ينفذ القطاع التعليمي في لبنان اضراباً تحذيرياً اليوم يشمل الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية والخاصة، احتجاجاً على التدهور المعيشي وطلباً لزيادة الأجور وتنفيذ مطالب اخرى تتعلق بالقطاع نفسه. وتتلاقى في هذا التحرك الأكثرية مع المعارضة على رغم التباين السياسي الحاد بينهما، اذ يجمعهما جمهور واسع توحده الشكوى ذاتها. واذا كان التحرك النقابي اليوم هو مقدمة لتحرك اوسع دعا اليه الاتحاد العمالي العام في 7 ايار مايو المقبل، فأنه يُنفذ في ظل قناعة لدى الجميع، بمن في ذلك رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بضرورة تلبية مطالب اجتماعية ومعيشية وتصحيح الأجور حتى ولو كانت أزمة الغلاء عالمية. ولفتت مصادر في الأكثرية في حديث الى"الحياة"الى مواقف صدرت عنها مؤيدة مطالب القطاعات العمالية اطلقتها خلال الايام الماضية وأبرزها كان لرئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط والى اجتماع وفد من الأمانة العامة لقوى 14 آذار مع السنيورة واثارة الموضوع خلال الاجتماع الوزاري التشاوري في السراي الحكومية مساء اول من امس.وأوضحت هذه المصادر"ان الاكثرية، كما المعارضة، معنية بما تعانيه الشرائح الاجتماعية كافة ولا يجوز ترك الامر للتسييس خصوصاً أن الاتحاد العمالي العام وهيئات نقابية اخرى بعضها وهمي بدأت الإعداد لتحرك يربك الوضع السياسي ويؤزمه". وقالت هذه المصادر انه تم ابلاغ السنيورة"أن ليس مهماً ارتفاع الدين العام قليلاً من اجل إشعار الناس بأننا متعاطفون معهم ولا نلجأ اليهم فقط حين نريد ملء الساحات"، معتبرة ان"تحسين وضع الناس يؤدي الى عزل من يريد ممارسة الضغوط على الحكومة". وفيما أشارت هذه المصادر الى ان السنيورة بدا مستعداً للتجاوب، من دون تحديد مواعيد، فإن وزير الاقتصاد سامي حداد أطلق موقفاً ايجابياً من مسألة المطالب اذ اعلن عبر اذاعة"صوت لبنان"ان المفاوضات بين ارباب العمل والموظفين حول زيادة الحد الادنى للأجور وصلت الى مرحلة متقدمة، متمنياً"ان تقر هذه الزيادة قبل نهاية الشهر الجاري"، لافتاً الى"ان اكثر المتضررين من غلاء المعيشة هم ذوو الدخل المحدود"، مع اشارته الى ان"لبنان ليس البلد الوحيد الذي تأثر بزيادة الاسعار". وتنفّذ اليوم"هيئة التنسيق النقابية"التي تشمل"رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية"و"نقابة معلمي المدارس الخاصة"و"رابطات المعلمين الرسميين في الابتدائي والثانوي"، اضراب اليوم الواحد، وتوقع نقيب المعلمين نعمة محفوض"أن يتم الالتزام بالإضراب مئة في المئة في المؤسسات التربوية كافة"، مطالباً الحكومة بإقرار الزيادة التي سبق ان اعترف بها الرئيس السنيورة وهي 25 في المئة بحسب ما اعلن الإحصاء المركزي، نافياً اللجوء الى تحركات واعتصامات في الشارع. وقال محفوض لوكالة"الانباء المركزية":"كل الهيئات التربوية ستشارك في الإضراب، وكل الشعب اللبناني على اختلاف الأطياف السياسية، يدعم مطالب المعلمين في ظل الازمة الاقتصادية المتفاقمة في البلد". وكشف عن ان وزير التربية خالد قباني أبلغ النقابات ان تصحيح الاجور سيدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء في الاسبوع المقبل، وقال:"في حال بتّ المجلس الموضوع وصحح الأجور بنسب مقبولة فنحن سنبادله بخطوة ايجابية اما اذا كان البحث غير ايجابي، فسنجتمع الاسبوع المقبل لتحديد الخطوات المقبلة". وأعلن الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب مروان تابت للوكالة نفسها ان"المدارس الكاثوليكية ستعلق الدروس اليوم الا ان الادارة ستفتح ابوابها امام المراجعات وسنبقى نراقب التطورات". وكان السنيورة التقى امس، وفداً من القوى النقابية في الأمانة العامة لقوى 14 آذار. واعتبر وليد ملاعب بإسم الوفد ان"مسألة تصحيح الاجور ورفعها اساسية في هذه المرحلة بالذات وتصحيح الاجور هو احد اهم مقومات صمود الشعب اللبناني في هذه الازمة المعيشية والسياسية الصعبة". ووصف اللقاء مع السنيورة بأنه"كان ناجحاً". وعلى رغم تأييد الأمانة العامة في"هيئة الإنقاذ في الاتحاد العمالي العام"المنبثقة من 17 اتحاداً عمالياً معارضاً ومقاطعاً للاتحاد العمالي العام، للتحرك فإنها أسفت"لتوظيف الاتحاد الأزمة الاجتماعية مجدداً في الصراع السياسي في البلد في مرحلة ما بعد قمة دمشق. والدليل على ذلك واضح لجهة التوقيت المستجد والسريع للاجتماع خلال يومين أو لجهة القرار الارتجالي المتخذ بالإضراب العام في 7 أيار، في وقت ما زالت المفاوضات جارية بين اطراف الإنتاج للوصول الى تصحيح الأجور". واستغربت الهيئة"تجاهل الدور المركزي والأساس لوزير العمل المستقيل طراد حمادة في رئاسة لجنة تصحيح الأجور إذ من المفترض قانوناً ان يقدّم وزير العمل، في حال عدم التوصل الى اتفاق بين العمال وأصحاب العمل، اقتراحاً الى مجلس الوزراء بالقيمة المناسبة لواقع الحال لتصحيح الأجور التي يراها وزير العمل مناسبة ليصار الى اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المعني بمرسوم غلاء المعيشة". ورأت الهيئة ان"تجاوز هذا الأمر الأساسي والمجدي والذهاب فوراً الى الاضراب العام هدفه السير في تعطيل عمل اللجنة مساهمة في زيادة الأزمة الاجتماعية لمصلحة قوى التعطيل".