أخيراً وبعد أشهر من الانتظار والمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، سيكون بإمكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان يكون أول زعيم غربي يهنئ الرئيس الجديد العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا. فساركوزي يختلف عن معظم أعضاء الطبقة السياسية الفرنسية. فهو لم يزر من قبل هذا البلد الذي تربطه علاقات وطيدة بفرنسا"الأم الحنون". ويقول أحد المقربين منه إن حلم ساركوزي كان دائماً ان يزور لبنان. فهو تعرف الى عدد كبير من اللبنانيين المقيمين في فرنسا عندما كان عمدة ضاحية"نويي سورسين"الباريسية، فكانوا من ناخبيه، والبعض منهم كان نشطاً في الحزب الديغولي الذي أتى به الى الرئاسة. وخلال حملته الانتخابية دعا مجموعة كبرى من اللبنانيين الفرنسيين الذين انتخبوه الى وزارة الداخلية ليشرح نظرته المستقبلية لسياسة فرنسا في لبنان. فكان يؤكد على ضرورة استقلال وسيادة لبنان وعلى تعلقه بمسار المحكمة الدولية لمعاقبة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لقد وضع ساركوزي زيارته للبنان ضمن برنامجه المليء بالمواعيد قبل تسلم فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي في اول تموز يوليو المقبل. وسينتقل يوم السبت المقبل من اليونان مباشرة الى بيروت لتهنئة الرئيس سليمان وابلاغه دعم فرنسا واهتمامها بأمن واستقلال وسيادة لبنان. فلبنان يمثل للغرب رمز التعايش بين المسلمين والمسيحيين وساركوزي حريص على هذا النموذج من التنوع الذي كثيراً ما يشيد به. وأهمية زيارة ساركوزي هي ان كبار المسؤولين الفرنسيين يمكن أن يرافقوه فيها. فقد تردد ان رئيس الحكومة فرانسوا فيون قد يرافقه. وفيون يعرف لبنان وقد زاره عندما كان وزيراً في عهد الرئيس السابق جاك شيراك عندما رافقه الوزير السابق ميشال إدّه الى صيدا. حتى ان فيون تذكر أمام زواره أن إدّه دعاه الى تذوق البوظة العربية الشهيرة على طريق صيدا. كما سيضم الوفد المرافق لساركوزي وزراء الدفاع هيرفي موران والخارجية برنار كوشنير والمالية كريستين لاغارد ورئيس الأركان الجنرال جو رجولان، اذ ان ساركوزي سيزور القوات الفرنسية العاملة ضمن قوات الأممالمتحدة العاملة في جنوبلبنان. ولزيارة ساركوزي أهمية كبرى كونها تؤكد التزام فرنسا الاستمرار في لعب دور لمساعدة لبنان على استعادة عافيته وسيادته الكاملتين وانتعاش اقتصاده. كما سيكلف وزير الدفاع هيرفي موران وضع اكليل على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكان محبذاً أن يقوم بنفسه بهذا التحرك لولا ضيق وقت الزيارة! وتأتي هذه الزيارة بعد تنسيق كبير مع اصدقاء فرنسا من العرب. فقد التقى ساركوزي الرئيس المصري حسني مبارك أول من أمس في روما على هامش قمة"الفاو"وتحدث معه عن الزيارة وعودة الحوار الفرنسي - السوري، كما بعث رسالة مع هيرفي موران إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واضعاً اياه في صورة زيارته للبنان واتصالاته بسورية. وفرنسا ساركوزي تربطها علاقة وثيقة بأمير قطر ورئيس حكومته اللذين لم يكونا بعيدين عن دفعه لإعادة الحوار مع دمشق كمكافأة للنظام السوري لعدم عرقلة التوصل إلى اتفاق الدوحة. وتعتبر الرئاسة الفرنسية ان الحوار مع سورية وإيران مهم لأن الدولتين فاعلتان في المنطقة، خصوصاً في الملف اللبناني. ففرنسا ساركوزي تريد الحوار مع سورية لتساعد على تهدئة الامور في لبنان. وينتظر أن يلقي ساركوزي كلمة خلال حفل الغداء الذي يقيمه الرئيس سليمان على شرفه ثم ينتقل إلى السفارة الفرنسية حيث يلتقي الجالية الفرنسية في لبنان ثم يزور القوات الفرنسية في الجنوب ويغادر لبنان حاملاً انطباعاته التي سينقلها إلى صديقه الرئيس الأميركي جورج بوش الذي يزوره مساء الجمعة 13 الجاري في قصر الاليزيه ثم يلتقيه في اليوم التالي لجلسة عمل سيكون موضوع لبنان وسورية وإيران من ضمن المحادثات التي تتناولها.