جليّ أن الملالي، وهم كانوا على الدوام كتلة كبيرة في البرلمانات السابقة، شعروا أنهم يتجهون نحو خسارة شطر كبير من سطوتهم السياسية. وأرادوا حماية مواقعهم، فعمد الحرس الثوري الى تعظيم سيطرته على العملية الانتخابية. وعلى شاكلة عملية عسكرية، أوكل تنفيذها الى أحد قادة حراس الثورة، نائب وزير الداخلية. فالحكومة تحتكر صلاحية مراقبة الانتخابات في إيران، وتستبعد المراقبين المستقلين والدوليين. وضيق المجلس خيارات الناخبين، وأخضع المرشحين لتقويمات الاستخبارات. ووافق مجلس الرقابة على الدستور على الترشيحات. ودعت شخصيات إيرانية، أيَّدت في السابق النظام الخميني، إلى مقاطعة الاقتراع. فانتخابات المجلس هي سبيل المؤسسة الحاكمة الى إقصاء منافسيها سلما،ً ومن دون إراقة دماء. وهذه الانتخابات، الثامنة منذ وصول الملالي إلى الحكم في 1979، هي سابقة من نوعها. فالأحزاب الموالية للنظام تتنافس على حصة أكبر في الحكم، بينما يؤدّي الملالي دوراً ثانوياً. وفي الانتخابات السابقة، وجد الناخبون أنفسهم أمام خيار الاقتراع لأصحاب العمائم، واليوم، أمام خيار الاقتراع لأصحاب البزات العسكرية. وقد تنتهي الانتخابات الى فوز ثلاث كتل من حراس الثورة المتقاعدين والمتحالفين، بمباركة المرشد الأعلى الذي لا يستسيغ محاولات أحمدي نجاد بناء قاعدة شعبية له. وفي وسع المرشد تقويض نفوذ الرئيس من طريق اختيار مجلس مناوئ له، ومن طريق توسيع صلاحيات الحرس الثوري. ويترتب على هذا التوسيع تراجع دور الملالي. ويحسب أحمدي نجاد أن في وسعه إخراج الولاياتالمتحدة من الشرق الأوسط، في حين يميل منافسوه من أصحاب الثروات الطائلة، الى المحافظة على النظام، ورعاية استقراره بانتهاج سياسة الثورة المتدرجة. ويرى منافسو نجاد ان انتهاج بلدهم سياسة خارجية ديبلوماسية أجدى من عزلة الجمهورية الإيرانية، وتبعد شبح الحرب عنها. عن أمير طاهري،"تايمز"الأميركية، 14/3/2008