تحاول الفضائية الفلسطينية جاهدة أن تقاوم الحملة الإعلامية الإسرائيلية المدعومة من بعض وسائل الإعلام الأجنبية للاحتفال بما تسميه إسرائيل استقلالها، عبر موجة مفتوحة منذ مطلع الشهر الجاري لإحياء الذكرى الستين للنكبة الفلسطينية. الفضائية الفلسطينية، التي رفعت شعارات عدة في موجتها المفتوحة، مثل"60 عاماً على النكبة"، و?"لن ننسى حق العودة"، و"أنا من هنا ولي ذكريات"، وغيرها... تعكف على إجراء لقاءات مكثفة، عبر برامجها، لكبار السن ممن عايشوا النكبة، الذين يشددون على رمزية"المفتاح العتيق"، و"الكوشان"صك ملكية الأرض أو المنزل المهجور عنوة، وتعرض أفلاماً تتحدث عن اللجوء والتهجير، وعن اللاجئين بتعاقب أجيالهم، وعن حق العودة. كما تبث صوراً ومشاهد أرشيفية ترصد الحدث المأسوي قبل ستين عاماً، وتسلط الضوء على الفعاليات المختلفة التي تنظم في الأراضي الفلسطينية، إحياء للذكرى، إضافة الى التركيز على تصريحات كبار المسؤولين بخصوص النكبة، وقضية اللاجئين، وحق العودة. وفي الوقت الذي قسمت فيه أحداث لبنان الأخيرة القنوات الفضائية العربية إلى قسمين تبعاً لما يعرف بالموالاة والمعارضة، كانت النكبة عامل توحيد لهذه القنوات، التي تقوم بدورها بتغطية واسعة لفعاليات إحياء النكبة داخل فلسطين وخارجها، وتبث الأفلام الوثائقية، وتجري التقارير الحية، وحوارات الذكريات، كما تفعل فضائيات مثل"الجزيرة"، و"العربية"، و"دبي"، و"المصرية"، وسواها من الشاشات العربية. الكاميرات في كل مكان في"مخيم العودة"الذي بات مزاراً لكبار الشخصيات الفلسطينية، ومنهم الرئيس محمود عباس، ورئيس وزرائه سلام فياض، وغيرهما، ما يجعله موجوداً في شكل دائم على الفضائيات، أينما تقلب"الريموت كونترول". فهذا المخيم الذي أقامته اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، كرمز لقضية اللاجئين، كان ولا يزال منذ إقامته مطلع الشهر الجاري، قبالة مقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس المقاطعة، مزاراً دائماً لممثلي وسائل الإعلام، والفضائيات العربية والأجنبية، فهو يحتوي على خيم ترمز الى رحلة اللجوء. في إحداها معرض تراثي لأدوات منزلية استخدمها الفلسطينيون قبل التهجير، وفي أخرى مكان يعبر فيه أطفال الجيل الثالث أو الرابع عن النكبة بالريشة والألوان... المميز في هذا المخيم أنه ينظم وفي شكل يومي محاضرات وندوات متنوعة حول النكبة، وحق العودة، كما يستضيف عصر كل يوم كبار السن من اللاجئين ليتحدثوا عن ذكريات اللجوء والمخيم، وفي المساء يكون المسرح لفرق موسيقية وأخرى راقصة تغني لفلسطين، أو تقدم لوحات راقصة من تراثها الفلكلوري... ويقدم عدد من الفضائيات برامج وثائقية في سلسلة عن القرى والبلدات الفلسطينية المهجرة داخل الخط الأخضر، ومنها دير ياسين وأم الزينات ولفتا، والقائمة تطول... اللافت أيضاً في هذا الإطار أن الذكرى ال60 للنكبة لم توحد فقط الفضائيات العربية، بل وجدت أيضاً فضائيتي فلسطين التابعة للسلطة الفلسطينية، وفضائية"الأقصى"التابعة لحركة حماس. فهاتان الشاشتان على رغم أنهما لم تكفا عن إدانة بعضهما بعضاً طوال الشهور الماضية، إلا أنهما تتجندان في هذه الفترة لتسليط الضوء على النكبة وقضية اللاجئين وحق العودة. ويؤكد عمر عساف، عضو اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، أهمية الدور الذي تلعبه الفضائية الفلسطينية، والفضائيات العربية، خصوصاً الشهيرة منها في إيجاد حالة من التوازن الإعلامي في معركتها مع الإعلام الإسرائيلي والموالي له... ويقول:"استطاع مخيم العودة على مدار أيامه استقطاب الإعلاميين ليس الفلسطينيين والعرب فحسب، بل الأجانب، من أوروبا وأميركا، وحتى إسرائيل، وهذا من شأنه إيصال الرسالة الفلسطينية إلى العالم، بأننا لن نتنازل عن حق العودة إلى ديارنا التي هجرنا منها، والتي باتت تعرف باسم إسرائيل، ويحتفل العالم معها باستقلالها الستين، بينما نحيي نحن ذكرى نكبتنا".