شيع مئات الصحافيين امس نقيب الصحافيين العراقيين شهاب التميمي، الذي توفي مساء اول من امس متأثراً بإصابته في هجوم استهدفه السبت الماضي، في ظل استنكار واسع من الأوساط السياسية والبرلمانية والحزبية والاعلامية لجريمة الاغتيال. وقال امين سر نقابة الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي ل"الحياة"ان"نحو 200 صحافي واعلامي عراقي شاركوا في تشييع التميمي من دون حضور اي مسؤول حكومي رفيع"موضحاً ان جثمان التميمي سيدفن في"مقبرة السلام"في النجف. وانطلق المشيعون من منزل التميمي في منطقة جميلة شمال شرقي بغداد الى مقر نقابة الصحافيين في منطقة الوزيرية، وسط اجراءات امنية مشددة. وحمل المشيعون الجثمان الذي لف بالعلم العراقي، ووضعت حوله اكاليل الزهور، تتقدمهم لافتة كتب عليها"نستنكر العمل الجبان الذي استهدف نقيب الصحافيين". كما حمل عدد من الصحافيين صوراً للتميمي وسط هتافات تندد بموقف الحكومة العراقية وتطالب بتأمين سلامة العراقيين خصوصا الصحافيين من بينها"الله اكبر يا حكومة.. اين وعدك للصحافة". وكان مسلحون مجهولون اطلقوا النار على سيارة التميمي السبت الماضي في منطقة الوزيرية شمال بغداد بعد خروجه من مقر النقابة لحضور تجمع ثقافي تسبب في اصابته بجروح في مناطق مختلفة من جسده كما اصيب نجله ربيع. واعربت كتل سياسية وبرلمانية وشخصيات حزبية وهيئات اعلامية عن استنكارها لجريمة اغتيال التميمي، التي اعتبرها طالباني"جريمة نكراء تدل على ان الارهابيين تخيفهم الكلمة الصادقة والاعلام الحر وهم يسعون الى اشاعة البلبلة وزعزعة الاستقرار". ودعا طالباني في برقية تعزية الصحافيين الى"الاستمرار في عملهم في نشر كلمة الحق والانصاف وان لا تثنيهم مثل هكذا محاولات في تعطيل الميدان الصحافي". واتهم 11 فرعاً لنقابة الصحافيين في المحافظات الحكومة بعدم الاهتمام بنقيب الصحافيين والاسراع في علاجه. وانتخب التميمي 75 عاماً نقيباً للصحافيين العراقيين في دورتين متعاقبتين بعد الغزو الاميركي عام 2003، وسبق ان تعرض لتهديدات بالقتل عام 2005، اجبرته على التواري عن الانظار لكنه عاود نشاطه بعد حصوله على ضمانات من السلطات في حماية الصحافيين من عمليات القتل العشوائي. ولد الراحل شهاب التميمي في الاول من تموز يوليو عام 1933 في مدينة الشطرة التابعة لمحافظة ذي قار 375 كلم جنوبا وبدا عمله في الصحافة مبكرا مع جريدة النور في خمسينيات القرن الماضي. ثم التحق بالعمل في جريدة الجمهورية في الستينات وبرز من خلالها اسما جريئا في تناول القضايا المهنية للصحافيين وتناول كل ما يتعلق بحياة الناس مطالبا بواقع افضل لهم عبر حض الجهات الحكومية لحل مشاكلهم واحتياجاتهم. وعمل عضوا في مجلس ادارة نقابة الصحفيين العراقيين عندما كان الشاعر العراقي الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري نقيبا لها. وانتقل في مطلع تسعينات القرن الماضي للعمل في جريدة العراق وخصصت له زواية كل يوم ثلثاء من كل اسبوع كرسها لاهتمامته المعروفة فكان جريئا بطرحها رغم سطوة السلطة آنذاك على الصحافة العراقية واخضاعها لآيدولوجياتها. وشغل التميمي منصب رئاسة تحرير صحيفة"الزوراء"الصادرة عن نقابة الصحافيين العراقيين خلال الاعوام الثلاثة الماضية. وقال جبار طراد النائب الاول لنقابة الصحافيين ان"الارهابيين يستهدفون كل ما يخدم البلاد خصوصا الكلمة الصادقة"، مؤكدا ان"صحافيي العراق سيبقون على طريق العمل الحر في سبيل العراق مهما كان الثمن". من جانبها، قالت الصحافية هناء محمد التي ارتدت ملابس حداد سوداء ان"استهداف التميمي كغيره من الصحافيين هو استهداف للعراق بأكمله"، مؤكدة ان"كل اعمال العنف لن توقف ولن تعرقل مسيرة الصحافة". وكانت منظمة"مراسلون بلا حدود"ومقرها باريس اعلنت ان عدد ضحايا العاملين في مجال الاعلام في العراق تجاوز مئتي شخص منذ الغزو الاميركي للعراق في اذار 2003. واكدت ان ثمانين بالمئة منهم كانوا عراقيين تعرضوا للقتل من قبل جماعات مسلحة.