قبلت المحكمة الدستورية العليا في تركيا، أمس، الدعوى التي رفعها مدعي محكمة التمييز على حزب العدالة والتنمية الحاكم، مطالباً بحظره بتهمة تحوّله الى"بؤرة لمعاداة النظام العلماني". وستمهل المحكمة الحزب شهراً لتقديم مرافعته المبدئية لتفنيد ما جاء في عريضة الادعاء. واتخذت المحكمة الدستورية قرارها بالنظر في الشكوى بإجماع قضاتها ال 11. ووافقت، بغالبية 7 منهم، على ملاحقة الرئيس عبدالله غل، فيما اعترض عليها أربعة قضاة، باعتبار ان غل ترك الحزب بعد توليه الرئاسة، وهو غير مسؤول عن سياساته والقضايا التي ترفع ضده. وأكد عثمان علي فياظ نائب رئيس المحكمة الدستورية ان قرار قبول النظر في الدعوى لا يعني الحكم فيها لمصلحة المدعي، بل يعني أن المحكمة وجدت أركان الدعوى مستوفاة من زاوية تقنية بحتة. لكن مراقبين رأوا أن إصرار سبعة قضاة على زجّ غل في الدعوى رغم تأكيد خبراء قانونيين كثيرين ان لا علاقة له بالحزب منذ توليه الرئاسة، يعتبر مؤشراً مهماً الى انطلاق القضية ضد الرئيس والحزب، خصوصاً أن النصاب اللازم لحل الحزب هو 7 قضاة من أصل 11. وفي وقت أيدت أحزاب المعارضة القومية والعلمانية حل"العدالة والتنمية"، أعرب حزب المجتمع الديموقراطي الكردي عن تأييده تعديل الدستور في شكل يحول دون حظر الأحزاب في تركيا. وجدّد حزب الحركة القومية عرضه قبول جزء من تلك التعديلات المقترحة من أجل إنقاذ الحزب من الحظر، شرط أن يقبل غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان اعتزال السياسة لخمس سنوات، الأمر الذي رفضه الحزب الحاكم. وأبلغت مصادر مطلعة في الحزب"الحياة"أن أردوغان أمر بإعداد مرافعة الدفاع، وبات مقتنعاً بأن الدعوى جاءت نتيجة اتفاق بين أوساط سياسية وقضائية على عزله وحظر الحزب الحاكم. واعتبرت مصادر الحزب أن"الذين رتبوا للدعوى تحققوا سلفاً من رأي سبعة قضاة على الأقل". في المقابل، وضع أردوغان مخططاً للمماطلة في حسم القضية المرفوعة، وذلك من أجل إتاحة وقت كاف لإقرار التعديلات الدستورية التي تحول دون حظر الأحزاب في تركيا، وهو يبدو مصراً على عرض هذه التعديلات الدستورية في استفتاء عام من أجل الالتفاف على احتمال ان تقع هذه الخطة في شِباك المحكمة الدستورية. وأعلن حزب الشعب الجمهوري العلماني انه سيحيل على المحكمة الدستورية أي تعديلات يجريها الحزب الحاكم لتجنب الحظر، فيما أجمعت أحزاب المعارضة على رفض فكرة"الاستفتاء على علمانية الجمهورية". وأفادت مصادر الحزب الحاكم أن أردوغان رفض اقتراحاً من أوساطه بتشكيل حزب بديل من"العدالة والتنمية"ليخوض الحزب الجديد الانتخابات البلدية في آذار مارس المقبل، في حال حظر"العدالة والتنمية". ويبدو أردوغان مقتنعاً بأن سيناريو الاستفتاء سيأتي بنتيجة تحول دون الحظر. وفي حال فشل جهوده سيظل قادراً على العمل السياسي والترشح للبرلمان كمستقل، إذ ان الحظر السياسي المقترح يشمل فقط قيادته لحزب سياسي خمس سنوات. لكن الأوساط العلمانية تراهن على انقسام داخل صفوف الحزب الحاكم في حال خسر قيادته واضطر الى تنصيب قيادات بديلة موقتة تطيع أوامر"نائب مستقل"في البرلمان.