كرر الجنرالات الأميركيون أخطاء حرب فيتنام في العراق. وليست المسؤولية عن هذه الأخطاء فردية أو شخصية. فبين الحربين، تغيرت أسماء الجنرالات، ولكن المشكلة بقيت على حالها. وعلينا إعادة النظر في بنية الجيش للوقوف على أسباب هذه المشكلة. وفي عقد التسعينات، أخفق القادة العسكريون الأميركيون في الإعداد للحروب المقبلة، وفي تدريب جنودهم لمواجهة تحديات المعارك الجديدة وظروفها المختلفة. ولم يحسنوا تقدير سبل تحقيق أهداف الحرب على العراق، قبل اجتياحه. ولم يقدم جنرالات أميركا للكونغرس، ولجمهور الأميركيين، معلومات دقيقة عن النزاع هناك. وعلى رغم زعمهم تطوير استراتيجية الجيش وتغييرها، اقتصرت استراتيجية الجيش الجديدة على استعمال الأسلحة التكنولوجية المتطورة الثقيلة في الحروب التقليدية. وفي الأعوام الخمسة الأولى من الحرب على الإرهاب، استندت القوات المسلحة الى عقيدة مكافحة التمرد الموروثة من عهد إدارة رونالد ريغن 1981-1989. ولم يعد الجنرالات النظر في هذه العقيدة، ولم يطوروها أو يراجعوها. وعلى رغم مشاركتها في عمليات حفظ سلام، لم تبذل القوات المسلحة جهداً يذكر لتعزيز قدراتها في مجال عمليات إعادة البناء وتدريب قوات الأمن. ولم تختلف مناهج الجيش الأميركي عن نظيرتها في الحرب الباردة، وبذلت الأموال في تطوير الطائرات الحربية وأنظمة الأسلحة. وفي المدارس العسكرية ومراكز التدريب، درب الجنود على خوض حرب عنيفة يواجهون فيها جنود دولة أخرى. وارتكبت القوات الأميركية أخطاء عسكرية. فهي لم ترسل عدداً من الجنود يكفي لضمان أمن العراقيين. ولم يعترض الجنرالات على مخالفة القيادة الأميركية آراءهم العسكرية، وتركها التزامها نصائحهم في شأن عدد الجنود المناسب، ويقدر ببضعة مئات آلاف الجنود، في الحرب على العراق. ولم يبادر الجنرالات الى إعلام الرئيس بالتحديات المترتبة على إرساء الاستقرار في العراق، بعد اجتياحه. ولم تمانع"سانتكوم"قيادة الولاياتالمتحدة الوسطى تكليف وزارة الخارجية إدارة شؤون العراق بعد انتهاء العمليات العسكرية. وأعقب فشل الجنرالات في استباق مسار الحرب في العراق إخفاقهم في تكييف استراتيجية الجيش القتالية مع متطلبات مكافحة التمرد. وانصرفت القوات العسكرية في العراق الى ملاحقة المتمردين وقتلهم، ونأت بنفسها عن العراقيين. ولم تلتزم أولويات خطط مكافحة التمرد، ولم تسهم في تعزيز قدرات المؤسسات العراقية على فرض الأمن، وتوفير خدمات أساسية للمواطنين. وأخفى الجنرالات مدى استشراء العنف بالعراق. فعلى سبيل المثال، أعلن الجيش عن وقوع 93 هجوماً في يوم واحد من تموز يوليو 2006، في حين أن عدد الهجمات بلغ نحو 1100 هجوم في أثناء اليوم هذا. وأهمل الجنرالات حفظ أمن المدنيين، أي أبرز أهداف عمليات مكافحة التمرد، وأساءوا تقدير قوة العدو وقدرات الحكومة العراقية. عن بول ببينغلينغ عقيد في الجيش الاميركي،"آرمد فورسز جورنال"الاميركية، 5/2007