«سنهبط في غضون 20 دقيقة».. رسالة إحدى ضحايا الطائرة الأمريكية لزوجها    رونالدو يقود النصر للفوز على الرائد    نيمار يُعلن عودته إلى سانتوس البرازيلي    نادي الاتحاد يعلن تعاقده مع لاعب برشلونة    إحباط تهريب 2.9 كجم "حشيش" و1945 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في تبوك    أحمد الشرع: أسعى لتحقيق وحدة ونهضة سوريا    الأمير خالد بن سلطان وباخشب يرفعان حدة التحدي قبل انطلاق سباق الأساطير برالي حائل    «الأونروا» تعلن نقل موظفيها خارج القدس المحتلة بسبب قرارات إسرائيل    مصحف «تبيان للصم» وسامي المغلوث يفوزان بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام    وزير الإعلام: العلاقات بين السعودية والبحرين تاريخية    أمير منطقة جازان يزور مركز تطوير البن السعودي    الذهب يسجل رقما قياسيا ب 2796 دولارا للأوقية    رسميًا.. الشهري يقود الاتفاق حتى نهاية الموسم    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    الدحيل القطري يعلن تعاقده مع النجم المغربي حكيم زياش    تكرّيم 30 منشأة بجائزة العمل في دورتها الرابعة    أمريكا: نمو الاقتصاد يتباطأ بأكثر من المتوقع    شراكات جديدة بين هيئة العلا ومؤسسات إيطالية رائدة    «تاسي» يودع يناير مرتفعاً 3.15%.. كاسباً 379 نقطة    الأمين العام لمجلس الشورى رئيسًا بالتزكية لجمعية الأمناء العامّين للبرلمانات العربية    تتيح لهم حضور الجلسات القضائية بالصوت والصورة.. «العدل» تُطلق مبادرة خدمات السجناء    ليندو السعودية تحصل على 690 مليون دولار أمريكي من جيه بي مورغان    القيادة تهنئ أحمد الشرع برئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية    استشاري طب نفسي: 10% من مشاهر شبكات التواصل مصابين بالانفصام    تجمع القصيم الصحي يفوز بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    "مفوض الإفتاء بمنطقة حائل":يلقي عدة محاضرات ولقاءات لمنسوبي وزارة الدفاع    أمانة القصيم تستعرض إنجازاتها لعام 2024 بإبرام عقود استثمارية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم مبادرة " تمكين المرض"    الديوان الملكي: وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    ترامب يأمر بإعداد منشأة في قاعدة غوانتانامو لاحتجاز 30 ألف مهاجر غير شرعي    وزارة الشؤون الإسلامية تقيم يومًا مفتوحًا للمستضافين في برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة    الأرصاد: سحب رعدية ممطرة على مرتفعات مكة والجنوب وأمطار خفيفة بالرياض والشرقية    المفتي للطلاب: احذروا الخوض في منصات التواصل وتسلحوا بالعلم    سيراً على الأقدام .. المستكشفة «موريسون» تصل العلا    لأول مرة.. إطلاق التقويم المدرسي برياض الأطفال والطفولة المبكرة والتربية الخاصة    مجمع الملك سلمان العالمي يُطلق «تقرير مؤشر اللغة العربية»    المملكة تؤكد دعمها لاستقرار وتنمية اليمن    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    عشر سنبلات خضر زاهيات    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال (15) إلى سوريا    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    «بينالي الفنون» يُثري زواره بكنوز الحضارة الإسلامية    مختبر تاريخنا الوطني    غداً.. محمد عبده يُجسد فلسفة الخلود الفني على مسرحه في الرياض    المسلسل مستمر    حرب الذكاء الاصطناعي.. من ينتصر؟!    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    شخصية الصرصور    إطلاق حملة للتبرع بالدم في الكورنيش الشمالي بجازان    خطورة الاستهانة بالقليل    الإرجاف فِكْر بغيض    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    وزير الموارد البشرية يكرّم 30 منشأة فائزة بجائزة العمل في نسختها الرابعة    «السياحة الثقافية».. عندما تصبح الفنون جواز السفر    الشيخوخة إرث وحكمة    انطلاق مؤتمر السكري والسمنة في جدة «5 فبراير»    قبائل الريث تعزي الأمير عبدالعزيز بن فهد في وفاة الأمير محمد بن فهد    أهالي الشرقية ينعون الأمير محمد بن فهد    









التصدير وصناعات متدنية القيمة المضافة ... ركيزة النهضة الصينية الاقتصادية
نشر في الحياة يوم 25 - 06 - 2008

تعود جذور نهضة الصين الاقتصادية الى دينامية طبقة التجار الصينيين في العصور الوسطى. وفي منتصف القرن التاسع عشر، إثر انتهاء ما عرف بپ"حرب الأفيون"، وهي اندلعت بعد حظر السلطات الصينية استيراد البريطانيين الأفيون الهندي وانتهت بهزيمة الصين، اضطر الحكم الصيني الى فتح أجزاء من مرافقه ومرافئه أمام التجار الأجانب. وألقى الانفتاح التجاري الضوء على تأخر الصين الصناعي عن الغرب وثورته الصناعية. فبادر مسؤولون رفيعون في مقاطعتي جنوب الصين ووسطها الى تطوير عتاد جيشهم الحربي لمضاهاة السلاح الغربي. وأدرك هؤلاء أن تطوير الاسلحة هو رهن استخراج الحديد والفولاذ والمواد الأولية والإنتاج الصناعي. وخرجت الدولة الإمبراطورية على عرف امتناعها من التدخل في قطاع الانتاج واقتصار دورها على إنشاء مخازن حبوب وطنية. وبين 1850-1860، تولى الحكام المحليون في المقاطعات الصينية إنشاء مصانع الاسلحة والسفن، وتمويل عمل المصانع. فأرسوا نظام شراكة بين القطاع العام والتجار وأصحاب رؤوس الأموال الخاصة. ويعود الفضل الى هذا الضرب من الشركات في استبطان الصين مفهوم الصناعة الحديثة وتبنيه، وفي الحرص على تدريب مهندسين وتقنيين.
وفي مطلع القرن العشرين، أرست امبراطورية ماندشو الصينية المنهزمة في نزاع مع اليابان على كوريا في 1895، أسس مؤسسات التجارة الحديثة، وأنشأت وزارة تجارة، وسنّت قوانين تنظم مداولات المجتمع التجاري. ولكن ثورة 1911 أطاحت الحكومة الإمبراطورية الصينية التي عجزت عن تطبيق سياستها الاقتصادية. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى وتقويض أمراء الحرب السلطة المركزية الصينية، شهدت الرأسمالية الصينية"عصراً ذهبياً"، منذ بداية الحكم الجمهوري الى 1927. وارتفع الإنتاج الصناعي 13 في المئة سنوياً بين 1912 و 1929. وازدهرت الأعمال الخاصة، ورفعت قيود الحكم المركزي المتهاوي عن الشركات وأعمالها. ولم تعد الشركات ملزمة دفع الضرائب واستخراج إجازات العمل. وفي الحرب الأولى، أسهم رحيل التجار الأجانب عن الصين في نشوء صناعات بديلة في قطاعات الاقمشة والغذاء بالمناطق الساحلية. وازدهرت صناعات القطن في شنغهاي، والمطاحن ومعاصر الزيتون ومصانع التبغ وأعواد الكبريت في منطقة كانتون. وازداد عدد الشركات الصغيرة المخصصة في صناعة الصابون والزجاج والسجاد وآلات الخياطة. فنشأت شركات خاصة كبيرة مثل شركة آل رونغ، وماوكسين وفوكسين.
وأجازت معاهدة شيمونوسيكي اليابانية - الصينية، الموقعة في 1895، للتجار الأجانب فتح مصانع في المرافئ الحرة. فاستعان أصحاب العمل الغربيون بتجار محليين، وأبرموا شراكات معهم. فاكتسب الصينيون أصول إدارة الاعمال الحديثة ووسائل الانتاج الصناعية. وخلفت الصناعات الغربية أثراً كبيراً في القطاع الصناعي التقني، وفي قطاع التجارة وفي أنظمة عمل الشركات الداخلية. وعلى سبيل المثال، استعانت متاجر"وينغ أون"الكبيرة بمهارات خبراء أجانب لتطوير اساليب البيع والتسويق والتجارة.
ولا شك في أن أثر الغرب الصناعي في التجارة الصينية لم يطح التراث الكونفوشيوسي الصيني، ومبادئه التي تكرس غلبة العلاقات العائلية على قطاع الاعمال وعلاقاته. ولم يتقهقر القطاع الصناعي والتجاري إثر بلوغ الحزب الشيوعي السلطة، من 1949 الى حين تأميم الشركات الصناعية في 1956. فالسلطات الشيوعية لم تبادر الى مصادرة الشركات الخاصة، بل غيّرت طبيعة ملكيتها. فالقطاع العام شارك اصحاب الشركات الخاصة في ملكية شركاتهم. ولم يحل هذا الضرب من الملكية دون تقاضي مالكي هذه الشركات نسبة من الارباح، ودون مواصلة توليهم إدارة هذه الشركات.
فالقادة الشيوعيون وجدوا أنفسهم أمام جيش من الفلاحين، وأدركوا أنهم عاجزون عن تنظيم الصناعة والانتاج. وطوال عقد بعد بلوغهم السلطة، حاول الشيوعيون استمالة كبار رجال الاعمال للتوسط بينهم وبين التكتلات الاقتصادية. وانتهج قادة الحزب الشيوعي"سياسة الجبهة الواحدة". وبموجب هذه السياسة، شرّع عمل الشركات الخاصة، وتمويل القادة الشيوعيين جزءاً من الشركات الخاصة، ومدها بالمواد الاولية. وفي 1950، اشترى الحكم المحلي في تيانجين مجمل كمية الاقمشة المنتجة في الشركات الخاصة. ودعيت الطبقة العمالية الى القبول بتخفيض رواتبها وإطالة ساعات العمل. وفي 1957، بعد رد السلطات العنيف على"حركة المئة زهرة"، وهي دعت الى تعدد الآراء، لم يبادر الشيوعيون الى اعدام أصحاب رؤوس الاموال الرأسماليين، على ما فعلوا مع ملاّك الأراضي.
ولكن قطاع الاعمال الخاصة ذوى شيئاً فشيئاً، ولم يتبق منه سوى شركات صغيرة أو نواتية واظبت على عملها في الخفاء. وشغل كبار المقاولين وبعض كبار أصحاب العمل مناصب إدارية في الشركات المؤممة. وأدى هؤلاء دوراً بارزاً في مطلع حقبة انفتاح الصين على الحداثة الصناعية، بعد وفاة ماو تسي تونغ، في 1976. ومع دينغ زياوبينغ، وهو أدرك تأخر بلاده في القطاعات الصناعية والدفاعية والعلمية والتكنولوجية، السلطة، في 1978، استأنفت الصين علاقاتها بالنظام الرأسمالي، وانفتحت على التبادل التجاري الدولي. وتكلل هذا الانفتاح التجاري الصيني بانضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية، في 2001. وبعث الحزب الشيوعي المبادرة الفردية في قطاع الانتاج الزراعي، وفتح الاسواق الصينية بوجه الاستثمارات الاجنبية.
ففي 1979، أنشأ الحزب الشيوعي أربع مناطق اقتصادية تقدم تسهيلات مالية واعفاءات ضرائبية وجمركية للمستثمرين، في المحافظات الجنوبية. وفي 1984، امتدت الاصلاحات الى القطاع المديني. فانبعثت الشركات الخاصة الصغيرة التي يملكها حرفيون أو أصحاب مهن، على غرار مزيني الشعر ومصلحي الدراجات وآلات التصوير، والإسكافيين، والبائعين المتنقلين. وفي البدء، حظر الحزب على الشركات الصغيرة استخدام أكثر من سبعة مأجورين. وهو أناط بهذه الشركات مسؤولية امتصاص شريحة من العاطلين عن العمل من العائدين من الارياف الى المدينة، بعد انتهاء الثورة الثقافية. وفي 2004، أقر الدستور الصيني حق الأفراد في اقتناء ممتلكات خاصة. وفي مطلع 1992، زار دينغ زياوبينغ الجنوب الصيني، مقر الاعمال والمقاولين. وانتهج سياسة جديدة رفعت القيود عن اقتصاد السوق.
وعلى خلاف أنظمة اوروبا الشرقية الشيوعية السابقة، لم تلتزم الصين برنامج اصلاحات منظماً ومتكاملاً. وأفضى هذا الاصلاح غير المتوازن الى تباين اقتصادي بين مناطق جنوب الصين، ومناطق الشمال الشرقي، ووسط الصين الفقير. وفي عقدين من الزمن، لم تتعد حصة هذه المناطق من الاستثمارات الأجنبية الپ25 في المئة، في حين أن المدن الساحلية حصلت على 75 في المئة من هذه الاستثمارات.
وصلة الشركات الكبرى الصينية بالسلطات المركزية والمحلية وثيقة. وعدد لا يستهان به من اصحاب هذه الشركات ومديريها هم من أعضاء الحزب الشيوعي. ولا يضع هؤلاء خططاً طويلة الامد لتطوير الشركة التي يديرونها، بل يسعون الى جني الأموال سريعاً، عوض استثمار رأس المال في تطوير الشركة، وتدريب موظفيها، أو في تعزيز أسس بقائها. ولا يستطيع مديرو الشركات والمقاولون إدارة أعمالهم في معزل من دعم السلطات العامة. فأعمال الشركة البسيطة، مثل شراء قطعة أرض أو الحصول على اجازة بناء أو قروض مصرفية، هي رهن رضا السلطات العامة على الشركة وتأييدها خطواتها. والحق أن الخبراء منقسمون في الرأي حول قدرة هذا النظام الاقتصادي على تجاوز الصعوبات والبقاء على قيد الحياة. فالاقتصاد الصيني يستند الى ركيزتي التصدير وصناعات قيمتها المضافة متدنية. وتعاني معظم الشركات الحكومية من عجز مالي، وينوء القطاع المصرفي تحت عبء تراكم القروض المشبوهة.
عن ماري - كلير بيرجير، "ليستوار" الفرنسية، 6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.