التزمت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، في أثناء زيارتها إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية، تفعيل إشراف الأميركيين على التزام الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، تعهداتهما، على ما نصت"خريطة الطريق". ورأى موظفون أميركيون ان الإدراة الأميركية لم تيأس من احتمال بلوغ اتفاق على المسائل الجوهرية، وتحسين الوضع الأمني. ويعود التغيير في سلّم أولويات رايس الى إحراز المحادثات في المسائل الجوهرية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل شيئاً من التقدم، والى رغبة الإدراة الأميركية في مد يد العون الى رئيس حكومة السلطة، سلام فياض، الذي يبلغ جهده لأجل تحسين الوضع في الضفة. ففي الأشهر الأخيرة، قام فياض بحملة لاستمالة الرأي العام الأميركي، ودعا الى مساعدة المعتدلين الفلسطينيين وإزالة الحواجز التي تصعب الحياة اليومية، والى توفير فرص عمل في الضفة الغربية. وتلزم المرحلة الأولى من"خريطة الطريق"الفلسطينيين والإسرائيليين إنجاز عدد من التعهدات. وبموجب"الخريطة"، على إسرائيل وقف البناء في المستوطنات وإزالة الحواجز المستحدثة في آذار مارس 2001، والامتناع من مهاجمة المدنيين الفلسطينيين، وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدسالشرقية. وعلى الفلسطينيين تنظيم قوات الأمن المؤتمرة بأمر السلطة، ومكافحة المجموعات التي تخطط للعمليات الإرهابية ضد إسرائيل وتنفذها، وتفكيك بنية الإرهابيين التحتية. ولكن الطرفين تهربا من الوفاء بما التزما به، منذ إعلان"خريطة الطريق"قبل خمسة أعوام. وفي أثناء زيارتها إسرائيل، طلبت رايس عقد اجتماع للهيئة المولجة متابعة تنفيذ"خريطة الطريق"برئاسة الجنرال بريسر. فاعترض وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، على عقد لقاء ثلاثي، واقترح عقد لقاءات منفردة، مع كل طرف على حدة. ولم تتراجع رايس عما اقترحته، فأرسل باراك رئيس الدائرة الأمنية والسياسية في وزارته، عاموس جلعاد، الى الاجتماع. ولم يعلن اولمرت الخلاف مع رايس. ولكن تصريحاته نمت باستيائه من تغييرها مسار عملية أنابوليس. فأعلن أولمرت نيته مواصلة اللقاءات السياسية مع محمود عباس، على رغم الحرب في غزة. وشدد على ضرورة حل المشكلات الجوهرية مع الفلسطينيين، عوض تنفيذ"خريطة الطريق"أو تخفيف معاناة الفلسطينيين الحياتية. وبعد الهجوم على المدرسة التلمودية في القدس، أمر أولمرت ببناء 750 منزلاً جديداً في مستوطنة غفعات زئيف، وأخلّ بما التزمه في الأشهر الأخيرة، أي وقف بناء المستوطنات وراء الخط الأخضر. وتجاهل أولمرت انتقادات السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية، وأصدر قراراً يخالف"خريطة الطريق". ويبدو أن الآمال في إزالة الحواجز، ورفع القيود على حركة الفلسطينيين، تبددت على وقع التصعيد العسكري في غزة والخوف الإسرائيلي من نشوب انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية. والحق أن رايس وجهت، في السابق، انتقادات عنيفة الى إسرائيل. ففي خطابها في أنابوليس، ربطت الحواجز في الضفة الغربية بالتمييز العنصري الذي عانت منه في طفولتها في ولاية ألاباما. ولكن الخلاف الحالي هو مرآة انقسام حقيقي بين وزيرة الخارجية الأميركية وبين القيادة الإسرائيلية. وإدانة الإدارة الأميركية رفض إسرائيل السلام، علناً، أمر مستبعد. وفي أيار مايو الآتي، يزور الرئيس بوش إسرائيل، ويشارك في ذكرى 60 عاماً على قيام إسرائيل. وبعد رايس، يصل الى القدس نائب بوش، ديك تشيني، وهو خصم رايس، ويمثل الخط المتشدد في الإدارة الأميركية. ولن يغالي بوش في إظهار صداقته لإسرائيل في ظل الخلاف على الحواجز والمواقع الاستيطانية. ولكن البيت الأبيض لن يتخلى عن تأييد أولمرت طالما واصل محادثاته مع عباس. عن ألوف بن، موقع "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، 20 /3/ 2008