واصلت الصين زيادة نفقاتها العسكرية ما يقلق الولاياتالمتحدة من تنامي القدرات العسكرية لهذا البلد الكبير. وكشف الناطق باسم الجمعية الوطنية الشعبية البرلمان الصيني جيانغ انزهو ان الموازنة الجديدة للقوات الصينية التي ارتفعت بنسبة مماثلة عام 2007 17.8 في المئة ستبلغ 58.76 بليون دولار العام الحالي. هذه الموازنة تشهد زيادات مطردة منذ أكثر من عقد ما يفسر على أنه استدراك لمستواها الضعيف سابقاً. وأكد جيانغ أن زيادة موازنة الدفاع مرتبطة بالنمو الاقتصادي الصيني، اذ ان"بناء الجيش الصيني يتناسب مع نمو الاقتصاد والمجتمع الصيني". وستستخدم الموازنة في شكل أولوي في زيادة نفقات الجنود ثم في تحسين قدراتهم العسكرية. ورفض الناطق باسم البرلمان انتقادات بعض الدول، معتبراً أن مقارنة بدول أخرى "وخصوصاً بعض الدول الكبرى"فإن مستوى النفقات العسكرية يعتبر أقل في الصين. وشرح:"إذا نظرنا إلى عام 2007 فإن النفقات العسكرية الأميركية شكلت 4.6 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي و7.2 في المئة من موازنة البلاد". وغالباً ما تثير التقديرات الرسمية للنفقات العسكرية الصينية ارتياباً في الخارج، لا سيما في الولاياتالمتحدة التي عززت امكاناتها العسكرية في المحيط الهادئ في السنوات الماضية في مواجهة نمو الجيش الشعبي. تقربر البنتاغون وكشف تقرير وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون أن الصين طورت وسائل للتسلل والتحكم في شبكات الكومبيوتر في ما وصفه المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية بأنه تهديد جديد وخطير. وأوضح التقرير أن التسلل إلى شبكات في وزارة الدفاع الأميركية وغيرها من الوكالات الأميركية، بما في ذلك مراكز الأبحاث، يبدو"أنه انطلق من الصين". وإضافة إلى ذلك تبين أن التسلل إلى شبكات الكومبيوتر في المانيا، يتم عبر قراصنة صينيين أيضاً وهذا يتم يومياً، وكذلك في فرنسا وبريطانيا، طبقاً لما ذكره البنتاغون. وحذر مسؤولون في أجهزة الاستخبارات البريطانية المؤسسات المالية من أنهم أصبحوا هدفاً"لعمليات استغلال لشبكات الكومبيوتر تتم بتأييد من الدولة"قادمة ايضاً من الصين. ومع ذلك لم يتهم تقرير البنتاغون المؤسسة العسكرية الصينية بتلك العمليات مباشرة، ولكنه ذكر انها متماشية مع التفكير العسكري الأخير في هذا البلد. وقال دافيد سيدني نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون شرق آسيا، ان الحرب الالكترونية هي جزء يثير قلقاً متزايداً، وطالب الصينيين بتوضيح نياتهم.لأن"الوسائل المستخدمة، والطريقة التي تتم بها عمليات التدخل، متماشية مع ما تحتاجه إذا كنت ستشن حربا الكترونية، ونوعية النشاطات التي تنفذ متماشية مع كثير من الكتابات الآتية من المؤسسة العسكرية الصينية والمنظرين العسكريين الاستراتيجين الصينيين". ويعتقد المسؤولون العسكريون الصينيون أن التقدم الذي حققته الصين في مجال الحرب الالكترونية، بالاضافة إلى مواهبها المتزايدة في تحييد الأقمار الاصطناعية المتخصصة في نقل المعلومات وغيرها من القدرات، هي جزء من الأهداف العسكرية التي تشل العدو المحتمل. ولهذا أوضحت وزارة الدفاع الصينية أنها تسعى الى تطوير قدرة هجومية برية تتتع بإمكان الإختراق، بهدف نشرها بحلول عام 2018، كما تعمل على تحديث القاذفات من طراز"بي 1"وپ"بي2"وپ"بي52". وأكّد خبراء عسكريون أن مثل هذه الأنظمة العسكرية في القرن الپ21 يمكن أن يمكنها ان تعمل بطيارين أو من دونهم. يمكن أن تضم مزيجاً من الصواريخ والقاذفات وأشعة الليزر وتتمتع الصين بقدرة كبيرة على منافسة الولاياتالمتحدة عسكرياً وإدخال تقنيات عسكرية هدّامة يمكنها مع مرور الوقت موازنة التقدم العسكري الأميركي التقليدي في ظل غياب إستراتيجيات أميركية مضادة". والإستثمار في الصواريخ البالستية والعابرة للقارات والصواريخ والأنظمة الدفاعية الجوية. ولهذا أوصى التقرير بعدد من التدابير السرية، لضمان تفوق القوة العسكرية الأميركية على القدرات الصينية من بينها الهيمنة على الأجواء وامتلاك قدرات هجومية طويلة المدى وتحسين العمليات الرئيسة والإستراتيجية. وأشار التقرير السنوي الذي نشره البنتاغون الى أن الصين عززت بناءها العسكري بمزيد من الصواريخ المتطورة وأجهزة الليزر التي تعطل عمل الأقمار الاصطناعية ومنشآت تحت الأرض، وكلها تهدف إلى كسب صراع محتمل مع تايوان، وإن إنفاقها الدفاعي هو أكبر ثالث معدل إنفاق في العالم بعد الولاياتالمتحدةوروسيا. وجددت الصين تحذيرها واشنطن من تزويد تايوان بالصواريخ، في مقابل وفائها بعدم إستخدام أسلحة نووية ضد تايوان. واعتبرت أن المسألة التايوانية تدخل في صميم المصالح الخاصة بالصين، علاوة على اعتبارها مسألة داخلية بحتة. وتجدر الإشارة إلى تغير مفهوم الأمن القومي والإقليمي للصين بعد نهاية الحرب الباردة، وإعلان المفهوم الأمني الجديد الذي تبنت فيه الصين مبدأ الشراكة المتعددة الأطراف لجهة إنشاء البيئة الأمنية، ورفض إقامة التحالفات، أو اللجوء الى إستخدام القوة. وفور الإعلان عن موازنة الدفاع الصينية لعام 2008 صرّح الناطق بإسم وزارة الخارجية الأميركية توم كيسي بأن الولاياتالمتحدة ودولاً أخرى تريد أن تعرف نيات الصين وأهدافها من زيادة الموازنة العسكرية. علماً ان التقرير السنوي الصادر عن وزارة الدفاع الأميركية حذر من نقص شفافية بكين في شأن توسعها العسكري ومن الطريقة التي يمكن أن تستخدم بها قوتها العسكرية هذه. وجاء في التقرير:"توجد علامات استفهام كثيرة حول مستقبل الصين، ولا سيما ما يتعلق بتوسع قوتها العسكرية والطريقة التي يمكن أن تستخدم بها هذه القوة". واستناداً إلى التقرير الأميركي، فإن الاستعداد لأحداث ممكنة في مضيق تايوان بما فيها إمكان تدخل أميركي في حال نشوب أزمة، يشجع على التحديث العسكري على المدى القصير. لكن الناطق باسم الخارجية الصينية كين غانغ ندد بتقرير البنتاغون واعتبر انه"عقلية تحريف خطير للوقائع ومحاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للصين". وأضاف:"لا نشكّل تهديداً للدول الأخرى وندعو الولاياتالمتحدة إلى التخلي عن الحرب الباردة وأن يكون لديها تفهم صحيح للصين ونموها". وأوضح أن"الصين تعارض بشدة ذلك وهي قدمت احتجاجاً رسمياً لدى الولاياتالمتحدة... وهذا الأمر لن يكون مفيداً لعلاقاتنا الثنائية". وترى وزارة الدفاع الأميركية أن روسيا تبقى أهم مورّد للأسلحة والمواد العسكرية الى الصين. ويشير تقرير البنتاغون إلى أن روسيا تبيع أحدث المقاتلات والأنظمة الصاروخية والغواصات والسفن العسكرية من فئة المدمرات وأن عدداً من المشاريع الصناعية العسكرية الصينية يعتمد على مواد روسية. ويذكر التقرير أن غالبية التقنيات الفضائية الصينية صنعت بواسطة المعدات الروسية وأن روسيا تساعد الصين بخصوص أقمار إصطناعية محددة. نظرية الحرب المعلوماتية بدأت الصين أيضاً تطوير نظرية حرب المعلومات في وتيرة متزايدة. وبحسب نشرة"جينز"الاستخبارية فإن"السنوات الماضية شهدت تركيزاً على حرب المعلومات حيث لا يتجاهل المسؤولون الصينيون دورها المهم كإحدى أدوات خوض الحروب الحديثة. فهم لا يكتفون بالبحث في الموضوع من ناحية نظرية بل يدربون قواتهم عليها ميدانياً"وهذا يعني أن الصين تستخدم تقنيات متطورة ويمكن توقع استخدامها للكومبيوترات لمهاجمة أعدائها في أي قتال ينشب في المستقبل. وأكثر ما يثير قلق البنتاغون هو أن الصين تتكتم على نفقاتها العسكرية. وبحسب تقديرات الخبراء الأميركيين فإن الإنفاق الدفاعي الصيني بلغ نحو بين 97 بليون دولار في العام الماضي. وأعلنت بكين أن الموازنة العسكرية الصينية بلغت فقط 45 بليون دولار في عام 2007. خلافاً لتقدير الخبراء . * باحث لبناني في الشؤون العسكرية.