جده هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وعلى رغم ذلك لم يكبله الانتماء بل منحه انطلاقة أكبر، إذ دافع عن دعوة الشيخ ورأى أنها تحمل في طياتها بناء عقدياً خالصاً لا دخل للسياسة فيه. في حواره مع"الحياة"يعلق محمد بن عبداللطيف آل الشيخ على اتهامه بمحاربة التيار الديني في المملكة:"لا يمكن أن أكون ضد التيار الديني لأنني ببساطة جزء من هذا التيار، والدولة التي أنتمي إليها تقوم شرعيتها على تحكيم الشريعة، ولكن، أنا ضد"الصحويين"تحديداً، وعلى سبيل الحصر فأنا ضدهم وبشراسة أيضاً، لأننا خلال عقدين ماذا جنينا منهم..؟ لا شيء غير الإرهاب والتطرف وعداء الآخر والدم والقتل والتدمير والتفجير والتخلف وإعاقة التنمية"، ويؤكد آل الشيخ أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب دينية عقدية، تسعى ببساطة إلى تصحيح علاقة العبد بربه انها ترفع شعار"العقيدة أولاً"بينما الصحويون يرفعون شعار"السياسة أولاً". ويرى آل الشيخ أن"الصحوة"هي خليط من مذهب ومدارس واتجاهات عدة، العامل المشترك فيها: الثورة والتمرد... يقول:"أخذوا من"الإخوان المسلمين"الأسلوب الحركي العصري، والروح الثورية التمردية، وانتقوا من التراث الإسلامي، بما فيه أقوال علماء الدعوة السلفية، ما يخدم أغراضهم السياسية الثورية". ويؤكد في حواره الذي ينشر كاملاً اليوم في الطبعة السعودية ل"الحياة"أن هناك فرقاً بين الدولة الدينية، ودولة المجتمع المدني التي تستمد من الشريعة الغراء أنظمتها وقوانينها:"أنا ضد الأولى ومع الثانية، الدولة الدينية في المصطلح السياسي هي"الدولة الكهنوتية"التي عرفتها أوروبا في العصور المظلمة، وهي الشكل المماثل تماماً للحكومة التي أسسها الخميني في إيران، حكومة الولي الفقيه، حيث يتولى الفقهاء الحكم، ويتراجع المدنيون إلى الوراء، إلى دور الرعية المرعية. وصاية الفقهاء على الشؤون السياسية، من دون المدنيين، هي ممارسة كهنوتية بكل ما تحمل الكلمة من معنى". ويشير آل الشيخ الى"أن القائد المؤسس الملك عبدالعزيز اتخذ من التطوير والتحديث منهجاً وديدناً للبلاد، و"مثل أي فكرة تحديثية اعترضها في البداية أساطين الجمود والتحجر من بعض الفقهاء أو من يدور في فلكهم، وحاولوا وضع العراقيل في وجه الكثير من الممارسات التحديثية، غير أن الملك عبدالعزيز استطاع أن يفرض التطوير ويرسخ أسس الحداثة، حتى اضطر في بعض الأحيان إلى القوة المسلحة لفرض الحداثة كما في معركة"السبلة". ويرى آل الشيخ أن الممارسة التي بدأها أبو السعوديين هي في تقديره شرط ضروري للبقاء،"ومتى تخلينا عنها فعلى دولتنا السلام". وعن ما يحصل للمرأة في السعودية يوضح أنها ظاهرة عرضية، لا علاقة لها بالحلال والحرام قدر علاقتها بالعادات والتقاليد. يقول:"أملنا في قائد الصلاح والإصلاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يعيد للمرأة حقوقها، ويخلصها من هذه العادات والتقاليد التي لا علاقة لها بالدين قدر علاقتها بتزمت العادات والتقاليد". وعن العلاقات السعودية - الأميركية والعلاقات السعودية - العربية يقول:"منذ أن عرفنا العلاقة مع أميركا في زمن المؤسس ونحن ننعم بالخيرات والاستقرار. النفط اكتشفه الأميركيون وليس العرب. وبسبب النفط ها نحن نرفل في أثواب الأمن والرفاهية والثراء، وأصبحنا بعد النفط نتحكم في اقتصادات العالم من أقصاه إلى أقصاه، أما العرب الآخرون فلم نعرف منهم إلا المشكلات والخيانة والابتزاز. هم، وليس الأميركيين، من شجع كل المشكلات التي واجهناها، علاقتنا بأميركا لا يمكن أن نفرط فيها، لأننا أولاً، وقبل كل شيء، سعوديون، وسنبقى سعوديين، ومصالحنا هي المهمة في سلم الأولويات، ومن الغباء أن نضحي بمصالحنا في سبيل قضايا الآخرين". وعن التجربة الديموقراطية في العالم العربي وحال المجتمع المدني فيها يحلل آل الشيخ الواقع:"لدينا ثلاث تجارب عربية ديموقراطية لم تحقق فيها التنمية بمفهومها الواسع، أولى هذه التجارب لبنان الذي لا يعرف الاستقرار، وتتجاذبه مصالح الطوائف، الكويت بدأت فيها الديموقراطية منذ أوائل الستينات، والمشهد الكويتي الآن يشير بكل وضوح إلى فشل التجربة الديموقراطية، في حين أن هناك تجارب تنموية أخرى مثل تجربة الإمارات - مثلاً - حققت على المستوى التنموي أضعاف ما حققت الكويت من دون ديموقراطية، على رغم التماثل الثقافي والجغرافي والديموغرافي والاقتصادي بين البلدين". ويزيد آل الشيخ"السبب في تقديري أن بناء المجتمع المدني، الذي يعتمد على الارتقاء بالإنسان، وتكريس التنمية البشرية كأولوية مطلقة، هو شرط ضروري لنجاح الديموقراطية. المجتمعات العربية ما زال يتجاذبها عاملان إما الانتماء القبلي أو الانتماء الطائفي، أما الوطن فهو شعور يأتي ربما بعد هذين الانتماءين".