لا يفكر طلاب الجامعات السعودية كثيراً في النشاطات غير الأكاديمية، على رغم وجود لجان متخصصة في النشاطات الثقافية والمسرحية، وأخرى تنظم رحلات مختلفة خارج المدينة التي تقع فيها الجامعة. من حيث الشكل هناك لجان وهيكلة إدارية وموازنات تنظم النشاط غير الأكاديمي، غير أن المشكلة تكمن في التفاصيل. والأخيرة كفيلة بصعود مؤشر النشاطات الطلابية، أو هبوطها إلى درجات متدنية، وهو الغالب على أداء غالبية الجامعات السعودية. وتنحصر هموم غالبية الطلاب في المعدل التراكمي، وحمايته من"نزيف النقاط"، من دون أن يكون للنشاطات الأخرى مكان في قائمة اهتماماتهم. لكن هذا الواقع لا يعني انعدام النشاط غير الأكاديمي، الذي يمر أحياناً بموجات اشتعال، لكنها تبقى الشذوذ عن القاعدة. وتعد النشاطات غير الأكاديمية حال اشتعالها مكاناً"صاخباً"بصراع الأفكار، إذ تتنافس التوجهات المختلفة لاستخدام منبر"اللجان الطلابية"وتوظيف الدعم الذي يحظى به لخدمة أفكارها، وپ"قطع الطريق"على أصحاب الرؤى الأخرى. وبما أن"اللجان الطلابية"تعامل كوسيلة إعلامية لها حضورها، فإن غالبية المعارك تنشب بين"فرقاء الأفكار"من الطلاب لقيادة هذه اللجان، وذلك تحت لافتات دينية غالباً. إذ يعد الصراع على وجود الموسيقى في المسرح إحدى المشاكل التي تكون محوراً للتجاذبات، وهو ما يؤكده الطالب في كلية الطب عبدالله توفيق 23 سنة بقوله:"تعمدنا السيطرة على مسرح الجامعة كي نمنع الموسيقى". وبالانتقال إلى السائد عن وضع النشاط الطلابي، يشير إبراهيم أحمد 27 سنة بعد دراسته في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وقيادته النشاط المسرحي فيها، إلى وجود"مشكلة ثقافية"للطالب السعودي، وتحديداً في المراحل التعليمية الأولى، التي يتهمها بإهمال النشاطات"اللاصفية"،"ومن ثم تتراكم معها إشكالات متعددة تقود إلى التعامل الجامد مع المؤسسات التعليمية، من دون أن يكون للنشاطات المصاحبة أي دور يسهم في بناء الطالب، وينمّي شخصيته". ويضيف:"لدينا مشكلة في وعي الطالب، وتفهم الجامعة، نضطر في بعض الأحيان لأن ندفع من جيوبنا على ديكورات المسرح، ولو لم نكن مؤمنين بأهمية ما نقوم به في تحقيق ذواتنا، لما واجهنا وسائل الإحباط الكثيرة. باختصار هناك إهمال متعدد الأوجه للنشاط الطلابي، لا تتوقف عند مسؤول يعتبرها من الكماليات غير المهمة، أو طالب يلهث خلف معدله التراكمي، وكل همه الخروج من الجامعة في أسرع وقت ممكن". ويجيب الطالب في كلية العلوم الطبية التطبيقية فراس محمد 25 سنة بهدوء عن سؤال عدم انضمامه الى النشاط الطلابي:"أرى لافتات مختلفة لجوالة الجامعة، ولكن لا أهتم لها، هناك الكثير من الهموم الأكاديمية، وبالكاد أتغلب عليها". ولا يتردد الطالب في كلية التربية أحمد سليمان 24 سنة في تأكيد أنه يستفيد من مقر اللجان الطلابية للجلوس فيه وقت الفراغ، ويضيف:"لست مستعداً لأن أبقى معهم وقتاً طويلاً، ولا أرى ما يحفزني على الانخراط في نشاطات ميتة، ولكنْ لديهم مكان أجلس فيه عندما لا يكون لدي محاضرات، وأستمتع بالحديث معهم، فهم زملاء في المقام الأول". ويعتبر الكثير من الطلاب السعوديين أن إقرار مجلس الشورى السعودي أخيراً نظاماً جديداً للجامعات يتضمن للمرة الأولى السماح بإنشاء"اتحادات للطلاب"خطوة مهمة على طريق بث الحياة في المياه الأكاديمية الراكدة. ويشير نص النظام إلى"إنشاء اتحاد للطلاب في كل جامعة يرعى شؤونهم ويمثلهم، كما يتم اختيار رئيس وأعضاء اتحاد الطلاب بالاقتراع السري لمدة عامين قابلة للتجديد لمرة واحدة"، مشدداً على أن"تكون موارد اتحاد الطلاب مما يخصص من موازنة الجامعات، والتبرعات والإيرادات الناتجة من الأنشطة". وعطفاً على هذا النظام الذي سيدخل حيز التنفيذ في الشهور القليلة المقبلة، فإن الكثير من الطلاب ينتظرون"ربيعاً مؤسسياً"لنشاطاتهم غير الأكاديمية، من دون أن ينفوا عودة الحزبية الطلابية من خلال النظام الجديد. إذ يشير الطالب في كلية الهندسة وائل إبراهيم 24 سنة إلى أن تجربة الانتخابات البلدية التي أجريت قبل أكثر من سنتين وشهدت صراعاً بين أكثر من توجه ستكرر نفسها. ويقول:"غالباً ما تكون البدايات متأثرة بالأيديولوجيات، ولكن مع رسوخ التجربة ستعود الاحتقانات إلى شكلها الطبيعي في إطار التفاعل الاجتماعي، ولا بد من أن يكون لهذه الاتحادات الطلابية صوت عال للمطالبة بالكثير من الحقوق المهدورة للطالب الذي غالباً ما تقع رقبته تحت مقصلة الأستاذ".