الاخبار في بريطانيا ليست وقفاً على العراق والفضائح الجنسية للوزراء، فمنذ اسبوعين وحديث الطلاق يسابق أهم الاخبار السياسية، واحياناً يسبقها. تزامن خبران قدما الطلاق على مصائب حكومة توني بلير ومصيبتنا به، فمجلس اللوردات، او أعلى سلطة قضائية في البلاد، ايد المطالب المالية لامرأتين في قضيتي طلاق، كما أن مغني البتلز المشهور بول مكارتني وزوجته هيذر ميلز اعلنا العزم على الطلاق. مكارتني بليونير بالدولار، فثروته تقدر بأكثر من 800 مليون جنيه استرليني، وفي ارشادات قرار اللوردات عن الطلاق ما يفيد بأن من حق الزوجة حوالى 20 في المئة من ثروة الزوج تزيد أو تنقص اعتماداً على مدة الزواج، ووجود أولاد، واسباب الطلاق وغير ذلك. اذا اعطيت هيذر ميلز، وهي عارضة أزياء سابقة فقدت جزءاً من ساقها في حادث اصطدام، 20 في المئة من ثروة مكارتني، فهي ستحصل على حوالى 140 مليون جنيه، أو مليون جنيه عن كل اسبوع من سنوات زواجها الاربع مع المغني. وسمعني صديق اتحدث عن الاحتمالات هذه فقال: 120 مليون جنيه في اربع سنوات؟ أنا كنت تزوجته. لا اعتقد بأن بول مكارتني كان سيقع في غرام الصديق كما وقع في غرام هيذر ميلز. وكنت اشفقت عليها بعد الحادث، الا انني سرعان ما نسيتها حتى عادت الى الاخبار عندما قامت علاقة بينها وبين مكارتني انتهت بزواج غير متوقع، وبمقارنة مع زوجة المغني الراحلة، وهي الاميركية لندا التي راحت ضحية اصابة بالسرطان. بصراحة، لم أتوقع للعارضة بعد اصابتها ان تحظى بزوج من نوع بول مكارتني المشهور جداً والثري جداً. فالشابة تبدأ وهي تريد أن تحظى بشاب وسيم طويل اسمر ثري. ولا تجده وتقبل بوسيم طويل اسمر. وبعد فترة تكتفي بوسيم طويل، ثم وسيم. وأخيراً أي واحد. والمشكلة في هذا الأخير انه لا تمضي سنة أو نحوها حتى تعود الشابة الى التفكير في ذلك الشاب الوسيم الطويل الاسمر الثري، ويبدأ النكد وينتهي بالطلاق. الزواج ضروري ليكون هناك طلاق. وقد سمعت رجلاً يقول انه لم يكن يؤمن بالطلاق حتى تزوج. كما سمعت عن رجل تركته زوجته وهربت مع صديق للعائلة. وقال زوجها انها لم تطلقه وانما قايضته. اليوم نصف الزيجات في بريطانيا ينتهي بالطلاق، وعندما اظهرت ارقام استمرار ارتفاع نسبة الطلاق، قال كوميدي ان نصف الزيجات الذي ينتهي بالطلاق يظل افضل من النصف الآخر الذي ينتهي بالموت. هو ينتهي بالزوجة وقد اخذت البيت والسيارة وحساب البنك والاولاد، واذا ربح الجائزة الكبرى في اليانصيب تأخذها أيضاً. كانت الصحف تتحدث عن بول وهيذر مع خلفية قرار من يسمون"لوردات القانون"منح جوليا ماكفارلن 250 ألف جنيه في السنة نفقة مدى الحياة من زوجها كنيث، ومنح ميليسا ميلر خمسة ملايين جنيه من ثروة زوجها ألان. ووجدت ان القرار في طلاق ميليسا وألان مبالغ فيه كثيراً، فزواجهما لم يدم أكثر من ثلاث سنوات، ومن دون أولاد، والزوج شكا من أنه جمع ثروته قبل الزواج، أي ان ميليسا لم تسهم في بناء هذه الثروة. مع ذلك حكم اللوردات للزوجة، ولعلها بكت ما يذكرني بعبارة مشهورة للمطلاق تومي مانفيل تزوج 11 مرة فهو قال: بكت، فمسح القاضي دموعها بدفتر شيكاتي. لا أدري من سيبكي في النهاية هيذر أو بول، فما ادري هو ان انفصالهما أخذ منحى بشعاً، واصدقاؤه يهاجمونها في الصحف، واصدقاؤها يهاجمونه. ولعلهم الاصدقاء انفسهم، وهكذا قرأنا انه بخيل لم يتبرع في حياته بقرش للاعمال الخيرية، وانه عجوز مغرور هو في الخامسة والستين وهي في الحادية والاربعين، وانها جشعة وطالبة مال وشهرة، ومتسلقة لا تعرف شيئاً سوى ان تنتقد زوجها وتنكد عليه عيشه. وعلى الاقل، فالمعركة كلامية حتى الآن، وهما بذلك افضل حظاً من طبيب اسنان، تزوج عاملة صبغ اظافر في صالون تجميل، فكانا يتعاركان بالاسنان والاظافر. سمعت عن رجل قال انه حاول ادخال بعض الاثارة على حياته الزوجية، الا ان زوجته ضبطته وطلقته. وهو أفضل حظاً بذلك من دوق ارغايل الذي تزوج المطلقة مارغريت سنة 1951، وتقدم بطلب طلاق منها سنة 1959 زاعماً انها اقامت علاقات جنسية مع 88 رجلاً. كانت فضيحة اجتماعية كبرى لم ينسها الانكليز، واعادوا نشر التفاصيل مع اخبار عزم بول مكارتني وهيذر ميلز على الطلاق، مع ان لا شبه بين الموضوعين، أو بين طلاق الدوق والدوقة وقرار المحكمة العليا منح المطلقات نصيباً اكبر من ثروات ازواجهن، وهو قرار سيعتبر مرجعاً في طلاق بول وهيذر وكل طلاق. بقي ان نرى الدمية المشهورة باربي وقد أتت في شكل مطلقة ومعها كل ما كان يملك زوجها وما قد يملك في المستقبل. والمخرج الوحيد هو ما يسمون في الغرب"اتفاق قبل الزواج"أو ما يعادل المقدم والمؤخر في الزواج الاسلامي. والاتفاق هذا يكتبه محامون، وينص على ما يحق للزوجة ان تحصل عليه في حال الطلاق، وعادة ما يكون بين ثري جداً وزوجة ثانية أو ثالثة صغيرة السن. لا يريد الزوج ان يتخلى لها عن نصف ثروته بعد سنة زواج أو نحوها. لذلك يقولون ان الزوج مدين بثروته لزوجته الأولى، ومدين بزوجته الثانية، الحسناء الصغيرة، لثروته. طبعاً، لو كان كل الناس كاثوليك لما كانت هناك مشكلة طلاق، وانما مشكلة قتل. والافضل دائماً امساك بمعروف أو تطليق باحسان، غير ان المرارة تبقى احياناً بعد الطلاق، وسمعت مطلقة حصلت على كل ما تريد ثم قالت انها آسفة لانها مطلقة وليست ارملة، ومطلقاً رأى مطلقته فتمنى لو انه يتزوجها من جديد ليطلقها، لأن طلاقاً واحداً منها لم يشف غليله.