استفحلت أزمة الوقود في غزة بسبب تقليص سلطات الاحتلال الإسرائيلي الكميات الواردة إلى القطاع منذ اشهر، ما تسبب في تعطيل كثير من أوجه الحياة، خصوصاً حركة المواصلات. واختفت آلاف سيارات الأجرة، ومثلها من السيارات الخاصة ومئات الشاحنات من الشوارع جراء نفاد المخزون من محطات الوقود في طول القطاع وعرضه. وبدت مألوفة في الأسابيع الأخيرة رؤية عشرات الغزيين متناثرين وقوفاً في شوارع القطاع وعلى الطرق الرئيسة في المناطق المختلفة في انتظار أي سيارة تقلهم إلى أماكن عملهم أو لقضاء مصالحهم في مدينة غزة أو مدن أخرى، مثل عبير وهبة التي انتظرت أكثر من نصف ساعة في مدينة خان يونس جنوب القطاع حتى جاءت سيارة أجرة لتقلها مع عدد من الركاب إلى مدينة غزة. غير أنها كانت محظوظة أكثر من محمود صالح الذي قال ل"الحياة"إنه انتظر نحو ساعتين على الطريق الرئيسة في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع حتى عثر على سيارة أجرة تقله إلى جامعته في مدينة غزة. وبرزت في الأسابيع الأخيرة ظاهرة الطوابير أمام المخابز ومحطات الوقود، حتى أن بعضها امتد في طوابير مؤلفة من صفين أو ثلاثة صفوف لنحو كيلومتر واحد. ويروي أحمد حسنين، وهو سائق سيارة أجرة، كيف تمكن من ملء خزان سيارته بنحو 20 ليتراً من السولار فقط بعدما اصطف في طابور أمام إحدى محطات الوقود استمر ليلة ونصف يوم. وتسمح سلطات الاحتلال لشركة"دور ألون"الإسرائيلية المتعاقدة مع السلطة الفلسطينية بتوريد وقود السولار مرة واحدة أسبوعياً، ومثلها لوقود البنزين وبكميات قليلة جداً. وفي حين تسمح بتوريد نحو 2.2 مليون ليتر من الوقود الصناعي لمحطة توليد الطاقة لا تكفي سوى لتوليد 55 ميغاوات من التيار الكهربائي، فإنها لا تسمح سوى بتوريد 800 ألف ليتر من السولار أسبوعياً تمثل نحو 30 في المئة من حاجة القطاع، ونحو 70 ألف ليتر من البنزين أسبوعياً، أي ما يعادل 6 في المئة فقط من حاجة غزة. واضطر أصحاب محطات الوقود في ظل هذه الأزمة الطاحنة إلى تقنين بيعه، إذ يسمح لكل سيارة أجرة بتعبئة نحو 20 ليتراً، ولكل سيارة خاصة بما بين 10 و15 ليتراً من البنزين، وهي كميات لا تكفي حاجة الناس حتى ليوم واحد في معظم الأحيان. وبسبب النقص الحاد في الوقود، برزت ظاهرة جديدة في القطاع، وهي ظاهرة بيع الوقود في غالونات في السوق السوداء بأسعار خيالية تصل إلى خمسة أو ستة أضعاف السعر الرسمي، ما دفع الشرطة التابعة للحكومة المُقالة إلى مراقبة توزيع الوقود في المحطات ومنعها من تعبئة الوقود في غالونات، إلا أنها لم تقض تماماً على هذه الظاهرة. واضطر كثير من أصحاب السيارات ذات محرك البنزين إلى تحويل نظام التشغيل إلى الغاز الطبيعي، علما ان كلفة تركيب نظام التحويل تبلغ نحو 1200 شيكل نحو 400 دولار. كما اضطر آلاف الفلسطينيين إلى تركيب مثل هذه المحولات والاستعانة بالغاز الطبيعي بدل البنزين. وقال"مركز الميزان لحقوق الإنسان"إن حاجة القطاع من السولار تصل إلى أكثر من نصف مليون ليتر يومياً، ونحو 200 ألف ليتر من البنزين، و250 طناً من الغاز الطبيعي. وأضاف أن هناك 8 آلاف سيارة أجرة في القطاع تستهلك 160 ألف ليتر يومياً، إضافة الى أكثر من 2600 شاحنة تستهلك عادة أكثر من 13 ألف ليتر يومياً، و1136 قاطرة تستهلك 80 ألف ليتر يومياً، فضلاً عن الرافعات ومركبات نقل تجارية وباصات وغيرها. وأشار إلى أن المتوسط اليومي لتوريد الوقود خلال الشهر الماضي بلغ نحو 314670 ليتراً من الوقود الصناعي، و20530 طناً من الغاز، ونحو 122309 ليترات من السولار، و11065 ليتراً من البنزين فقط.