواكبة لهذه الاتصالات انها أفضت قبل اسبوعين الى تشكيل لجنة من الفريقين بناء لطلب"حزب الله"يرأسها من جانب الحزب مسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا ومن جانب الاشتراكي النائب عن منطقة عاليه أكرم شهيب، بموازاة اللجنة المشتركة التي تشكلت بين قياديين في حركة"أمل"وآخرين من الاشتراكي، عقب صدامات أيار الدموية والتي بدأت تعمل منذ شهرين على زيارة البلدات والقرى التي شهدت اشتباكات في الجبل، بالتنسيق مع مناصري الوزير طلال ارسلان لتأكيد العيش المشترك. وتقول الجهات نفسها إن الحزب أحجم خلال الشهرين الماضيين عن المساهمة في الجهد المشترك بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبين جنبلاط واللجنة التي شكلاها لمعالجة آثار الصدامات التي حصلت في الجبل، بل ان بعض قيادييه لعب دوراً في إعاقة بعض اللقاءات الدرزية ? الشيعية، فجاء تشكيل اللجنة برئاسة صفا وشهيب ليغيّر من التوجه السابق. وفيما لاحظت أوساط وزارية ونيابية أن تعاطياً فائق الود حصل بين نواب الحزبين أثناء لقائهما في المطار لاستقبال الأسرى، ذكرت الجهات التي واكبت التحضيرات لاحتفال عبيه ان جولة ثانية من الاتصالات غير المباشرة أجريت بين الجانبين، عبر قنوات عدة أبرزها ارسلان، الذي كان على تواصل مع جنبلاط للاتفاق على برنامج الاحتفال والدعوات والخطباء، وتوقف الجانبان أمام مطالبة الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي بأن يتكلم باسميهما من يمثلهما، بعدما كان ارسلان وجنبلاط وبعض مشايخ الدروز اتفقوا على حصر الكلمات بالزعيمين الدرزيين. وفي معرض البحث عن تفادي الحساسيات الدرزية في تحديد الخطباء اقترح جنبلاط على ارسلان أن يحضر"حزب الله"ويتكلم باسمه أحد قادته، فنقل الثاني الاقتراح وعاد برسالة"تقدير وشكر من السيد نصر الله"الى جنبلاط على مبادرته الى هذا الاقتراح. وتشير الجهات التي واكبت محطة عبيه، أن كلمة جنبلاط في عبيه صيغت بدقة كبيرة، وحافظ فيها على لهجة هادئة، وانفتاحية وأطلق جملته الطويلة التي عدد فيها عدداً من المبادئ التي لا تتناقض مع المقاومة من الاستقلال والسيادة والازدهار والتعدد والتنوع والمحكمة والعيش المشترك والدولة... مستدركاً بعبارة"بعد الاتفاق على إتمام الخطة الدفاعية"ومشيراً الى أن"لا سلاح لحماية السلاح المقاومة إلا سلاح الوحدة الوطنية". وإذ رأى الكثير من حلفاء"حزب الله"ومن حلفاء جنبلاط أن الأخير"يستدير كعادته ويغيّر مواقفه"، فإن المقربين من جنبلاط دعوا الى"قراءة كلامه جيداً"، مذكرين بإشارته الى اغتيال كمال جنبلاط برصاص الغدر والى"بيروت الجريحة"وبشهداء ثورة الأرز والرئيس رفيق الحريري... ويعتبر المقربون أن جنبلاط أبدى انفتاحاً، لكنه بقي على ثوابته... وفي المقابل، فإن بعض حلفاء"حزب الله"وحلفاء جنبلاط وجدوا لهجة جديدة في رد الوزير فنيش الذي رد التحية لحديث جنبلاط عن التراث النضالي المشترك بين الضاحية والجنوب والجبل وبيروت... بالتأكيد"اننا لن ننسى تاريخنا المشترك"، وجدوا تغييراً في موقف الحزب حيال الخصم الجنبلاطي استدعى من بعض حلفاء الجانبين التساؤل عما إذا كان يغيّر موقفه من جنبلاط وإذا كان ينفذ بدوره استدارة جديدة على الصعيد الداخلي. التعبئة وتشدد الجمهور والحلفاء إلا أن الجهات التي واكبت محطة عبيه وما سبقها دعت، مع تسجيل إيجابيات ما تخللها، الى عدم المبالغة في تحويلها الى مقدمة لتحالف جديد أو فرط تحالفات قديمة. وسجلت هذه الجهات الملاحظات الآتية: - ان ردود الفعل على كلام"حزب الله"وجنبلاط، فضلاً عن تعاطي جمهوري المعارضة والموالاة مع هذا الكلام بشيء من عدم الارتياح الى مواقف قادته حيال الفريق الخصم، تدل الى مدى خطورة الانقسام السياسي والشعبي في البلاد، والى أي مدى باتت القوى السياسية المتخاصمة أسيرة مواقفها التي أخذتها في المرحلة السابقة وعبأت هذا الجمهور على أساسها. وترى الجهات المواكبة لمحطة عبيه، أنه فضلاً عن الهتافات المتعارضة والمتنافرة التي حصلت أثناء الاحتفال وردود فعل الجمهور على بعض ما قيل، فإن إحداث التقارب السياسي يتطلب جهداً استثنائياً وكبيراً، نظراً الى أن تنفيس أجواء الاحتقان التي قامت بفعل التعبئة والتي أخذت منحى مذهبياً لم يحصل من قبل في تاريخ العلاقات السياسية اللبنانية، يتطلب وقتاً، ليحصل بعدها الانتقال الى وضع سياسي وشعبي جديد. - على رغم عدم تطرق الفريقين في سياق اتصالاتهما غير المباشرة تحضيراً لمحطة عبيه، الى أي بحث سياسي معمّق أو تعاون سياسي بينهما، فإن حلفاء لپ"حزب الله"، لا سيما في"التيار الوطني الحر"أخذوا يطرحون الأسئلة عن إمكان العودة الى تحالف رباعي إسلامي وأجروا اتصالات في هذا الصدد للاطمئنان الى الأمر، في وقت لا يرى الفريقان اللذان تبادلا عبارات الانفتاح أي إمكان للعودة الى مثل هذا التحالف. - وفي رأي الجهات المواكبة نفسها أن تحالفات الفرقاء المتخاصمين تشكل عنصراً ضاغطاً عليهم، مثلما هو مستوى التعبئة التي بلغت حداً مفتعلاً في بعض محطات الصراع السابق، لأن الكثير من هذه التحالفات ومفاعيلها حصل وترسخ نتيجة نكايات وأحقاد أخذت على رغم الحاجة الى استمرارها تكبّل قادة رئيسيين وفاعلين في أي خطوات انفتاحية ولو محدودة يقومون بها. لكن الجهات المواكبة نفسها تعتبر أن ثمة عوامل سياسية أخرى تلعب دوراً في تأخير عملية طي الصفحة الماضية وهي أن كل فريق ينتظر التطورات الجارية على الصعيد الإقليمي قبل أن يتخذ قراراً نهائياً وتدابير جذرية بفك الاستنفار الذي بناه في المرحلة السابقة.