لم يكن مفاجئاً اختتام نشاطات الدورة الثالثة عشرة لمهرجان سينما المؤلف الذي يُعقد سنوياً بمدينة الرباط ما بين 21 حزيران يونيو و1 تموز يوليو بفوز الفيلم الكوسوفي"كوكومي"للمخرج ايزا كوسجا. اذ أثار هذا الفيلم موجة من الإعجاب بين أوساط محبي السينما ونقادها لحظة بثه والذي رشحته كل التوقعات لنيل هذه الجائزة عن استحقاق كامل. كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم الروماني"الحلم بكاليفورنيا"للمخرج كريستيان نيمسكو، في حين عادت جائزة لجنة النقد السينمائي التي تكونت من النقاد السينمائيين خليل الدمون رئيساً ونور الدين محقق ومحمد الخيتر أعضاء إلى الفيلم البلجيكي"خاصية عارية"، وهو الفيلم الذي لاقى استحساناً كبيراً سواء من لدن الجمهور العادي أو جمهور النقاد. وتجلى ذلك في المناقشات، الهادفة التي عرفتها المائدة المستديرة التي خصصت لمناقشته والتي أبان فيها مخرج الفيلم جواتيم لافوس معرفة دقيقة بالسينما وبكيفية التعامل معها موضوعاً وتقنية. فيما توزعت بقية الجوائز بين الأفلام التالية: جائزة أحسن دور رجالي للممثل طارق البخاري الذي جسد دور فتى مسرحي يرغب في جعل المسرح معبراً عن هموم الآخرين في الفيلم المغربي"حديث اليد والكتان"للمخرج عمر الشرايبي، جائزة أحسن دور نسائي للممثلة ربيعة بن عبدالله التي جسدت دور امرأة تعاني من شذوذ زوجها في الفيلم التونسي"خشخاش"للمخرجة التونسية سلمى بكار، وهو أحد الأفلام التي استطاعت أن تحقق في هذا المهرجان حضوراً قوياً، ما جعله ينال جائزة"الجمهور". أما جوائز التقدير فقد عادت إلى الفيلم الايطالي"الحر"ممثلاً في نيل الممثل الطفل كيم روسي جائزة تقديرية عن دوره المميز في هذا الفيلم، وللفيلم"كوكومي"ممثلاً في نيل الممثلة أنيزا اسماعيلي هي الأخرى الجائزة التقديرية. تجدر الإشارة إلى أن لجنة التحكيم لهذه الدورة تكونت من المخرج السينمائي المغربي عبدالمجيد رشيش رئيساً والمخرجة الاسبانية بيلار فيلاسكيز والمخرجة الإيرانية سبيدي فارسي ومديرة الكاستينغ في"كانال بلوس"الفرنسية فابيان بيشي والمخرج الغيني الشيخ دوكوري والفنان التشكيلي المغربي محمد بناني والناقد السينمائي الفرنسي دييكو كالان ومدير الإنتاج المشترك بين اليونان والاتحاد الأوروبي، اليوناني كريكو كوكيناكيس أعضاء. قدمت هذه الدورة لعشاق الفن السابع مجموعة من الأفلام السينمائية الرائعة التي تجمع بين الفن التأليفي الراقي والقدرة على عملية التحكم التقني فيه، وبين الرغبة في الإمتاع الجماهيري وتقريب الجمهور العادي من سينما المؤلف في أبعادها الجمالية. كما كانت عملية تنظيم المهرجان والسهر على الورشات النقدية التي عقدت لمناقشة الأفلام المعروضة والتحاور مع مخرجيها فرصة للحديث عن واقع السينما وأهدافها الفنية والاجتماعية وما يحيط بها من قضايا عامة ترتبط بالجوانب النفسية والاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك. إضافة إلى كل هذا احتفل المهرجان أيضاً بالسينما المغربية في فقرة خاصة بها مع عرض مجموعة من أفلامها هي"السيمفونية المغربية"لكمال كمال وپ"ريح البحر"لعبدالحي العراقي وپ"الحلم المغربي"لجمال بلمجذوب وپ"الأجنحة المنكسرة"لعبدالمجيد رشيش وپ"انهض يا مغرب"لنرجس النجار وپ"ياسمين والرجال"لعبد القادر لقطع، كما احتفل بالأفلام الوثائقية عن طريق تقديم مجموعة منها مثل فيلم"عرب السينما الأشرار"للمخرج سات جهالي وفيلم"أمينة"للمخرجة خديجة السالمي وسواهما. أما في فقرة"استرجاع"فقد عُرضت مجموعة من الأفلام المتميزة كأفلام المخرج الفرنسي فيليب فوكون ذات الطابع التربوي العام مثل"المؤامرة" وپ"صابين"وپ"سامية"وپ"الغرباء"وأفلام المخرج التركي نوري بيلج سايلان التي لاقت صدى طيباً لدى عموم الجمهور المتابع والتي توالت كالتالي" كوزا"وپ"مناخات"وپ"ايزاك"وپ"غيوم شهر ماي"وپ"قصبة"... كان للسينما اليونانية أيضاً حضورها اللافت والاحتفاء بها هي الأخرى في فقرة"بانوراما"بعرض مجموعة من الأفلام اليونانية مثل فيلم"اليوم الوحيد في حياته"للمخرج لاكيس باباستاهيس، وفيلم"متزوج بالكامل"للمخرج ديميتريس أندراس وغيرهما.... أياً يكن الأمر، استطاع مهرجان الرباط السينمائي الذي اختار له نهج"سينما المؤلف"أن يحقق تميزه ضمن مجموع المهرجانات السينمائية المغربية التي أصبحت تحظى بسمعة عربية ودولية محترمة، وهو بهذا يعتبر رافداً قوياً من روافد الاهتمام بالمجال السينمائي في بعده الجمالي وفي صيغه الفكرية الإنسانية. كما استطاع أن يحظى بتواجد كبار المخرجين والفنانين العرب والأجانب، وأن يساهم من هذا المنطلق في الدفع بالسينما المغربية والعربية إلى مقارنة انتاجاتها بإنتاج بقية الدول الأخرى الحاضرة من خلال أفلامها بغية التطوير شكلاً وتقنية ومضموناً وأداء.