لم يعرف التبادل الاقتصادي بين أفريقيا وآسيا طفرة مماثلة من قبل. والعلاقات التجارية بين القارتين قديمة، وخصوصاً بين الهند وشرق أفريقيا وجنوبها. وتعود هذه العلاقات الى عهد التجارة على طريق الحرير. واستثمرت الصين الاموال في القارة الافريقية منذ انتهاء حقبة الاستعمار. وارتفعت صادرات افريقيا الى الصين 48 في المئة، في السنة، بين 2000 و2005، وبلغ حجم هذه الصادرات ضعفي الصادرات الى الولاياتالمتحدة وأربعة أضعاف الصادرات الأفريقية الى الاتحاد الأوروبي. والى وقت قريب اقتصرت حركة الصادرات الافريقية الى الصينوالهند على النفط والمعادن الثمينة وغيرها من المواد الاولية. وزاد الطلب على السلع الافريقية مع بروز طبقة وسطى في المجتمعين الصينيوالهندي، وارتفاع قدرة هذه الطبقة الشرائية. فالصينوالهند هما سوق السلع الافريقية بآسيا. ولكن معدلات الصادرات الافريقية الى آسيا لم ترتفع ارتفاعاً ملحوظاً، وحجم الاستثمارات الافريقية في آسيا ضئيل. وعلى افريقيا اقتناص فرصة تعاظم اقبال الهندوالصين على التجارة معها، وهي موطن 300 مليون نسمة من فقراء العالم، والسعي الى انماء القارة ودمج اقتصادها في الاقتصاد العالمي. والحق أن 85 في المئة من صادرات افريقيا الى الصين مصدرها خمسة بلدان غنية بالنفط، هي أنغولا وغينيا الاستوائية ونيجيريا وجمهورية الكونغو والسودان. و65 في المئة من الصادرات الافريقية الى الهند مصدرها افريقيا الجنوبية. وتكاد الصادرات الافريقية الى آسيا تقتصر على موارد الطاقة والمعادن الثمينة. وبلغت قيمة الاستثمارات الاجنبية الهندية بأفريقيا 1،8 بليون دولار، في نهاية 2004، بينما بلغت قيمة الاستثمارات الصينية 1،3 بليون في 2005. وجليّ أن الاختلاف بين الثقافتين الهنديةوالصينية، واختلاف أنظمتهما السياسية وسياساتهما الاقتصادية، هما وراء اختلاف اعمال الشركات الهنديةوالصينية بأفريقيا. فالدولة الصينية تملك أو تدير معظم الشركات الصينية العاملة في القارة الافريقية، في حين أن عدداً لا يستهان به من الشركات الهندية العاملة في القارة هي شركات خاصة، أو شركات يملكها القطاعان الخاص والعام. وتميل الشركات الصينية الى شراء حاجاتها من الصين عوض الاسواق المحلية، والى بيع سلعها الى مؤسسات حكومية افريقية. ولا تسعى الى دمج عمالها في النسيج الاجتماعي والاقتصادي الافريقي. وعلى خلاف الشركات الصينية، تشتري الشركات الهندية لوازمها من السوق المحلية الافريقية أو من السوق العالمية، وتبيع سلعها الى شركات افريقية خاصة، وترحب باندماج عامليها بأفريقيا وتحضهم عليه. وبحسب دراسة صدرت في 2006، حاز 450 صاحب عمل هندياً بأفريقيا جنسية البلد المضيف، في حين لم تتعد نسبة حيازة أصحاب العمل الصينيين هذه الجنسية 4 في المئة منهم. ولكن الاستثمارات الصينيةوالهندية بأفريقيا لا توفر فرص عمل كثيرة. وهي تقتصر على قطاعي الطاقة والمعادن. عن هاري برودمن مستشار البنك الدولي في شؤون أفريقيا،"فورين أفيرز"الاميركية، 3-4/2008