مرة أخرى بعيداً من السياسة في صيف 1977 اتفقت مع أخَوَيّ وأختي أن نقوم بسياحة عبر الولاياتالمتحدة بالسيارة، وانطلقنا من واشنطن الى كاليفورنيا من طريق الولايات الجنوبية، وعدنا عبر الولاياتالشمالية. ما أذكر من تلك الرحلة أننا توقفنا ذات مساء أمام فندق صغير موتيل وطلبنا ثلاث غرف، واحدة للأخوين معاً، وواحدة للأخت، وواحدة لي. وقال عامل الاستقبال إن عنده غرفة، السرير فيها يتميز بفرشة مائية، أي انها من البلاستيك وبداخلها ماء، بدلاً من الفراش العادي من صوف أو قطن. واعتذرت لأنني أصاب بدوار البحر وأنا في مغطس ماء للاستحمام. عادت إليَّ تلك القصة القديمة بعد أن قرأت في لندن عن رجل قرر إعادة الروح الى غرفة النوم في بيته، فاشترى فرشة مائية، وأطلقت زوجته عليها اسم البحر الميت. في بريطانيا حيث أقيم يأتي الموت الى غرفة النوم، أو الزوجية بعد 11 سنة، فقد قرأت أن معدل استمرار الزواج عندهم هو هذه السنوات الإحدى عشرة، ما يعني أن السنة السابقة كانت من نوع موت سريري. لا أدري كم يستمر الزواج في بلادنا، ولا بد من أنه يختلف طولاً أو قصراً من بلد الى بلد، ومعلوماتي الإنكليزية لا تصلح للمقارنة مع اختلاف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لذلك فأنا أختار منها للقارئ لمجرد العلم بالشيء، وهي تظهر أن معدل العمر عند الانفصال هو 42.7 سنة للرجل، و40.2 سنة للمرأة، وأن الزوجين يقتسمان 165 ألف جنيه، وهذا الرقم معدل عام، فبعضهم يقتسم الغبار، ثم هناك من تطالب ببليون جنيه عند الطلاق، وكل هذا مع العلم أن إحصاءات تظهر أن أربعاً من كل عشر نساء بريطانيات لهن دخل أعلى من دخل أزواجهن. وأظرف ما سمعت عن طلاق كان ما قال أميركي مزواج مطلاق شكا وهو يخرج من قاعة محكمة الطلاق: بكت، فمسح القاضي دموعها بدفتر شيكاتي. دموع المرأة أقوى من مياه شلالات نياغرا. إلا أنه يكفي ما تذرف منها على الوطن. فأكتفي بملاحظة ان الزواج ضروري جداً ليكون هناك طلاق بعد 11 سنة. ومكتب الإحصاءات الوطنية في لندن نشر قبل سنتين أرقاماً تظهر أن الزواج في إنكلترا أصبح يكلف معدلاً وسطياً هو 17 ألف جنيه، أي بزيادة 58 في المئة عن نفقاته قبل عشر سنوات. وقرأت عن زواج نموذجي من هذا النوع، فحفلة الاستقبال تكلف ستة آلاف جنيه، وشهر العسل ثلاثة آلاف، وخاتما الخطبة والزواج ألفي جنيه وهكذا. طبعاً هناك حفلات زفاف تكلف الملايين، خصوصاً إذا كان أجر المغني أو المغنية مليون دولار أو مليونين. والزواج بالملايين هو الذي ينتهي بطلاق بالبلايين. لا فارق انتهى أو لم ينته، فالزواج هو أن يلعب الزوج بديله، أو يحاول، والأعمال بالنيّة، وهي تندب حظها وتتذكر كل الخاطبين الذين رفضتهم وسوء اختيارها في النهاية. للزوجة بيت الأحلام هو ألف متر مربع من دون مطبخ أو غرفة نوم، وللزوج بيت الأحلام هو ألف متر مربع ليس فيها سوى غرفة نوم ومرأب كاراج. وحتى لو حصلت المرأة على بيت الأحلام، فهي تظل تفضل متجر هارودز عليه، وقد سمعت عن امرأة طلبت أن تدفن في المتجر المشهور الذي يملكه محمد الفايد لتضمن أن تزورها ابنتها مرتين في الأسبوع على الأقل. ماذا يريد هو في المقابل؟ هو يريد ألا يضبط بالجرم المشهود، وهو يحمل في محفظة نقوده صوراً لأولاده وتسجيلاً صوتياً لزوجته. هناك رجل قال: الآن فهمت السر. منذ تزوجنا، وزوجتي تأخذ حبوب فاليوم بدلاً من حبوب منع الحمل، لذلك أصبح عندنا 12 ولداً وبنتاً، إلا أنها لا يهمها الأمر. وأستطيع أن أعود الى الأرقام والدراسات عن مؤسسة الزوجية، إلا أنني أعرف أنها لن تغير رأي قارئ أو قارئة، كما أعرف أنهما يفضلان التعامل مع الموضوع في شكل هاذر للتخفيف من وطأته. وهكذا فقد قرأت عن فرنسي ذهب الى الطبيب وشكا من صداع مزمن قال إن سببه أن زوجته"فلتانة"تذهب الى البار كل ليلة، وتخرج مع أي رجل تجده. وقال له الطبيب أن يأخذ حبتي أسبرين، وأن يعطيه اسم البار الذي تذهب إليه الزوجة، مع ترجيحي أنه لو ذهب لوجد أن نيكولا ساركوزي سبقه إليه. ومن غوامض الحياة أن المرأة تأكل علبة شوكولا وزنها كيلوغرام، وتكتشف بعد ذلك أن وزنها زاد ثلاثة كيلوغرامات، وهي لا تفهم كيف تعلق ثيابها في الخزانة في المساء، وتكتشف في الصباح انها ضاقت عليها. وأيضاً: - لو كان البابا متزوجاً لأدرك أن لا عصمة له. - البنت تسأل: بابا، قبل أن تتزوج الماما من كان يقول لك كيف تقود السيارة؟ - عندها طريقة فعالة لتوفير مالها، فهي تستخدم مالي. - أتمنى أن تتنصت الحكومة على هاتفي لأن لا أحد في البيت يسمع لي. إذا كان من كلمة جد واحدة قبل ترك الموضوع، فهي أن نساءنا أفضل من رجالنا، عازبات أو متزوجات، والهذر العربي ضمن حدود لا يعرفها"الخواجات"، الذين تعكس النكات عن الزوجية عندهم نوع العلاقات بينهم، والمساواة في كل شيء. وكان هناك كوميدي انكليزي قال: قابلتها أول مرة في 1995... رقم الغرفة في الفندق. ولم يقل إن كانت الفرشة مائية.