جناح رقمي للتمور السعودية على منصة علي بابا    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع    ضمك يتغلّب على الخلود بثنائية في دوري روشن للمحترفين    برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يقيم لقاءً علميًا عن مناسك العمرة    نائب وزير الخارجية يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان    صلاح يقلب تأخر ليفربول أمام ساوثهامبتون ويقوده للتحليق في قمة الدوري الإنجليزي    الجولة 11 من دوري يلو: ديربي حائل وقمم منتظرة    بيولي: اعتدنا على ضغط المباريات وهذه الحالة الوحيدة لمشاركة رونالدو    بعد أداء مميز في قطر والقصيم.. معاذ حريري يتأهب للمشاركة في رالي دبي    شتوية عبور" تجمع 300 طفل بأجواء ترفيهية وتعليمية بمناسبة اليوم العالمي للطفل    تعليم الطائف يطلق برنامج ممارس الإدارة المدرسية للمكاتب الخارجية    موجة نزوح جديدة في غزة.. إسرائيل تهجر سكان «الشجاعية»    تجربة استثنائية لزوار "بنان"    حلبة كورنيش جدة تستضيف برنامج فتيات    أمير الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    شركة سناب تعزز حضورها في السعودية بافتتاح مكتب جديد وإطلاق «مجلس سناب لصناع المحتوى»    وكالة الفضاء السعودية تدشن "مركز مستقبل الفضاء"    انطلاق معسكر "إخاء الشتوي" تحت شعار "فنجال وعلوم رجال" في منطقة حائل    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُقيم فعالية "اليوم العالمي للإلتهاب الرئوي"    هل تؤثر ملاحقة نتنياهو على الحرب في غزة ولبنان؟    برنامج الغذاء العالمي: وصول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم للنازحين في دارفور    أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    القِبلة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموصل وكركوك: سطح واحد... وريحان!
نشر في الحياة يوم 26 - 04 - 2009

هناك مثلٌ كردي نصه «سطح واحد وريحان» يُضرب للاشارة الى الكيل بمكيالين. يقفز هذا المثل الى الذهن بسبب قرار قائمة «الحدباء» القومية العربية الفائزة بأكثر من نصف مقاعد مجلس محافظة نينوى في شمال العراق، القاضي باحتكارها جميع مناصب الادراة المحلية في هذه المحافظة، مُهمّشة بذلك قائمة «التآخي» الكردية التي فازت بثلث مقاعد مجلس المحافظة.
ما ان اعلنت «الحدباء» قرارها هذا حتى صدرت ردود فعل عن أكثر من عشر ادارات محلية تابعة للمحافظة، ويشكل الكرد فيها غالبية، مفادها ان هذه الادارات لن تلتزم تنفيذ القرارات التي ستصدر عن ادارة الموصل الجديدة، فيما أعرب عضو عربي في مجلس كركوك عن مخاوف جماعته من امتداد الخلاف العربي – الكردي في الموصل الى محافظته. بماذا رد المحافظ القومي العربي في الموصل أثيل النجيفي؟ هدد باتخاذ اجراءات «قضائية» ضد من أسماهم ب «المتمردين». لكن الغريب انه أطلق هذا التهديد إثر اجتماعه الى عدد من ضباط سابقين كبار في الجيش العراقي من دون ان يوضح الصلة بين القضاء وهؤلاء الضباط! موقف لا شك ينطوي على خطر حقيقي.
يتم هذا كله من دون أن يرمش جفن للحكومة الفيدرالية أو مجلس النواب في بغداد، كما يشكو الكرد، مشيرين الى ان قائمتهم «التآخي» التي حصلت في الانتخابات السابقة على أكثر من نصف مقاعد مجلس محافظة كركوك تعرضت لضغوط لم تتوقف حتى الآن تطالب بتقاسم السلطات بالتساوي بين الكرد والعرب والتركمان، علما ان الجانب الكردي أبدى مرونة كافية باتجاه استجابة هذا الطلب. هذا على رغم أن عدد الأصوات التي حصل عليها الكرد في الموصل يُظهر أن نسبتهم في هذه المحافظة هي أعلى من نسبة التركمان والعرب، كل على حدة، في كركوك! من هنا الكيل بمكيالين، أي أن التعامل العروبي مع الحالين ينطبق عليه المثل الكردي: «سطح واحد وريحان!»... يُقال هذا كله من دون تبرئة كاملة لمواقف لكرد التي قد لا تخلو من أخطاء وتعنّت أحيانا، لكنها لا ترقى الى مستوى الخطر «العروبي».
للاستدراك لا بد من الاقرار بان لا غبار من الناحية القانونية على قرار «الحدباء» ممارسة حقها الديموقراطي في الاستئثار بمناصب مجلس المحافظة كونها فازت بغالبية النصف + واحد في الانتخابات، وبالتالي كان من حق قائمة «التآخي» في كركوك الاستئثار بجميع مناصب مجلس المحافظة. لكن هنا المشكلة. فواقع العراق التعددي حتّم أن تسير العملية السياسية لما بعد النظام الصدّامي لا بالتطبيق الحرفي للقانون، بل وفقاً لمبدأ التوافق الوطني الذي قد يستمر التمسك به للمستقبل المنظور طالما لم يتخل العراقيون بعد عن مبدأ المحاصصات.
لكن في المقابل، من شأن النموذج الموصلّي الذي تقدمه «الحدباء» ان يتمسك الكرد بنموذج مماثل في كركوك فيستأثرون بالسلطة المحلية استنادا الى مبدا الغالبية. قد يٌقال ان التناسب الإثني في الموصل يختلف عنه في كركوك. ففي الأولى هناك غالبية عربية وأقلية كردية، بينما في كركوك ثلاثة مكونات إثنية النسبة بينها متقاربة.
هناك فجوات عدة في هذا الطرح. فالكرد يمكنهم أن يشيروا الى أن لب المشكلة في كركوك يتمثل في أن المدينة وبعض أطرافها تعرضت، منذ وقت قريب لا يتجاوز ثلاثة عقود، لعملية بشعة تمت في العهد الصدامي لتوطين عرب استقدموا من جنوب العراق لغرض تغيير الوضع الديموغرافي للمدينة على حساب الكرد والتركمان، خصوصا الكرد، الذين رُحّلوا قسرا، ربما بعشرات الألوف، الى مناطق خارج المدينة وحتى المحافظة. عدا العرب المستوطنين هناك أقلية عربية أصلية في كركوك لم تتجاوز نسبتها الى سكان كركوك في أحسن الحالات الخمسة في المئة، وهؤلاء لم ولن ينكر أحد وجودهم المشروع في هذه المنطقة. هذه النسبة تضاعفت بمعدلات خيالية نتيجة لسياسة التوطين. بعبارة أخرى عُرفت كركوك، خصوصا المدينة، بكونها دائما كردية تركمانية قبل تطبيق سياسة التعريب فيها. وبينما توجد نزاعات حقيقية على الاراضي والممتلكات بين الكرد والعرب وبين التركمان والعرب، فلا وجود يُذكر لمثل هذه النزاعات بين الكرد والتركمان.
من أزمة واحدة ذات بعد إثني في كركوك بات البلد يواجه الآن أزمة أخرى ذات بعد مماثل. ولعل حدية الأزمتين ستزداد بمناسبة انجاز تقرير بعثة الأمم المتحد لمساعدة العراق المعروفة ب «يونامي» في شأن المناطق المتنازع عليها بين أقليم كردستان والحكومة الفيدرالية في بغداد، وهو تقرير قدمه الاربعاء الماضي ممثل الامم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا للزعماء العراقيين. «يونامي» لا تنوي نشر التقرير، لكن المؤكد أنه سيُسرب من جانب عراقي ما الى الاعلام، إن لم يكن قد حدث ذلك مع صدور هذا العدد من «الحياة».
ماذا يضم التقرير وهل يقدم وصفة لحل النزاع؟ الأرجح لا. فبيان «يونامي» يقول ان التقرير في طبيعته «تحليلي وليس إيعازيا»، وهو لا يقدم اقتراحات بالنسبة الى المناطق المتنازع عليها، لكنه بالنسبة الى كركوك تحديدا يقدم تحليلا لأربعة خيارات تستند الى الدستور، بحسب «يونامي».
بعبارة أخرى، بعد سنة من العمل على هذا التقرير تمخض الجبل فولد فأرا! لا أمر غريبا هنا ، إذ ان العراقيين، وشعوبا غيرهم، اعتادوا على ان المنظمة الدولية آخر من يستطيع تقديم حل لأزماتهم، ربما باستثناءات قليلة.
حتى كتابة هذا المقال لم يتضح ما هي الخيارات الأربعة. لكن في ما سبق، كانت أوساط الامم المتحدة في بغداد تطرح أفكارا ربما تبلورت خيارات يضمها التقرير، منها اعتبار كركوك اقليما منفصلا، أو تشكيل ادارة مشتركة بين اقليم كردستان العراق وبغداد لادارة كركوك، أو تشكيل أقاليم إثنية ليتألف من مجموعها إقليم كركوك.
فإذا صحت هذه التوقعات فان الحدس الأقوى، في حال توغلنا في عقول الأطراف المعنية بالقضية، هو ان يصعب عليها الاتفاق على أي من هذه الخيارات.
مع التمني بأن يكون هذا الحدس غير دقيق...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.