تعاني قيمنا الإنسانية ومبادئنا الموروثة حالاً من الموت السريري أو الاحتضار أو الموت التام، ففي أحسن حالاتها لا يمكن نعتها بالمريضة أو وصفها بالسليمة، فهي في مهب الريح ونحن من حكم عليها بضرورة الزوال كي تروق لنا الحياة بمعطياتها الجديدة. كثيراً ما نتساءل ما سبب انتشار الكذب واندحار الصدق والصادق، لنعزو هذا الى الظروف والمتطلبات الجديدة لا بل المتجددة والحيوية والتي لا تقبل بغير الزيف وجهاً وبغير المجاملة أسلوباً وبغير الكذب وسيلة. أين ذهبت الأمانة؟ إنها كما الصدق باتت عبئاً على حاملها الذي ينعت بالمتخلف ويسير الى الوراء طالباً عودة الزمن الذهبي، وأنّى للزمن أن يعود أدراجه، وهنا ازدهرت الخيانة بألوانها فبات رضاها عند الكبير قبل الصغير، وبيتنا نرى أطياف الخيانة كلها في مجتمعاتنا، فهناك من يخون وطنه وهناك من يستلذ بخيانة صديقه أو محبوبه وهناك من يخون الأمانة. وعن الغدر لنحدث ولا حرج فلا نكاد نجد إنساناً بيننا إلا ومارس الغدر أو مورس عليه فهي ملح لا غنى عنه، والوعود باتت كما التراب تذر في العيون وتترك أثرها في النفوس فقلَّ وجود الوفي وندر. بتنا أناساً مدمرين من دون شعور بالأمن والأمان فلا أمل لدينا بالآتي ولا ندم على الماضي. وغالباً ما تكون شماعتنا المستساغة هي الظروف وضغوط الحياة ومتطلبات البقاء حتى وصلنا الى درجة من انعدام الثقة بالذات. فكيف لنا وفي ظل المنتشر من نقيض القيم السوية أن نستمر بحالة سوية؟ وكيف لذاك العاقل أن يحتفظ بعقله بين جموع تنعته بالجنون؟ أما جنونه فهو عدم فهمه معادلة الحياة. هكذا باتت القيم عندنا، فلماذا نقول نحن أمم ستنتصر وازدهارنا بات وشيكاً، لماذا نقول ان الحرية على الأبواب، نحن شعوب وهنت وفقدت إرادتها واستقبلت الأبيض والأسود مزينة إياه باللون الذي يريد، نحن شعوب ابتعدنا عن العقلاء والحكماء والشرفاء وتشبثنا باللامع من الرعاع، فتبّاً لقيمنا التي نعتنقها وتباً لتخاذلنا، ولكذبنا وخيانتنا لأنفسنا ولغيرنا ولشحّنا على فقرائنا ولمطامعنا التي لا تنتهي. خيرية رضوان يحيى - جنين - بريد إلكتروني