على رغم أن رأي وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية في رزمة مقترحات مجموعة 5+1 أعضاء مجلس الأمن الى ألمانيا سلبي، أعلن علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، أن البرلمان يدرس الرزمة. وقال علاء الدين بروجوردي، رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في المجلس، ان ايران تتأنى في إبداء رأيها فيها. والتصريحات هذه قرينة على ان البرلمان الإيراني هو من يرد على حزمة مقترحات الدول الست الكبيرة في العالم، وليست حكومة محمود احمدي نجاد، وعلى أن الرد الرسمي الإيراني لن يعلن في وقت قريب. وتود دول مجموعة 5+1 أن تعلن ايران ردها في اسابيع قليلة. واذا تأخر الرد الإيراني كثيراً، اتهمت أميركا وحلفاؤها الجمهورية الاسلامية بتضييع الوقت، وحملوها على اعلان رد صريح ونهائي. وقد تنتهج الجمهورية الإسلامية سياسة سبق أن انتهجتها حين صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598. وهذا أوقف حرب الأعوام الثمانية بين ايران والعراق. ويومها لم توافق ايران على القرار 598 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 1987. ولكنها امتنعت من رفض القرار رفضاً صريحاً. والحق أن ايران لم توافق على القرار 598 الا بعد ان استعاد الجيش العراقي السيطرة على مواقع القوات الإيرانية بالأراضي العراقية، وبعد ان تدنت أسعار النفط، وعوّق تدنيها استمرار القتال. ورأى أعضاء مجلس الأمن الدولي ان عزوف ايران عن اعلان موقف رسمي صريح من القرار 598 هو رفض له. فزادوا الضغوط على الجمهورية الإسلامية لحملها على قبوله. وعليه، يبدو ان مبالغة ايران في التردد في الرد على مقترحات الدول الست الكبيرة، تضعف حظوظ ايران في النجاة من طوق العقوبات الاقتصادية والسياسية. وربما مرد تضييع ايران الوقت الى حاجتها الى اجماع التيارات المختلفة النافذة على قبول الحوافز. وزعمت بعض وسائل الإعلام الرسمية أن هذا العرض"خاوي الوفاض". ولكن الرزمة الدولية تتعهد تزويد ايران تكنولوجيا نووية سلمية، وتطبيع علاقاتها بأميركا والاتحاد الأوروبي، وعودتها الى موقعها الإقليمي والدولي، ومنحها ضمانات امنية لقاء تعليق تخصيب اليورانيوم. والحق ان رفض الحوافز ومواصلة تخصيب اليورانيوم تثير أزمة نظام سياسي عادي. فالنظام يقوّم ما يعرض عليه بناء على ثمن الخطوة والفائدة المرجوة منها. ويبدو أن القادة الإيرانيين يستخفون بمنطق النظام السياسي"الطبيعي"والعادي. فعلى ما يردد هنري كيسنجير، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، لم يحسم القادة الإيرانيون أمرهم في مسألة جوهرية. فهل هم مسؤولون عن إدارة بلد ودولة، أم مسؤولون عن انجاز ثورة. وقد يكون وراء بعض الخلافات السياسية الغامضة في الجمهورية الاسلامية التباس في موقف القادة من هذه المسألة. ولا شك في ان حزمة مجموعة" 5+1"وضعت النظام السياسي الإيراني على مفترق طرق الاختيار بين الدولة والثورة. فإذا وافقت الجمهورية الاسلامية على عرض الحوافز، سلكت الطريق نحو نظام سياسي عادي وطبيعي يشبه الانظمة السياسية الأخرى في العالم. عن أحمد زيد آبادي، موقع"بي بي سي"بالفارسية، 15 / 6 / 2008