هل يمكن الوثوق بالحكومة البريطانية العمالية، في ظل رئيسها غوردون براون، او بكبار الموظفين، في حفظ أسرار المواطن المصرفية او الصحية او الامنية؟ الجواب هو"لا"كبيرة عند أجهزة الإعلام ورعايا الملكة بعدما تكررت حوادث فقدان اقراص مدمجة، او سرقتها، تحتوي على معلومات خاصة"لا تُقدر بثمن". وعشية اقرار مجلس العموم، قانون زيادة فترة التوقيف الاحتياطي للمشتبه بأن لهم علاقة بالإرهاب، اضاع موظف كبير في الاستخبارات، ملحق برئاسة الحكومة، ملفاً يضم وثائق مصنفة"سرية للغاية"في قطار بين لندن والضواحي تتناول تنظيم"القاعدة"والعراق. راجع ص 2 وكان مسافر عثر على الوثيقتين في القطار وسلمهما لاحقاً الى هيئة الاذاعة البريطانية. وحمل التقرير الذي يتناول"القاعدة"عبارة"عناية بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واستراليا"، أي أنه لا يحق إلا لأجهزة في هذه الدول الاطلاع عليه. ويأتي الحادث بعد سلسلة من"الخروقات الامنية"مع فقدان اقراص مدمجة تضم معلومات شخصية حساسة، فقد اضاعت مصلحة الضرائب في تشرين الثاني نوفمبر الماضي اقراصاً معلوماتية تحتوي على ملفات تتناول تعويضات عائلية تخص 25 مليون شخص. وعرضت وزارة الخزانة مكافأة 20 ألف استرليني لمن يعثر على الاقراص او يساعد في اعادتها آمنة، من دون النجاح في استرجاع الاقراص او منعها من الوقوع في ايدي"المغامرين". كما فقدت مصلحة تسجيل السيارات، التي تُصدر تراخيص القيادة والمركبات، سجلات عن ثلاثة ملايين شخص. وأقرت وزارة الدفاع في كانون الثاني يناير بسرقة كومبيوتر يحتوي على معطيات شخصية لحوالي 600 ألف مجند محتمل في الجيش. ولم تقتصر اضاعة الملفات والوثائق المهمة على الادارات الحكومية بل تعدتها الى المصارف حيث فقد بنك"اتش اس بي سي"، اكبر المصارف البريطانية، في نيسان ابريل الماضي ملفات حساسة تعود الى 320 الف زبون. كذلك غرمت السلطات الرقابية المالية المصرف العقاري"نيشونوايد"وشركة التأمين"نوريش يونيون"لإهمالهما في"تأمين"الملفات الالكترونية العائدة الى الزبائن. وكان استطلاع بين 39 شركة مالية كبرى في بريطانيا اظهر ان نصفها تقريباً يهمل الاجراءات التي تحفظ أمن وسرية ملفات زبائنها. وطالب اعضاء في مجلس العموم، يتقدمهم النائب عن الحزب الليبيرالي آلان بيث بتعديل قانون العقوبات للسماح بإنزال عقوبة بالدوائر والمصارف قد تصل الى حد"التجريم"لكل من يهمل مصالح المواطنين والزبائن ويسمح بإفشاء أسرارهم المالية والصحية للغير من دون موافقتهم. وتدفع عصابات الاجرام والمافيات مبالغ محترمة مقابل أي معلومات يمكن ان تساعدها في الاحتيال وتفريغ الحسابات المصرفية مما تحتويه من مدخرات. وتصل الكلفة السنوية لعمليات الاحتيال في بريطانيا الى 13 بليون استرليني من بينها 2.7 بليون بين عمليات احتيال مصرفية او عبر بطاقات ائتمان غير مضمونة وهو ما يكلف المصارف والزبائن أكثر من 450 مليون استرليني من خلال استخدام العناوين المنزلية وتاريخ الولادة وحتى ارقام الهاتف المنزلي لشراء السلع عبر الانترنت او الهاتف ما اضطر المصارف والشركات المصدرة لبطاقات الائتمان الى اللجوء الى ارقام سرية ورمزية وشرائط ممغنطة لجعل عمليات العصابات صعبة جداً.