اختار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية في ختام جلسته أمس التي كرست لبحث مسألة قبول المبادرة المصرية للتهدئة أو رفضها وشن عملية عسكرية واسعة على قطاع غزة،"طريق الوسط"بتجنبه إعلان قبوله التهدئة والاكتفاء بالقول إنه سيمنح فرصة أخرى الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق تهدئة مع"حماس"ووقف إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل، وإصدار التعليمات في المقابل للجيش الإسرائيلي لمواصلة الاستعدادات لمواجهة أي سيناريو محتمل في حال لم تكلل الجهود المصرية بالنجاح. وقالت الإذاعة العسكرية إن الحكومة المصغرة قررت عدم الرد بالسلب"في الوقت الراهن"على الجهود المصرية للتهدئة"في موازاة تصليب إسرائيل موقفها وشروطها من القاهرة والإصرار على أن يُعاد الجندي الأسير في غزة غلعاد شاليت إلى بيته، ووقف تهريب السلاح". وجاء لافتاً أن أعضاء المجلس تكتموا على مداولاته التي استمرت أربع ساعات بعدما وقعوا تعهداً خطياً، بطلب من وزير الدفاع إيهود باراك على ما يبدو، بعدم تسريب المداولات. وكان باراك هدد في الماضي بعدم المشاركة في اجتماع للحكومة الأمنية إذا تواصل تسريب المداولات"وهو ما تستفيد منه حماس ويُفقد إسرائيل عنصر المباغتة". ويعني القرار الإسرائيلي قبول اقتراح باراك"استنفاد كل الوسائل قبل الخروج في عملية واسعة"، وإبقاء الباب مفتوحاً أمام مصر لتواصل جهودها للتوصل إلى تهدئة تقبل إسرائيل بشروطها، وفي مقدمها وضع آلية لمنع تهريب السلاح من مصر إلى القطاع، والحصول على تعهد ما في شأن تسريع المفاوضات للإفراج عن شاليت. ولم يُطلب من الوزراء التصويت على مسودة الاقتراح المصري، خصوصاً أن غالبيتهم ترفض التهدئة، فيما يؤيدها بشروط باراك ورئيس الحكومة إيهود أولمرت المدعومين بموقف مماثل لقيادة الجيش التي ترى عدم الخروج في عملية عسكرية واسعة في الوقت الراهن. ويبدو أن إصدار تعليمات للجيش بالاستعداد للخروج في عملية عسكرية جاء ليرضي الوزراء المعارضين التهدئة، كما أن التكتم على المداولات قد يبقي مجالاً للتشكيك في الموقف الحقيقي للمجلس الوزاري المصغر ونياته. ويرى مراقبون أن القرار لا يعني أن لا تقوم إسرائيل في الأيام القريبة بتوجيه ضربة عسكرية قوية محدودة إلى القطاع قبل التوصل إلى تهدئة، مثلما يطالب"سيد الأمن"وزير الدفاع الذي يرى وجوب التوصل إلى تهدئة كهذه"من موقع قوة وبعد ترميم القدرات الردعية لإسرائيل". ووفقاً لصحيفة"معاريف"وقبل اتخاذ الحكومة قرارها، فإنه"على رغم الاحتمالات الملموسة للتهدئة فإن عملية عسكرية محدودة هي أمر وارد في الحسبان قبل أن يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ". وكان النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون استبق اجتماع الحكومة المصغرة بتقدير أن التهدئة لن تصمد طويلاً،"بل ستكون فترة تحذير قصيرة جداً"، محذراً من أن التأخر في شن العملية العسكرية الواسعة سيراكم مزيداً من الصعوبات. وكرر رامون دعوته الحكومة إلى إقرار اجتياح قطاع غزة من أجل"إنهاء سلطة حماس فيه". وكان معلقون بارزون في الشؤون العسكرية أبرزوا تحفظات صنّاع القرار الرئيسيين وأركان الجيش عن عملية واسعة، مدرجين تصريحات الوزراء المؤيدين لعملية كهذه في إطار التنافس الانتخابي الداخلي. وأشار محللون إلى أن إسرائيل ليست معنية بتأزيم العلاقات مع مصر بعدم منحها فرصة متابعة جهودها للتوصل إلى تهدئة، بل تفضل اختبار تهدئة كهذه قبل إقرار عملية عسكرية واسعة تخشى في الوقت ذاته أن تكلفها مئات القتلى من جنودها. وكان لافتاً أمس مشاركة صحيفة"معاريف"في التمهيد لقرار حكومي بالتهدئة حين نقلت في عنوانها الرئيس عن أوساط أمنية"ارتياح"إسرائيل المفاجئ للجهود المصرية لوقف تهريب السلاح، وأن مصر أعدت خططاً تهدف إلى تقليص تهريب الأسلحة إلى حد كبير، فيما أفادت صحيفة"هآرتس"في السياق ذاته أن الولاياتالمتحدة شرعت أخيراً في تدريب ضباط مصريين في ولاية تكساس على كيفية ضبط أسلحة وتدمير أنفاق بهدف تحسين قدرات القوات المصرية على الحدود مع القطاع على مواجهة تهريب الأسلحة من سيناء. وبذلك انضمت الصحيفتان إلى"يديعوت أحرونوت"التي سبق أن نشرت رسالة الجندي شاليت ومطالبته الحكومة بعمل كل شيء لإعادته إلى بيته، وكلها عناوين تبغي تبرير قرار متوقع للحكومة بعدم شن حرب على القطاع، يريدها الرأي العام المتأثر بتذمر سكان الجنوب من سقوط الصواريخ.