كل اسبوع يتلقى مكتب النائب سميرة الموسوي رسائل من أرامل عراقيات. بعثت إحداهن برسالة تسألها هل تنفق المبلغ الضئيل الذي تتلقاه على طفلها الرضيع أم على الكتب المدرسية التي يحتاجها ابنها الأكبر. ووقعت رئيسة لجنة المرأة في البرلمان في حيرة من أمرها كيف ترد على النداءات اليائسة لعدد ربما يتراوح بين مليون ومليوني امرأة. وتراجع العنف بشدة في انحاء العراق لكن عدد النساء اللواتي تركن من دون عائل يتصاعد، وبينما يحصل عدد ضئيل منهن على دعم مالي من الحكومة يخشى المسؤولون الأسوأ. وقالت الموسوي:"ما الذي تفعله الأرملة؟ هل تنحرف عن الطريق الصحيح؟"، وأضافت ان"الجماعات الارهابية تستغل المعدمات". ولا يمكن لأحد ان يعطي رقماً دقيقاً لعدد الأرامل في عهد صدام حسين والحرب العراقية - الايرانية التي اندلعت بين عامي 1980 و1988 وحرب الخليج في عام 1991 وأعمال العنف الطائفية التي تفجرت منذ الغزو الأميركي في عام 2003. وتقدر الموسوي، استناداً الى تقرير لوزارة التخطيط منتصف عام 2007، عدد المطلقات والأرامل بحوالي مليون امرأة من بين 8.5 مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و80 عاما. وتقول نرمين عثمان، وزيرة شؤون المرأة، إن العدد أكثر ويصل الى مليوني امرأة في بلد يبلغ عدد سكانه 27 مليون نسمة. وأياً كان العدد قالت البرلمانيتان فإن النساء اللواتي فقدن الذكور في الأسرة منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق يفتقرن بدرجة متزايدة لسبل إعالة أنفسهن. وتنتشر التفسيرات المحافظة للاسلام في العراق وتتضاءل الفرص امام المرأة التي تعيش بمفردها للقيام بدور في الاقتصاد. ويضطر كثير من النساء، ولا سيما في المناطق الفقيرة، للبقاء في المنزل استجابة لطلب العائلات المحافظة بدلاً من الخروج للعمل لدعم انفسهن مالياً. وقالت عثمان إن"عدد الأرامل يتزايد يوما بعد يوم وأصبحن قنبلة موقوتة، لأن العديد منهن ما زلن صغيرات السن". واضافت:"انهن سجينات في المنازل". وأضافت سميرة الموسوي انه حتى أثناء حكم صدام كانت الأرامل يحصلن على رواتب شهرية وعلى أرض وسيارة، ما ساعد على استرضاء كثيرات على رغم وحشية صدام. وكان صدام يعطي مكافأة ايضاً لأفراد الجيش الذين يتزوجون من أرامل. وتوقف هذا الاجراء بعد اطاحته. وفقدت الشقيقتان ام باقر وام محمد زوجيهما في أعمال عنف وان كان بين الحادثين عشر سنوات. وطردت ام باقر من منزل والدي زوجها بعد اسبوع من اغتياله عند نقطة تفتيش مزيفة جنوببغداد في آذار مارس الماضي. وزوج ام محمد وهو شيعي أعدم عام 1999 مع آلاف. وكل شقيقة لديها اربعة اولاد تحاول تربيتهم في المنزل الصغير في مدينة الصدر في بغداد بدعم ضئيل من اسرتيهما ومبلغ أقل من الحكومة. وقالت أم باقر:"انني اعتمد على شقيقتي". واضافت:"ابنتي الكبرى في السنة النهائية من المدرسة الابتدائية. ولا أريد ان تترك الدراسة لكن التكاليف أصبحت باهظة للغاية. ولا يمكنني ان ادبر النفقات". ومن بين أرامل العراق يحصل 84 ألف أرملة فقط على دعم حكومي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يتراوح بين 50 الفاً و120 الف دينار عراقي 40 - 95 دولارا شهريا. وقالت سميرة الموسوي:"هذا اجراء مسكن... وليس حلا". وقدمت لجنة المرأة التي ترأسها مشروع قانون الى البرلمان يعطي المرأة التي ليس لها عائل سكنا حتى لا تلجأ الى اجراءات يائسة مثل الدعارة أو ان يستغلها المتشددون. ولم تجد النداءات التي وجهت الى الحكومة آذانا صاغية ولم يتم بعد التصويت على مشروع القانون على رغم تقديمه مرتين الى البرلمان.