حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من تداعيات استمرار الوضع السياسي الراهن في لبنان "على أمن واستقرار لبنان والمنطقة في شكل عام". ودعا أثناء لقائه أمس رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، الى"مواصلة الجهود الهادفة الى معالجة الأزمة السياسية بما يحفظ أمن لبنان ووحدته وتماسك شعبه اللبناني بكل فئاته". وقالت مصادر أردنية رفيعة المستوى لپ"الحياة"أن السنيورة عرض الموقف مع المعارضة والتجاذبات الجارية ومصير المبادرة العربية والعراقيل التي وضعت أمامها. وقال بيان صدر عن القصر الملكي أمس، ان الملك عبدالله الثاني أكد للسنيورة"استمرار دعم الأردن للجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لإيجاد مخرج مقبول ينهي أزمته السياسية ويعيد للبنان عافيته ليتابع مسيرة البناء والتقدم". وبحث العاهل الأردني والسنيورة خلال اللقاء الذي حضره رئيس الوزراء نادر الذهبي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزير الخارجية ومدير المخابرات العامة وعن الجانب اللبناني المستشاران محمد شطح ورولا نور الدين، الآليات التي يمكن للأردن من خلالها تقديم المزيد من الدعم للبنان وللحكومة لتحقيق التوافق على رئيس جديد. ووضع السنيورة العاهل الأردني بصورة نتائج جولته العربية وتقويم الحكومة اللبنانية للمرحلة المقبلة والخيارات المتاحة أمامها لضمان وحدة لبنان وتحقيق الوفاق الوطني. وأعرب عن تقدير الحكومة والشعب اللبنانيين للملك عبدالله وللأردن على الدعم المتواصل الذي يساعد لبنان في تجاوز أزمته الحالية. وقال ان الشعب اللبناني"يقدر لجلالة الملك مواقفه التاريخية في مساندته للبنان للخروج من محنته التي يمر بها". وكان السنيورة توجه بكلمة الى اللبنانيين في الذكرى ال 33 لاندلاع الحرب اللبنانية في 13 نيسان ابريل 1975 قال فيها:"بعد مرور 33 عاماً على هذا الجرح، ما زلنا نعاني ولم نبرأ منه ومن أثاره وأوجاعه وذكرياته المؤلمة التي تقض مضاجعنا وتعكر علينا أحلامنا وأمانينا، بل إن ما يجعل هذه الذكرى موحشة وثقيلة، كونها تترافق مع استعادة خيالات الماضي لملاحقة ذاكرتنا وأفكارنا وتصوراتنا". وتابع:"البعض يسأل، هل تعود محنة المواجهات بين اللبنانيين أو بين الآخرين على أرضهم؟ أما البعض الآخر فإنه يروج للأفكار السود والتوقعات المأسوية. لكني يا أخواني أنا مثلكم أطرح على نفسي السؤال كل يوم، ما العمل؟ وما السبيل للخروج من المأزق الذي نزل بنا أو وقعنا فيه؟". وقال:"في الحقيقة ليس، ولا يجوز أن يكون لدينا إلا جواب واحد لا تطرح معه أي احتمالات أخرى، وهو: لا لليأس ولا للاستسلام ولا للتراجع ولا للقبول في أن نعود بإرادتنا أو أن نسمح بأن يعودوا بنا رغماً عنا إلى الوراء... لن نستسلم للسلبية، ولن نقبل أن نساق في كل مرة إلى الهاوية أو المأساة". وخاطب اللبنانيين قائلاً:"كونوا على ثقة بأننا بإرادتنا سنتجاوز الأزمة ولن نستسلم لبقائنا في ما وصلنا إليه. لقد واجهنا الكثير من الصعاب والمآسي في الماضي، وصحيح أن بعضها لا يزال يواجهنا، لكننا أيضاً استطعنا مرات الخروج من كثير من تلك المآسي ونجحنا في التعافي ومن ثم في الوقوف مجدداً والانطلاق نحو المستقبل، وهذا ما سنفعله وسنسير في اتجاهه وسنعمل على تحقيقه". وأكد ان"الدولة كانت وستظل هي الراعي الأساسي للمجتمع المدني، وهي الراعية بمؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية للاستقرار والتطور والتقدم وهي الحامية لحاضر ومستقبل وأمن وأمان اللبنانيين، لذلك فان الهدف الذي يجب أن نعمل له هو في العودة إلى انتظام عمل المؤسسات، مؤسسات الدولة المدنية والدستورية التي هي أساس مجتمعنا ونظامنا الديموقراطي الذي ارتضيناه ولن نسمح لأحد أن يدمره أو يحوله إلى أي نظام آخر". وتابع:"في السابق، ورغم صعوبة الظروف التي عانينا منها في أيام المحنة تمكنا من انتخاب رئيس للجمهورية أكثر من مرة، وقاوم النظام المدني اللبناني ووقف في وجه الهجمة الشرسة لتدميره، وعاد ونهض مجدداً. ونحن اليوم مدعوون إلى التوجه والعمل على تحقيق هدف واحد وهو، إعادة إحياء مؤسساتنا الدستورية اللبنانية، مع أولوية أساسية واحدة هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكي يعود وينتظم العمل في مؤسساتنا المدنية الديموقراطية التي تتيح وحدها فتح طريق الإصلاح والتطور والترقي على مصراعيه واستعادة قدراتنا على الافادة من الفرص الكثيرة التي فقدناها وضيعناها خلال العقود الماضية".