600 مقر إقليمي في الرياض..الفالح: 1.2 تريليون ريال استثمارات في المملكة    وثائق النقل الإلكترونية للبضائع تتضاعف 1199مرة    أوبك تثبت توقعاتها حول الطلب على النفط    نسرين خبيرة تكنولوجيا الغذاء    الصندوق السعودي للتنمية يحصد جائزة المساهمة المجتمعية المميزة    600 شركة عالمية تتخذ المملكة مقراً إقليمياً.. والاستثمار تضاعف ل1.2 ترليون ريال    الذهب يتراجع عن مستوياته القياسية.. والأسهم العالمية ترتفع رغم مخاوف الحرب التجارية    رئيس وزراء باكستان: المملكة صديق موثوق.. ندعم سيادتها وسلامة أراضيها    تحقيق أممي في وفاة موظف محتجز لدى الحوثيين    حكومة سورية جديدة "متعددة الأطياف".. مطلع مارس    حصار الحي الشرقي لمدينة طولكرم    صلاح يتألق وإيفرتون يفسد فرحة ليفربول بهدف درامي في الوقت القاتل    السعودية" أرجوان عمار" تتوج برالي أبوظبي باها 2025م    للمرة الأولى.. حلبة جدة تحتضن سباق فورمولا إي    في ملحق يوروبا ليغ.. بورتو وروما الأبرز.. وألكمار يستضيف غلطة سراي    الكناني يدشّن مهرجان «نواتج التعلم» في متوسطة الأمير فيصل بن فهد بجدة    إعلاميو "الأوفياء" يطمئنون على الحداد    والدة إلياس في ذمة الله    آل الفريدي وآل أبو الحسن يتلقون التعازي في فقيدهم " إبراهيم "    «نافذ».. نقلة نوعية وحلول مبتكرة لتسريع الإجراءات    سعوديات يبدعن في مستقبل التصميم    92 دار نشر عالمية تتنافس في جازان    معارض دائمة للفنون الجميلة بالأحساء    نادية العتيبي سعيدة بالتكريم    "تعليم شرق الدمام" يحتفي بالفائزين في تحدي القراءة    أمير الرياض يكرم الفائزين في أولمبياد الإبداع العلمي    أمريكية تعتصم أمام منزل خطيبها الباكستاني    "الأوقاف" تدشّن منصة "أوقاف للخدمات الرقمية"    «طبية الملك عبدالله».. إنجازات نوعية    الفرع الافتراضي.. قصة نجاح!    جدلية العلاقة بين السياسة والاقتصاد!    «فلسطين أرض عليها شعب.. ليست لشعب بلا أرض»    النصيحة السعودية للإقليم!    المدينة والجرس: هنا لندن أو هناك أو... في كل مكان!    حصالة ليست بها قيمة    أمير الشرقية يدشن شمعة التوحد في الأحساء والظهران    صندوق الاستثمارات العامة راعياً رسمياً لبطولة الجولف للسيدات    وزير الصحة السوري يعبّر عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية    تعب التعب    التأسيس وتحقيق رؤيتنا المثلى    تعزيز التعاون بين اتحاد الكرة و«الفيفا»    أمير جازان يبحث احتياجات أهالي محافظة هروب    بعد استفزازه.. «فينيسيوس» يسخر من جماهير مانشستر سيتي بال«15»    ضبط شخص في الشرقية لترويجه (11,580) قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر    أمطار رعدية على معظم المناطق    التعاون يؤجل الحسم إلى الإياب    اللواء المربع يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي الجوازات    وفود العسكريين يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    الأطفال الإعلاميون في حضرة أمير الحدود الشمالية    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميّز خدمة ضيوف الرحمن    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة ال ( 54 )    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    مملكة الأمن والأمان    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القراء يتركون الرواية المتخيلة الى السيرة "الواقعية" المزعومة
نشر في الحياة يوم 12 - 03 - 2008

من المفترض ان تتقدم مبيعات الرواية، بنت الخيال، كتب السيرة الذاتية، وهي سرد يلتزم الصدق ويتقصى الواقع. وعلى خلاف المتوقع، يقبل جمهور القراء بفرنسا على قراءة السير الذاتية، ويلتهم سير مؤلّفين لا يقبل على قراءة روايتهم أو لا يستطيع قراءتها. فهل الجمهور مصيب في خياره؟
ففي موسم الأعياد والعطل، تعرض المكتبات جديدها وقديمها، وتوضبها في رزم أنيقة تجمع كتباً متنوعة، وتضع عليها علامة بارزة تشير إلى محتوى ومضمون الرزم. وتشير إحدى هذه العبارات الى احتواء الرزمة"رواية كاتب ما + سيرة مصوّرة عن هذا الكاتب". وتروج سيرة المؤلف لروايته، وتحث القارئ على قراءتها. وكأن حال تجارة الكتب انقلبت من حال الى حال. ومالت أهواء الناس إلى الواقع، وعزفت عن الخيال وبناته.
والحق ان التوأمة بين الرواية والسيرة هي مرآة الذوق المعاصر. ولكنها تبعث على القلق. فالرواية تنقل عناصر من السيرة نقلاً دقيقاً وتفصيلياً. فيقع الشاري في حيرة أمام قصد الناشر أو البائع من الإعلان الذي يسم الرزمة. وتوفر السيرة للقارئ معلومات في وسعه الكلام عليها في الأحاديث العابرة والمتجاذبة في السهرات. وهذه المعلومات عن كاتب ما قد تغنيه عن قراءة رواياته وأعماله.
ولطالما أسهمت الجوائز الأدبية في تسويق الرواية. ولكن الجوائز مُنحت في الآونة الأخيرة الى سير وأبحاث. وتذرعت لجنة الحكام بذرائع مختلفة، منها أن السيرة التي فازت بالجائزة كُتبت بضمير المتكلم، أو أن بعض الأبحاث تحاكي أسلوب الرواية وتتوسل أسلوب النقل الإحالي. وتقدّم لجان التحكيم البحث على الرواية. فالبحث يحقق مبيعات أعلى، ويلبي رغبات الجمهور. وحازت"روايات"مزعومة، وهي في الواقع سير ذاتية أخفى كاتبها هويته ووسمها باسم كاتب خيالي، على جوائز. وأدرجت هذه"الروايات"تحت باب"الخيال الذاتي".
ويبحث القراء والنقاد، على حد سواء، عن"الكومة من الأسرار"الشخصية وراء السرد، ويأملون في أن تكون عظيمة ومثيرة. ويتجاهل هؤلاء حبكة الرواية، صنيعة الخيال، وينصرفون الى اكتشاف ما تفصحه الرواية عن شخص المؤلّف. ونبّه بول فاليري، الشاعر الفرنسي الذي عزف عن قراءة الرواية، القراء الى وجوب تمييز الشخص الحقيقي، وهو مؤلّف العمل، من الشخصية الخيالية التي يعرضها العمل.
والجمهور لا يقبل على قراءة المغامرات. ويستسيغ السير المدمرة أو الصفراء على نحو ما يقال صحافة صفراء التي تتناول الحوادث الفظيعة والفضائح، ويفضلونها على السير البنّاءة التي تعرض مآثر شخص ما. ليس مرد المشكلة الى قيمة السيرة الموضوعية، بل الى تأثيرها في القارئ. فالسير، سواء كانت مملّة أم آسرة، تشغل القارئ عن قراءة أعمال المؤلّف صاحب السيرة. وهي تقترح صورة عن المؤلف تحل محل أعماله. فكاتب السيرة لا يدرس مؤلفات المؤلّف، صاحب السيرة أو محورها. وتوحي، تالياً، بأن حياة الكاتب تصنع قيمة كتاباته الادبية. وينصرف كاتب السيرة الى الالمام بتفاصيل حياة بطله اليومية وأسراره.
وتشير عبارة"السيرة الروائية"، وهي نحتها أندري موروا غداة الحرب الثانية ورجع عن استعمالها، إلى استحالة كتابة السيرة. والسير العظيمة هي تلك التي تظهر هذه الاستحالة، على غرار سيرة وضعها بول موران عن موباسان . غير أن السير الرائجة في الأسواق هي مرآة التوق الى تحويل كل كتب المؤلف أو لوحاته كلها الى كتاب واحد. وقد تكون السيرة في مثابة إعلان موت موضوعها، على رغم أنها لا تنطوي على دعوة إلى إنكار الحياة. وزعم بعضهم أن احتمال كتابة المرء سيرته الذاتية لم يحمل يوماً صاحبها المحتمل على العدول عن الحياة وعيشها.
وقد تبعث الرغبة في الشهرة والسيرة الذاتية احدهم على الانتحار. وهو الطريق الملوكي إلى السرد الذاتي.
وتتناول سير كثيرة عملية التدمير الذاتي، وتبعث في القارئ الغائر في الأريكة الوتيرة، رغبات سادية بالموت. ولا يملك معظم كتّاب السير المسرودة وقتاً لقراءة الروايات المطوّلة والزاخرة بالشهادات المباشرة وغير المباشرة على من يسردون سيرته. وتلقى السير السلبية رواجاً كبيراً، على خلاف السير الإيجابية المبنية على الدراية والاطّلاع. ويأخذ الناس على أصحاب السير الذاتية، المكتوبة بصيغة الأنا، النرجسية والتباهي والوقاحة، ويفضلون السير التي لم يكتبها صاحبها وموضوعها.
عن جاك لوكارم، "ميديوم" الفصلية الفرنسية، 1-2/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.