تنطلق اليوم في دمشق، أعمال القمة العربية العشرين، وسط اعتقاد وفود مشاركة بأن مشهد الافتتاح نفسه سيعبر عن"الانقسام الكبير"في العالم العربي الذي اعترف به الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وسيترجم هذا"الانقسام"بغياب عدد من القادة العرب عن اعمالها انضم اليهم امس الرئيس اليمني علي عبدالله صالح. وتزامن القرار اليمني مع اعلان الاردن خفض تمثيله الى مستوى مندوبه في الجامعة العربية عمر الرفاعي، على رغم ان وزير الخارجية صلاح البشير شارك في اجتماعات الوزراء العرب اول من أمس. وكان لبنان الدولة الوحيدة التي اعلنت رسمياً الامتناع عن المشاركة. وعبر عدد من اعضاء الوفود عن تخوفهم من انزلاق العالم العربي بعد القمة الى"اختبارات قوة"تضاعف تعقيدات الازمات المفتوحة ما لم تتمكن القمة من وضع آليات لاحتواء الخلافات العربية تمهيدا لحلها. ويفتتح الرئيس بشار الأسد اعمال القمة بخطاب يتناول العلاقات العربية و"التضامن العربي"والأوضاع في لبنانوالعراق وعملية السلام، قبل بدء جلسات العمل المغلقة. وتوقعت وفود مشاركة ان تشهد هذه الجلسات"حديثاً صريحاً"خصوصاً لدى التطرق الى الخلافات العربية - العربية، مشيرة الى موضوعين حساسين هما"الأزمة اللبنانية والدور الايراني في المنطقة"من دون استبعاد"مفاجآت"الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان آخر الواصلين الى مطار دمشق، مساء امس. ويشارك في أعمال القمة 11 من قادة الدول العربية، الامر الذي اعتبرته مصادر سورية"مستوى تمثيل جيداً، باعتبار ان عدداً من القادة درجوا على عدم المشاركة في القمم الاخيرة". ورد وزير الخارجية السوري وليد المعلم امس على انتقادات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أيد موقفي مصر والسعودية. وقال في تصريحات صحافية ان كلام ساركوزي"تدخل"في الشؤون العربية ويدل الى ان السياسة الفرنسية باتت"تفرز"الدول مثل السياسة الاميركية. وحض اللبنانيين على"الجلوس على طاولة الحوار"والعمل إلى حل مشاكلهم بأنفسهم. وقالت المصادر السورية ل"الحياة"إن سورية ستسعى خلال الفترة المقبلة التي تترأس فيها القمة العربية، الى"تبديد أجواء التشاؤم"، مشددة على ان دمشق"تدرك حجم الصعوبات في الواقع العربي وتأمل في ان تتولى لجنة عربية جهودا جدية لرأب الصدع في العلاقات العربية". وعلمت"الحياة"ان كلمة الرئيس المصري حسني مبارك، التي سيلقيها وزير الدولة للشؤون القانونية مفيد شهاب لن تتطرق الى الاسباب التي أدت إلى تخفيض مستوى تمثيل بلاده في القمة بشكل صريح. لكنه سيتناول موقف مصر من الأزمة اللبنانية التي تعتقد القاهرة بأن استمرارها يؤثر على العمل العربي المشترك، خصوصاً أن دولا عربية تتبنى مواقف تحول دون وضع حد لها. وقال مصدر خليجي ل"الحياة"امس ان السياسة الايرانية في المنطقة ستطرح في الجلسات المغلقة التي تبدأ بعد مراسم الافتتاح الرسمية اليوم، مشيرا الى ان بعض الوزراء الخليجيين تحدث في الاجتماع الوزاري العربي مساء الاربعاء عن وجود"الكثير من المخاطر التقليدية التي تهدد العرب بينها اسرائيل وهي خطر مستمر"، قبل ان يشير الى ان"الخطر الايراني هو خطر مستجد يجب اخذه جديا"، علما ان وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي سيحضر الجلسة الافتتاحية. وتابع المصدر الخليجي ان عدداً من رؤساء الوفود العربية في الاجتماع الوزاري تحدث"عن الخلافات العربية، وهي ليست مستعصية ويمكن حلها اذا توافرت الارادة السياسية". وزاد:"ان الدول الاوروبية بينها بحر من الدماء، لكنها استطاعت التعاون وتناسي الخلافات". وقالت مصادر اخرى ان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري تحدث عن ضرورة"تكثيف الوجود العربي"في العراق مقترحاً صدور قرار من القمة بإقامة علاقات ديبلوماسية مع بغداد. وشكل قرار الرئيس اليمني تكليف نائبه عبد ربه منصور هادي رئاسة الوفد اليمني الى قمة دمشق، مفاجأة باعتبار ان جميع الاجراءات كانت قائمة على اساس ان الرئيس علي صالح سيرأس وفد بلاده. وقالت مصادر متطابقة ل"الحياة"ان الرئيس اليمني كان مقررا ان يقدم تقريرا الى القادة العرب عن"اعلان صنعاء"بهدف اقراره من القادة والعمل على جمع الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل. وأبدت مصادر خليجية ارتياحها لسير أعمال الاجتماعات التحضيرية للقمة، وأعربت عن أملها في أن تسير أعمال القمة وفق الأجواء التي سارت بها اجتماعات وزراء الخارجية يوم أول من أمس. وقال عضو وفد خليجي إن جدول أعمال الاجتماع الوزاري التحضيري أعد خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يومي 5 و6 الشهر الجاري، وكان هناك توافق عليه. واضاف:"في الاجتماع الوزاري التحضيري لم تكن هناك أي مفاجأة، سوى الورقة التي اقترحت من ليبيا والمتعلقة بالعلاقات العربية - العربية". وأبدت المصادر ارتياحها للنقاش والحوار الذي دار بين وزراء الخارجية في جلستهم المغلقة الخميس والتي لم تشهد أي حدة أو تجاذب بين المتحدثين. وفي وقت أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ل"الحياة"أن العراق سيتقدم بطلب لاستضافة القمة العربية المقبلة في بلاده، مشيراً إلى نجاح حكومته ب"استضافة مؤتمر اتحاد البرلمانات العربية في اربيل بالمنطقة الكردية مطلع الشهر الجاري"، استبعدت مصادر في الوفود العربية أن يتم قبول الدعوة العراقية بسبب"الاحتلال الأميركي للعراق". واستبعد بعض المصادر أن يتم قبول اقتراح بعقد القمة المقبلة في مقر الجامعة العربية حتى يتولى العراق رئاستها. ومن المعروف أنه"وفق الترتيب الأبجدي"فإن الصومال مرشح لاستضافة أو رئاسة القمة العربية ال21 ولكن هذا الأمر مستبعد بسبب أوضاع الصومال مما يعطي الدور للعراق. وهذا أمر مطروح على القمة وسط تكهنات خليجية باحتمال أن تتقدم دولة الامارات لتستضيف القمة المقبلة بدلاً من دورها الذي كان استحق عام 2002 وتنازلت عنه للبنان.