آركابيتا وباركواي تستثمران في محفظة شركات ذكاء اصطناعي سريعة النمو    فهد بن نافل يهدي الممثل المصري محمد رمضان قميص الهلال    ترمب يبدأ حملة تصفية واسعة.. إقالات تطال ألف موظف في إدارة بايدن    رصد 67 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يُشارك في الاجتماع الوزاري الدولي في نيويورك    بدء تطبيق آليات بيع المواشي الحية بالأوزان اعتبارًا من 01 محرم 1447ه    نائب أمير المدينة يكرم الطلبة المتميزين علمياً من المكفوفين    السفيرة الأميرة ريما بنت بندر تحضر حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب    إطلاق خدمة «التحقق المهني» للعمالة الوافدة في 160 دولة    استمرار انخفاض درجات الحرارة على عدة مناطق    لا تفريغ للمرشحين.. الدراسة مسائية ومجانية    أحد رفيدة: طريق «المطبّات» يثير الاستغراب    أمير الحدود الشمالية: عام الحرف اليدوية يجسد اهتمام القيادة بترسيخ التراث وإبرازه عالمياً    شرطة الرياض تطيح 9 تورطوا في 33 حادثة احتيال    «ثلاثي العاصمة» يتحدَّون الوحدة والخليج والتعاون    مفوض الإفتاء في جازان خلال مبادرة اللحمة الوطنية دين ومسؤولية: الخير فينا فطرة ونسعى للأفضل    «عين» النصر على «غامدي» الاتحاد    مركز الأطراف الصناعية في مأرب يُقدم خدماته ل 484 مستفيدًا خلال شهر ديسمبر الماضي    «الجوال» يتصدّر مسببات حوادث المرور في نجران    وزير الداخلية يعزّي أسرة المورقي    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    مواجهات حاسمة في عودة دوري أبطال أوروبا.. ليفربول يواجه ليل الفرنسي.. وبرشلونة في اختبار بنفيكا    «الخارجية الفلسطينية» تُطالب بفرض عقوبات على المستوطنين    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    السعودية ورهان العرب..    الحرب على غزة وتفكيك السردية الإسرائيلية    وماذا بعد صفقة غزة؟    26.7 مليار ريال قيمة مبيعات NHC" وشركائها    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    تمكين الشباب ودعم الشركات الصغيرة    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    كتاب الموتى الرقمي والحق في النسيان    روائع الأوركسترا.. واستقرت بها «الرياض»!    مجلس الشورى في زيارة إلى الحدود الشمالية    منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    "التجارة" تعزز التشريعات بصدور وتطوير لوائح جديدة    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق : تقدم أسرع أمنياً وأبطأ سياسياً
نشر في الحياة يوم 25 - 05 - 2008

التطورات الأخيرة في العراق تسمح بالحديث عن تحسن أمني وتقدم سياسي مقرونين بنوع من الثقة بالنفس غير مسبوقة تشعر بها الحكومة العراقية، خصوصا رئيسها نوري المالكي.
أمنيا أصبحت القوات العراقية أكثر عددا وتدريبا وقدرة على خوض المعارك والتفوق فيها ثم الانتشار والبقاء في المناطق التي"تحررها"حتى من دون معارك أحيانا، لأن"العدو"بات يفضل الانسحاب والتخلي عن المواجهة، إما نتيجة لتراجع معنوياته أو لأضطراره القبول بشروط القوات الحكومية تنفيذاً لخطة فرض القانون.
يتم هذا كله في إطار نمط جديد من التعاون بين القيادتين العسكريتين للقوات العراقية والقوة المتعددة الجنسية التي تقودها أميركا ويتمثل في ان القوات العراقية هي التي تخوض المعارك فيما المتعددة الجنسية توفر لها الدعم اللوجستي أرضا وجوا من دون ان تتواجه مباشرة مع"العدو".
البصرة مثلا انتقلت من حال الى حال. القوات العراقية هي المسيطرة على زمام الأمور. وإذ إختفت الميليشيات بات السكان أكثر اطمئنانا الى حد أن النساء تجرأن مجددا الظهور في أماكن عامة بلا حجاب وعودة متاجر الى بيع المشروبات الكحولية.
في بغداد تكاد المشكلة الأمنية تنحصر في مدينة الصدر، وهذه بدأت بالانحسار. فوفقا للاتفاق بين الحكومة والتيار الصدري اختفت ميليشيات جيش المهدي، فيما توغلت القوات العراقية الى عمق المدينة كي تنتشر وتبقى وتقيم الحواجز الأمنية وتمهد الطريق أمام المؤسسات المعنية بتقديم الخدمات للسكان. هكذا تنفس سكان المنطقة الدولية المعروفة بالخضراء في حي كرادة مريم الصعداء بعد توقف القصف اليومي بالصواريخ التي كانت تنطلق من مدينة الصدر.
يقال هذا كله مع الاشارة الى أن توفير الخدمات يبقى التحدي الأكبر الذي مازالت الحكومة عاجزة عن مواجهته في ظل استمرار معاناة سكان بغداد كلها من انقطاعات طويلة للكهرباء والماء، والى غير ذلك.
أما في الموصل فيبدو ان"العدو"آثر حتى الآن تجنب المواجهة مع القوات الحكومية التي تقدمت وانتشرت، في ظل الدعم اللوجستي من جانب المتعددة الجنسية، من دون قتال وباشرت حملة اعتقالات واسعة استهدفت المشتبه بهم، خصوصا من القاعديّين.
تبقى بطبيعة الحال التفجيرات الانتحارية التي ما زالت تفتك بالسكان في بغداد ومناطق اخرى من العراق. والأكيد ان هذه المشكلة ستستمر حتى مستقبل منظور.
قصارى الكلام ان التقدم على الصعيد الأمني يمكن وصفه بأنه سريع مقارنة بالوتائر التي كانت تشهدها البلاد في مرحلة ما قبل عمليات البصرة التي أُطلقت عليها تسمية"صحوة الفرسان". كأن واضعيها خانهم الخيال كي يفكروا بتسمية أخرى تشي بالتمدن بدلا من الايحاءات القبلية.
ما سلف يجب اعتباره تقدما أكيدا ومرحبا به حتما. لكن التقدم على الصعيد السياسي، وهو لا يقل أهمية عن الجانب الامني إن لم نقل إنه أكثر أهمية إذا أخذنا في الاعتبار ان الأمني لن يصمد طويلا إذا لم يقترن بالسياسي، مازال يتعثر ويخطو ببطء. ولعل الجديد الايجابي في الحالة السياسية يتمثل في تزايد القناعة لدى أطراف المعادلة السياسية في العراق بأن لا بديل من مفهوم قبول الآخر. وواضح ان تجسيد هذا المفهوم يجب ان يتمثل في التوصل الى أعادة تشكيل الحكومة على أساس إشراك الأطراف المشاركة في العملية السياسية، خصوصا عودة القوى العربية السنية التي انسحبت من الحكومة الائتلافية منذ نحو عام من دون ان تنجح الجهود الرامية الى عودتها حتى الان.
يُشار الى انه فيما تكونت القناعة بمبدأ قبول الآخر، تحديدا بين الطيفين الشيعي والسني العربيين إذا أخذنا في الاعتبار انه لم تكن هناك مشكلة جدية في هذا الخصوص بين العرب والكرد، فإن المشكلة القائمة الآن سنية ? سنية. فالطرف الشيعي الغالب في الحكم بات أكثر انفتاحا وقبولا لمطالب العرب السنة واستعدادا لعودتهم الى الحكومة على اساس مشاركة فاعلة في صنع القرار الذي اقتصر حتى الآن على الطرفين الشيعي والكردي. بعبارة اخرى اعادة تشكيل الحكومة، على اساس عودة السنة ممثلين بجبهة التوافق التي يتزعمها النائبان عدنان الدليمي وخلف عليان ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، باتت الآن رهن باتفاق الجهات التي تتألف منها هذه الجبهة. كذلك يبدو أن هناك مشكلة أخرى أمام عودة القائمة العراقية المنسحبة مع عدم التزام وزيرين على الاقل بقرار القائمة الانسحاب من الحكومة متمثلة بخلافات بين الاطراف التي تتألف منها هذه القائمة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي.
الى جانب هذا كله هناك تحسن أكيد في العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان العراق بعد التفاهمات التي توصل اليها الطرفان، سواء بالنسبة الى حصة الاقليم وقواته من الموازنة العامة أو الى موضوع العقود التي وقعتها حكومة الاقليم مع شركان نفط أحنبية أو أخيرا الى الخلافات في شأن محافظة كركوك وتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي التي تعالج هذه المسألة.
أحدث مؤشر الى نوع من الحلحلة لهذه المسألة يتمثل في قرار الجانب التركماني العودة الى مجلس محافظة كركوك بعد مقاطعة طويلة. يٌقال هذا مع الاشارة الى ان التركمان، كذلك الكرد والعرب، في المحافظة ما زالوا يطرحو مطالب غير مقبولة تماما من أطراف المشكلة، لكن يمكن اعتبارها مطالب تفاوضية، أي قابلة للتعديل. وإذ أخذت الامم المتحدة تلعب دورا بات مقبولا من اطراف الخلاف لايجاد حلول توافقية فان هناك مؤشرات توحي باستعداد الاطراف المعنية للبحث في امكان القبول بوضع خاص لكركوك.
كما لا بد من الاشارة الى ان هذه الحلحلة تأتي في وقت يزداد فيه التعاون والتقارب بين بغداد وأنقرة من جهة، وبدء حوار بعد قطيعة طويلة بين أنقرة وأربيل من جهة أخرى في إطار عملية بدأها الرئيس جلال طالباني بزيارة رسمية الى تركيا في آذار مارس الماضي أعقبها وصول وفد تركي رفيع المستوى الى بغداد حيث اجتمع الى وفد قاده رئيس وزراء الاقليم نيتشيرفان بارزاني ومحادثات أسفرت عن اتفاق لوضع آلية للحوار بينهما.
في ضوء ما سلف كله يطرح نفسه السؤال: أليست هذه صورة وردية عن الوضع العراقي؟ والجواب أنها صورة أقرب الى الواقع، مع الأخذ في الاعتبار طبعا ان الطريق ما زال ملتويا يعج بالألغام والمطبات. وأكيد أن من المبكر المخاطرة بصياغة استنتاجات نهائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.