تحوّلت أم درمان، ثاني كبرى مدن العاصمة السودانية الثلاث، أمس إلى مدينة أشباح بعد ساعات من إعلان السلطات رفع حظر التجوال عن معظم أحيائها عدا الغربية التي تشهد عمليات دهم واسعة بحثاً عن مسلحين من"حركة العدل والمساواة"تسللوا إليها منذ السبت الماضي. وأغلقت المحال التجارية والمخابز ومحطات الوقود وبدت الطرقات خالية من المارة والسيارات. وسمع دوي إطلاق نار في أحياء الفتيحاب وأم بدة وغرب الحارات، في وقت انتشر آلاف الجنود بمدرعات ودبابات في أحياء مختلفة في أم درمان، وعلى الجسور الثلاثة التي تربطها بالخرطوم والخرطوم بحري. وجرت مطاردات لعناصر المتمردين الذين أبلغ عنهم المواطنون في الأحياء. وقال مواطنون إن شراء ملثمين ل"فول مصري"و"فلافل"من محال صغيرة في وسط الأحياء قاد إلى اعتقالهم. وأوقفت السلطات عشرات من أبناء دارفور الذين كانوا يعبرون راجلين الجسور وكانوا يوضعون في طوابير طويلة ميممين وجوههم على الحواجز التي تفصلها عن النيل للتحقق من عدم انتمائهم للمتمردين. وارتفعت أسعار بعض السلع في أم درمان لتوقف الانتاج منذ السبت مثل زيوت الطعام، وبدأ بعض المأكولات مثل البسكويت والكيك والعصائر ينفد من الأسواق لاعتماد قطاع واسع من العمال عليها في غذائهم بسبب اغلاق المطاعم ومحلات الكافيتريا أبوابها. وقالت سعاد عباس التوم ل"الحياة"إن أسرتها لم تجد خبزاً لليوم الثاني وتعتمد في غذائها على صنع"كسرة وقراصة"تصنع من الذرة والقمح بدل الخبز، موضحة أن أحد أبنائها وهو طالب جامعي غاب عنها منذ يومين لعدم تمكنه من وصوله إلى منزل الأسرة في منطقة أم بدة بسبب حظر التجول والاجرءات الأمنية المشددة واضطر إلى البقاء مع خاله في منطقة الدروشاب في شمال الخرطوم بحري، لكنها تتواصل معه عبر الهاتف الجوال الذي يحمله. وفشل عدد كبير من المواطنين الذين يعملون في الخرطوم من الوصول إلى مقار عملهم في دواوين الدولة لاغلاق الجسور وطلب السلطات منهم العودة إلى منازلهم التي غادروها في وقت مبكر. وشوهد موظفون يعملون في وزارة المال بأزياء عسكرية. وشهد مستشفى أم درمان والنو تدفق مواطنين أصيبوا بجروح من شظايا ورصاص خلال اشتباكات وملاحقات للمتمردين من قوى الأمن. وروى أحمد علي الصادق الذي يعمل بائعاً متجولاً ل"الحياة"انه شهد مواجهات مسلحة ومقتل أكثر من ستة متمردين وثلاثة من الشرطة في غرب أم درمان، موضحاً أن المتمردين لم يستهدفوا المدنيين، واشتروا في يوم السبت مأكولات وشرائح اتصالات هاتفية من البقالات في الأحياء التي دخلوها، مشيراً إلى أنهم كانوا يحملون كميات كبيرة من الموز والبرتقال في سياراتهم.