قبل العام 1922 كانت الإصابة بالداء السكري عند الأطفال قاتلة. ولكن اكتشاف هورمون الأنسولين آخر العام 1921 على يد الجراح الكندي فريدريك غرانت بانتينغ وطالب الطب شارل بيست أعطى الأمل للملايين من المصابين في إمكان علاج الداء السكري المعتمد على الأنسولين. وبالفعل استطاع بانتينغ وبيست معالجة أول مريض عمره 12 سنة اسمه ليونارد بإعطائه حقن من هورمون الأنسولين الذي مكنه من العيش سنوات. وبعد ذلك تتالت الأبحاث الى أن استطاع العلماء التوصل الى تنقية هرمون الأنسولين من الشوائب. وفي العام 1980 تمكن البحاثة من إنتاج الأنسولين البشري بطريقة الهندسة الوراثية بواسطة أحد أنواع البكتيريا، وبعدها أصبح الهورمون يصنع من خميرة الخبز. ويتألف هورمون الأنسولين من 51 حامضاً أمينياً، وينتجه البانكرياس وتحديداً من خلايا تعرف باسم"جزيرات لانغرهانس"التي تنتج يومياً نحو 30 - 50 وحدة دولية، بحسب حاجة الجسم. ويتولى هورمون الأنسولين عملية ضبط السكر في الدم، وذلك بتسهيل عملية تحركه من المجرى الدموي الى قلب الخلايا. ولهذا فعندما يزداد مستوى السكر في الدم يزداد إفراز الأنسولين، وعند انخفاضه ينخفض هو الآخر. ومتى انخفض مستوى السكر في الدم توقف البانكرياس عن إنتاج هورمون الأنسولين. وفي شكل عام يبدأ مستوى هورمون الأنسولين بالارتفاع بعد 8 الى 10 دقائق من تناول الطعام. ويصل الى الذروة بعد مرور 30 الى 40 دقيقة من استهلاك الطعام. وبعدها يعود الى مستواه الأساسي بعد 100 الى 120 دقيقة من التهام الأكل. وكما هو معروف، فإن هورمون الأنسولين يعطى حقناً فقط لأن المعدة تهضمه إذا مر فيها. ويتراوح مستوى هورمون الأنسولين الطبيعي في الدم ما بين 5 و25 وحدة دولية، وتكون القيم أقل عند الأطفال الحديثي الولادة. وإذا تجاوز المستوى في الدم 30 وحدة دولية، فهذا يعتبر غير طبيعي. وعادة يُعتمد على قياس مستوى هورمون الأنسولين ومستوى السكر معاً أثناء إجراء اختبار تحمل الغلوكوز الفموي أكثر من الاعتماد على قياس الأنسولين لحاله. ويرتفع مستوى هورمون الأنسولين في الدم في الحالات الآتية: - متلازمة كوشينغ فرط إفراز الغدة فوق الكلية. - الورم الأنسوليني. - مرض ضخامة النهايات. - السمنة. اما القيم المنخفضة لهرمون الأنسولين فتشاهد في الداء السكري. ويقاس الأنسولين بعد صوم 8 ساعات. ويجب الأخذ في الاعتبار ان هناك أدوية ترفع من مستوى الهورمون في الدم مثل"ستيروئيدات القشرية"، وعقار"ليفودوبا"، ومانعات الحمل الفموية. ويجب الأخذ في الاعتبار أيضاً أن الفحص لا يميز بين الأنسولين الذي يطرحه البانكرياس والأنسولين الآتي من خارج الجسم في حال كان المريض يعالج بالأنسولين، ولهذا يلجأ الى قياس مستوى"بيبتيد سي"الذي يطرحه البانكرياس بكمية مطابقة للكمية التي يفرزها من الأنسولين الداخلي. يجدر التنويه هنا الى وجود خطورة من الارتفاع المزمن لهورمون الأنسولين في الدم، إذ أنه يؤدي مع مرور الوقت الى إلحاق الأذى بالفراش المبطن للأوعية الدموية، خصوصاً الذي يوجد في الشرايين الرفيعة. وهذا ما يدفع الى الإصابة بأزمات صحية وعائية وقلبية ودماغية ومعوية وإنجابية... وغيرها.