عبّر وزراء الخارجية العرب عن اعتقادهم بأن الوضع الذي آلت إليه عملية السلام يتطلب مراجعة "الخط الذي انتهجته الدول العربية وموقفها من جهود إحياء عملية السلام في ضوء التطورات الجارية"، مؤكدين أن"مبادرة السلام العربية لا يمكن أن تظل قائمة من دون تجاوب حقيقي من إسرائيل مع طرحها وتنفيذها إلى جانب المرجعيات الدولية الأساسية الأخرى". ودعا مجلس الجامعة العربية الذي عقد دورة"غير عادية"على المستوى الوزاري لدرس العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مجلس الأمن إلى تحمّل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني. ودان في بيان أمس"الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة وبقية الأراضي الفلسطينيةالمحتلة"، مشدداً على أنها"جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وطالب المجلس الوزاري الأطراف الفلسطينية بالإسراع في لم الشمل وتحقيق الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، وحضها على التجاوب مع الجهود العربية في هذا الصدد. وكان الوزراء العرب حولوا اجتماعاً تشاورياًَ عقد مساء الثلثاء إلى اجتماع طارئ لمناقشة تطورات الأوضاع في غزة. وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إن وزراء الخارجية العرب توافقوا على عدد من الخطوات والمواقف لرفعها إلى القمة العربية المقبلة في دمشق. وأضاف أن"عملية السلام قضت عليها الأحداث والتطورات الأخيرة ونحن سنتبنى موقفاً سياسياً في هذا الإطار ... إما أن تكون هناك عملية سلام أو لا". واستهل كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة 129 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بدعوة"مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية الدولية إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه القضية الفلسطينية، وأن يكفّا عن الكيل بمكيالين ويتعاملا مع الوضع في الشرق الأوسط باعتباره قضية شعب يناضل لتحرير أرضه من الاحتلال العسكري ويسعى إلى بناء وطنه ودولته المستقلة في فلسطين". وقال:"تنعقد هذه الدورة صعوداً نحو القمة العربية في دمشق في ظل ما تعلمونه من مخاطر تحيط بالعالم العربي في فلسطين كما في لبنان والعراق والصومال كما في السودان وجزر القمر". وأضاف أن"العدوان الإجرامي على غزة يكشف سياسة إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني تقوم على الإبادة". وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم عقب الاجتماع إن"هناك استعدادات على قدم وساق لاستضافة القمة العربية، والأمين العام للجامعة العربية شاهد بنفسه هذه الاستعدادات والقمة ستعقد في موعدها في دمشق". وأضاف أن"الدعوة لحضور القمة ستوجه إلى لبنان. وعلى لبنان أن يختار من يمثله"، مؤكدا أن"الدعوة ستوجه أيضا إلى المملكة العربية السعودية". غير أنه لم يوضح كيفية توجيه الدعوتين. وأعرب عن اعتقاده بأن"مستوى التمثيل سيكون أعلى من مستوى التمثيل في قمم أخرى". وسُئل المعلم عن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس للمنطقة، فأجاب أن"زيارة رايس جاءت لتبرر حشد الأساطيل قبالة السواحل اللبنانية". وعن الأزمة السياسية في لبنان، قال إن"فكرة لا غالب ولا مغلوب التي تطرحها سورية تعني الشراكة بين مختلف أطياف الشعب اللبناني، ولا تعني أن الأكثرية تهضم حق الأقلية، ولا تهضم الأقلية حق الغالبية". وأضاف أن"التركيبة في مجلس النواب مؤلفة من 55 في المئة للأكثرية و45 في المئة للمعارضة، وهذا ما يجب أن يعكسه تركيب حكومة الوحدة الوطنية". ورأى أن"اللبنانيين أنفسهم قادرون على تحقيق التوافق إذا وضعوا مصلحة لبنان أولاً"، مؤكداً أن"المبادرة العربية لم تصل إلى حائط مسدود، بل ما زال الأمين العام يأمل في استمرار واستئناف جهوده". وأوضح أن"اختيار الرئيس هو شأن اللبنانيين، ونتمنى أن يصلوا إلى توافق حول المبادرة قبل نهاية الشهر". من جانبه، قال وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم إن"هناك تقويماً لموقف مجلس الأمن الذي كان غاية في السوء ... تقدمت ليبيا بمشروع قرار أدخلت عليه تعديلات من أميركا وفرنسا فيها إدانة للفلسطينيين بنسبة 90 في المئة ولا توجد فيها إدانة واضحة للطرف الإسرائيلي". ووصف بيان رئيس مجلس الأمن بأنه"بيان باهت ولا يرقى إلى أي مستوى من مستويات المسؤولية". وقال وزير الشؤون الخارجية الجزائري رئيس الدورة السابقة لمجلس الجامعة مراد مدلسي إن"أهلنا في فلسطينوغزة يتعرضون لحصار ودمار وقتل وعدوان هجمي"، مؤكداً أنه"تم بذل جهود كبيرة لتوفير أرضية للمصالحة بين الأفرقاء اللبنانيين، وكانت متوازنة ومتكاملة لاستيعاب الأزمة اللبنانية". وتحدث وزير خارجية جيبوتي رئيس الدورة الحالية محمود على يوسف، فأكد أن"الدورة الحالية تعقد في ظل ظروف استثنائية ومقلقة تمر بها المنطقة". وناشد المجتمع الدولي رفع الحصار الظالم في غزة ومنع"المحرقة"التي تنفذها إسرائيل، داعياً الفلسطينيين إلى أن يتداركوا الموقف وخطورته ويوحدوا الصفوف ويلموا الشمل، كما طالب اللبنانيين ب"توحيد الجهود وليس الفرقة". وعقب انتهاء الجلسة الافتتاحية لأعمال مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، بدأت جلسة مغلقة خصصت للبحث في المسألة اللبنانية، إذ عرض الأمين العام للجامعة على الوزراء تقريراً عن جهوده ومساعيه لحل الأزمة اللبنانية. ويناقش وزراء الخارجية خلال اجتماعاتهم التي تنتهي اليوم 28 بنداً أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية على غزة والأزمة السياسية في لبنان ومشروع جدول أعمال القمة العربية. وسبق الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس الجامعة العربية اجتماع لهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات التابعة للقمة العربية على مستوى وزراء الخارجية برئاسة المملكة العربية السعودية، وتضم الهيئة ست دول هي السعودية رئيساً، وسورية والسودان وتونس والجزائر وجيبوتي، إضافة إلى الأمين العام للجامعة. وتتركز مهمة الهيئة على إعداد تقرير لرفعه إلى القمة عن متابعة تنفيذ قرارات القمة الأخيرة في الرياض.