يستحق الإسرائيليون والفلسطينيون سلاما عادلا ودائما. فمن دونه ستستمر المعاناة ولن يحقق أي من الشعبين طاقاته الكامنة الحقيقية. وسيكون العالم بأسره هو الخاسر الأكبر بكل تأكيد. أسجل إعجابي بجهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت على طاولة المفاوضات. وهما يحتاجان إلى الدعم التام من قبل المجتمع الدولي، بخاصة وأنهما يضطلعان بمهمة ومسؤولية تاريخية تجاه شعبيهما. أعتقد أن هناك وضوحاً بشأن الإطار العام للحل الدائم: دولة فلسطينية متصلة الأراضي قادرة على البقاء وتتمتع بمقومات الدولة بناء على حدود عام 1967، تزدهر إلى جانب إسرائيل آمنة ضمن حدودها الخاصة، وتكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين، مع حلول عادلة ومقبولة من كلا الطرفين في ما يتعلق باللاجئين والترتيبات الأمنية، والتخصيص العادل لموارد المياه. هذه الأمور كافة تعتبر أساسا مشتركا بالنسبة الى الكثيرين جدا من المواطنين العاديين من فلسطينيين واسرائيليين. هذه هي القرارات السياسية الرئيسية الواجب اتخاذها. ويجب أن تبقى ذات أولوية مطلقة. فلا يمكن لأي قدر من المساعدة الاقتصادية أو غيرها من ضروب المساعدة أن تحل محل الشجاعة السياسية اللازم إبداؤها من قبل الأطراف المعنية. لكن عندما نتحدث عن دولة فلسطينية تملك مقومات الحياة، نعني بذلك أيضا دولة ذات مقومات اقتصادية، وسوف أستمر في تشجيع التركيز بشكل خاص على الاقتصاد. وقد أعددت، حتى من قبل أن أصبح رئيسا للوزراء،"خريطة طريق اقتصادية"لأجل السلام. فالنمو الاقتصادي يمكن أن يعود بالنفع على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، وهذه جهود يمكننا البدء بها الآن. وبذلك يمكننا أن نحسن الجو العام أمام التطور السياسي. يجب أن نكون مستعدين لتأييد اتفاق ما عند التوصل إليه. وأمام القطاع الخاص دور مهم ليلعبه. فالوفد التجاري الذي يرافقني في جولتي سيعتريه الحماس لرؤية النمو الاقتصادي في إسرائيل وما حققته هذه الدولة اليافعة خلال 60 عاما فقط. كما أعتقد أنهم سيقدّرون التقدم الذي أحرزته السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس عباس ورئيس الوزراء سلام فياض حيال خلق بيئة للتجارة والاستثمار. إذا كان لديكم شك حول كون القطاع الخاص ينبض بالحياة، انظروا إلى دور رجال الأعمال الفلسطينيين في المنطقة. فنجاح الإسرائيليين والفلسطينيين في الشتات يشكل عاملا مشتركا بينهم. وقد برهن مؤتمر الاستثمار الفلسطيني الذي تمت استضافته في بيت لحم في شهر أيار مايو الماضي للعالم أن"فلسطين مفتوحة للتجارة". لقد كان ذلك المؤتمر بتنظيم فلسطيني 100 في المئة رغم أنه تم بتسهيل من قبل الحكومة الإسرائيلية. ويجب أن نبني المزيد على هذا التعاون. الطريق أمامنا لن يكون سهلاً. وأنا لا أقع تحت وطأة الأوهام، كما لا أطلب من أحد أن يعمل ضد مصالحه الخاصة. أدرك حق الحكومة الإسرائيلية وواجبها حيال ضمان أمن مواطنيها، كما أقر بالجهد الذي تبذله السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لتحسين سجلها الأمني، والنجاحات التي حققتها. يمكن للتعاون، كما في بيت لحم، أن يعود بالفائدة على كلا الطرفين وأن يدعم القوة الدافعة تجاه السلام. كيف لنا أن نساهم في فتح المجال أمام هذا الاحتمال؟ قبل كل شيء، لن يزدهر الاقتصاد من دون تغييرات ملحوظة في الضفة الغربية وآمل بأن يحدث ذلك لاحقا في غزة أيضا. ويجب أن تزال القيود المفروضة على حركة البضائع والمستثمرين. ويجب أن يتوقف التوسع في المستوطنات الإسرائيلية في القدسالشرقيةوالضفة الغربية. ويحتاج الفلسطينيون بدورهم لبذل المزيد من الجهود لتحقيق الاستقرار الذي يحمل أهمية بالغة بالنسبة اليهم وبالنسبة الى اسرائيل أيضا. وهذا أمر حاسم من أجل أن يتحقق السلام. يعمل مبعوث اللجنة الرباعية، توني بلير، محاولا إحراز تقدم حيال هذه المناقشات، وتنفيذ المشاريع التي سوف تعود بالنفع على الشعبين. ويمكن بذل المزيد، بل ويتوجب بذل المزيد. وأحث الجميع على النظر إلى ذلك على أنه أولوية لبناء السلام. يتوجب على الإسرائيليين والفلسطينيين النظر إلى بعضهم البعض على أنهم سيكونون جيراناً وشركاء في المستقبل. يسهل قول ذلك من قبل الغرباء، ولكن الكثيرين من ذوي العقول المستنيرة الذين يتحلون بالشجاعة من كلا الشعبين يقولون الشيء ذاته. فالاقتصاد هو المجال الذي يمكننا البدء منه لبناء العلاقة الجديدة لتحقيق مصالح متبادلة. وتبقى بريطانيا على أهبة الاستعداد كي تلعب دورها في هذا المسعى البالغ الأهمية. * رئيس الوزراء البريطاني