بعد جدل في الأوساط الإعلامية العربية حول "معضلات" يسببها البث الفضائي، اعتمد وزراء الاعلام العرب في ختام اجتماع استثنائي عقد أمس في القاهرة"وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الاذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية"، تحفظ عنها وزير الاعلام القطري الى حين عرض الموضوع على السلطات العليا في بلاده. وأوضح وزير الاعلام المصري أنس الفقي أن نظيره القطري أبدى رغبته في عرض الوثيقة على السلطات والمؤسسات التشريعية في بلده"للتأكد من أن المبادئ التي تتضمنها لا تتعارض مع التشريعات القطرية". ووصف الفقي التحفظ القطري بأنه"قانوني وليس سياسياً"، مؤكداً أنه لن يحول دون وضع الوثيقة موضع التنفيذ. وشدد على أن الوثيقة اصبحت بمجرد اقرارها بالاجماع ملزمة، وأنه سيجري نقاش واسع قريبا لوضع آلية تطبيقها. وأشار الى أن العراق لم يمثل في اجتماع القاهرة الاستثنائي رغم توجيه الدعوة إليه. وأكد وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني أن الوثيقة"جاءت لتلبي احتياجاً طال انتظاره"، وتأتي"لتعبر عن مرحلة نضج في العمل الإعلامي العربي المشترك". وكلف الفقي اللجنة الدائمة للاعلام العربي اقتراح آلية لتطبيق مبادئ الوثيقة على أن يتم رفع الآلية المقترحة الى الدورة المقبلة لمجلس وزراء الإعلام العرب. وطلب المجلس من الامانة العامة للجامعة العربية إحالة الوثيقة على وزارات الاعلام او الجهات المعنية بالاعلام في الدول الاعضاء، وعلى الاتحادات والمؤسسات والهيئات العربية المعنية والعاملة تحت مظلة الجامعة العربية، لإعداد رؤيتها حول آلية التطبيق وعرضها على اللجنة الدائمة للاعلام العربي. ومن أهم المبادئ التي تضمنتها الوثيقة، تنظيم البث واعادته واستقباله في المنطقة العربية، وكفالة احترام الحق في التعبير عن الرأي، وانتشار الثقافة وتفعيل الحوار الثقافي من خلال البث الفضائي وان تلتزم هيئات البث ومقدمو خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيق المعايير والضوابط المتعلقة بالحفاظ على الهوية العربية، في شأن كل المصنفات التي يتم بثها، بما في ذلك رسائل"اس ام اس". وتحظر الوثيقة على أي شخص ان يمارس اي عمل من اعمال البث او اعادة البث او تقدم اي خدمة من خدماته، ما لم يكن حاصلاً على رخصة بث او إعادة بث صادرة من السلطة المختصة بإصدارها في أي دولة من الدول الاعضاء حتى تم استيفاء الشروط والضوابط والمعايير التي تحتويها الوثيقة والشروط التي تضعها الدول على أراضيها والمناطق المفتوحة، اضافة الى التزام صون الهوية العربية من التأثير السلبي للعولمة، والامتناع عن بث كل ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي. ولاحظ وزير الثقافة والإعلام السعودي أن أهم ما خرج به الاجتماع هو إقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي. وقال إن إقرار هذه الوثيقة بداية الطريق واللبنة الأولى، مشيراً الى أنه سيتم النظر خلال الشهور المقبلة عبر آليات الجامعة العربية في كيفية وضع آليات لتنفيذ هذه الوثيقة. ولفت إلى ما تؤكد عليه الوثيقة لجهة عدم جواز التمييز على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي في البث الفضائي، موضحاً أن هذه الوثيقة"مرجعية أخلاقية يرجى أن تتمخض عنها آلية لبحث سبل تطبيقها بصورة تراعي خصوصية وتشريعات كل دولة عربية وتحقق في الوقت ذاته قدراً من الإجماع العربي". وعما إذا كانت هناك تحفظات سعودية عن هذه الوثيقة، أكد مدني"أن المملكة كانت من الدول العربية الأولى التي طرحت هذا الأمر في اجتماعات وزراء الإعلام العرب وسعت من أجل إقراره". واضاف ان الإعلام العربي الخاص شريك في هذه الوثيقة، مشيراً إلى أن 80 في المئة من البث التلفزيوني الفضائي العربي يمتلكه ويشغله القطاع الخاص. وكان مدني قال، في كلمته خلال الاجتماع،"إن السعودية كانت من الدول التي بادرت بطرح هذا الأمر على اجتماع وزراء الإعلام العرب قبل نحو عامين، انطلاقاً من قناعتها بأن المنطقة العربية تكاد تكون المنطقة الوحيدة من مناطق العالم شرقه وغربه عالمه الأول وعالمه الثالث شماله وجنوبه، التي تخلو من تشريعات ومعايير يحتكم إليها وتنظم مجالي الإعلام المرئي والمسموع". وأضاف:"آن أوان وضع أساس البنية التنظيمية التي ترعى كل المفاهيم المتقدمة التي تطرحها وثيقة مشروع المبادئ، ونحن بهذا نلحق ببقية العالم بما في ذلك أقاليمه الأكثر انفتاحاً وتعددية واحتراماً لاختلاف الرأي والتنوع، تحمي حرية التعبير وتصون قيم المجتمع وتحمي وعيه في الوقت ذاته".