من جديد تحضر السينما لتضيء سماء مدينة آسفي. فهذه المدينة التي تحتضن أمواج المحيط الأطلسي، عاشت خلال ستة أيام متتالية مهرجانها السينمائي، الذي بلغ دورته السادسة، واستطاع أن يشكل حضوراً قوياً ضمن المهرجانات المغربية. هذه الدورة التي امتدت من 31 مارس إلى 5 نيسان أبريل، وافتتحت بعرض فيلم"أركانة"للمخرج المغربي حسن غنجة، الذي يتحدث عن الدفاع عن الأرض والوقوف ضد عملية اغتصابها من لدن الأجنبي، وهو من بطولة حميدو بنمسعود وثريا جبران. "أركانة"فيلم يقدم خارج إطار المسابقة الرسمية التي عرفت منافسة قوية بين مجموعة من الأفلام هي كالآتي:"الفتاة المقسمة"للفرنسي كلود شبرول، يتحدث عن فتاة تعيش في مدينة ليون، رفقة أمها، وتلتقي في مناسبة معينة بالكاتب شارل سانت دوني الذي سيقع بسرعة في حبها، لتأخذ قصة الفيلم بعد ذلك أبعاداً أخرى. وفيلم"وداعاً أيتها الأمهات"للمغربي محمد إسماعيل، الذي يتحدث عن هجرة اليهود المغاربة، مبرزاً قيم التسامح والإخاء، والحوار الإنساني، التي كانت تسود بين المسلمين واليهود، ومن بين ممثليه رشيد الوالي وسعاد حميدو ومارك سامويل وكريستيان درييو. وفيلم"في شقة مصر الجديدة"للمخرج محمد خان، الذي يحكي قصة مدرسة موسيقى نجوى، تقطن في مدينة المنيا، وتستغل فرصة تواجدها في القاهرة، لتقوم بالبحث عن مدرستها الأولى التي علمتها فن الموسيقى، لتتشابك خيوط الفيلم في إيقاع سينمائي جميل، وتجسد الدور في الفيلم الفنانة المصرية غادة عادل. وفيلم"ابن البقال"للفرنسي اريك غيرادون الذي يتحدث عن علاقة حب بين ابن بقال أنطوان وصديقته كلير، التي سيطلب منها بعض النقود، لتتشعب بعد ذلك أحداث الفيلم، وفيلم"في انتظار بازوليني"للمخرج المغربي داود أولاد السيد، وهو فيلم يحتفي بممثلي السينما، مركزاً بالخصوص على شخصية سامي الذي سبق له أن لعب دور كومبارس في أحد الأفلام الأجنبية التي صُورت بمدينة ورزازات. وسامي كان تعرف الى المخرج الايطالي العالمي بازوليني حين كان يقوم بتصوير فيلمه"أوديب ملكاً"، وبعد مرور حوالى أربعين سنة، ستحضر هذه الذكرى لديه عند زيارة فريق تصوير ايطالي لتصوير فيلم جديد، وسيقوم سامي بالبحث عن صديقه القديم بازوليني. الفيلم من تمثيل كل من محمد مجد ومحمد بسطاوي ومصطفى تاه تاه، وسبق له أن أحرز جائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وفيلم"سكر بنات"للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، حيث تلج بنا إلى عالم النساء بكثير من الإمتاع السينمائي، عبر حكايات نسائية مختلفة ومتكاملة في ما بينها، وحيث يحضر الفضاء النسوي بخصوصيته مجسداً في صالون تجميل في مدينة بيروت. وقد خلف هذا الفيلم صدى قوياً وعميقاً في الأوساط السينمائية العربية والدولية لطريقته الفنية البديعة ورؤيته السينمائية المتوهجة. كما حضر أيضاً في المسابقة الفيلم الجزائري/ الفرنسي"خراطيش غولواز"لمهدي شارف، وهو فيلم يتحدث عن حرب الجزائر مع فرنسا بمنظور إنساني، وكان قد تم عرضه في مهرجان"كان"الأخير خارج المسابقة، والجدير بالذكر أن قصة الفيلم تقدم من منظور طفل في العاشرة من عمره. وفيلم"الحياة الحقيقية ليست هنا"للمخرج السويسري فريدريك شوفات، وهو فيلم من سيناريو جيلي جيلبير، وقصته تنطلق من محطة القطار بمدينة جنيف، حيث ستنطلق منها سيدة لتذهب إلى مدينة مارسيليا الفرنسية لتلقي محاضرة، كما ينطلق رجل آخر ذاهب إلى برلين ليتعرف الى مولوده الجديد، وشابة تذهب لتعيش في ايطاليا، في مدينة نابولي، بلدتها الأصلية، لكن القدر يحب أن يلعب مع الذين يمتلكون اليقين. ثلاث شخصيات وثلاثة أقدار تلتقي وتتشابك، وهناك الفيلم المصري"مافيش غير كده"للمخرج المصري خالد الحجر. هذا إضافة إلى الفيلم البلجيكي"رائع"لمخرجه دومينيك ستانداييرت، ويحكي قصة ماتيو العاطل منذ زمن، ولقائه أحد مديري إحدى الشركات، لتمتد حكاية الفيلم وتتشعب بدورها. من دون أن ننسى فيلم"هي وهو"للمخرج التونسي اٍلياس بكار، الذي يحكي قصة العلاقة الأزلية بين الرجل والمرأة في إطار غرائبي مليء بالرهبة والخوف. كل هذا جعل من المنافسة على جوائز المهرجان تأخذ مدى قوياً وعميقاً، وتطلبت من لجان التحكيم، مجهوداً مضاعفاً، نظراً الى قيمة هذه الأفلام المختارة. وتوزعت الجوائز على الشكل الآتي: الجائزة الكبرى العصفور الذهبي منحت للفيلم المغربي"في انتظار بازوليني"، وجائزة لجنة التحكيم نالها الفيلم اللبناني"سكر بنات"، وجائزة أحسن ممثلة منحتها اللجنة للممثلة غادة عادل عن دورها في فيلم"في شقة مصر الجديدة"وجائزة أحسن ممثل حظي بها الممثل الفرنسي بونوا ماجيميل الذي أبدع في دوره في فيلم"الفتاة المنقسمة"وجائزة النقد السينمائي نالها الفيلم التونسي"هي وهو"وجائزة الصحافة التي نالها الفيلم البلجيكي"رائع"وجائزة لجنة الشباب التي كانت من نصيب الفيلم المغربي"وداعاً أمهات"في حين عادت جائزة السيناريو للفيلم الجزائري - الفرنسي"خراطيش غولواز". أما فيلم الاختتام فكان فيلم"سارق الفرح"المصري لداود عبد السيد. وخصصت هذه الدورة لتكريم مدير المركز السينمائي المغربي والناقد السينمائي نورالدين الصايل، ومجموعة من الفنانين السينمائيين الكبار: نبيلة عبيد والفنان المغربي حميد بناني والمخرج والمنتج البلجيكي جون جاك أندرريان والفنان المصري حسن حسني والفنان السوري أيمن زيدان، مع عرض أفلام تعكس تجاربهم السينمائية. كما احتفي بالسينما المغربية حيث عرض أكثر من عشرين فيلماً، إضافة إلى إقامة مائدة مستديرة حولها تحت عنوان"السينما المغربية، النشأة والتطور"بمشاركة الناقد السينمائي محمد الدهان والمخرج حميد بناني وصارم فاسي الفهري والناقد السينمائي أحمد أعرايب وأدارها الناقد السينمائي عبد الإله الجوهري.