بعد الجيل الثالث من شبكات الخليوي للاتصالات اللاسلكية تُسمى أيضاً "3 جي" 3G التي أخذت في الانتشار تدريجياً في العالم العربي خلال العامين الماضيين، شرع الجيل الرابع من تلك الشبكات بالخروج إلى العلن. ومن المعلوم أن الجيل الثاني من شبكات الخليوي، التي يُشار إليها بمصطلح"جي أس أم" GSM تعوزه القدرة على التحكّم في نقل ملفات الموسيقي وأشرطة الفيديو وتحميلهما، كما لم يكن ليقدر على النقل المصور للمؤتمرات أو ما يعرف تقنياً باسم"فيديو كونفرنسنغ"Video Conferencing، وكذلك نقصته القدرة على التعامل الواسع مع تقنية"الصوت عبر بروتوكول الانترنت"الذي يشتهر باسم"فيوب"VoIP . وتعود تلك النقائص الى محدودية سرعة إرسال المعلومات عبر تلك الشبكات، التي رافقت انتشار الخليوي عالمياً. وسرعان ما ظهرت شبكات"الجيل الثالث"وخصوصاً تقنيتي"يو ام تي أس"UMTS و"دبليو سي دي ام آيه"WCDMA، إضافة الى شبكات تقع في منزلة وسطى بين الجيلين عرفت باسم"اثنين ونصف"، كتلك التي تعمل بتقنية"جي بي آر أس"GPRS. وتتمتع تلك الشبكات بالسرعة الكبيرة في إرسال المعلومات، ما يتواءم مع استخدامها في تطبيقات متطورة مثل التعامل مع مواد ال"ميلتي ميديا"والبث التلفزيوني وتقنية"فيوب"وغيرها. ولشبكات الجيل الثالث القدرة على إرسال المعلومات بسرعة 2 ميغابايت في الثانية، على رغم أن سرعتها فعلياً أقل من ذلك. وأتاحت تلك السرعة أيضاً دخول الخليوي الى الانترنت عبر حزم النطاق العريض، ما يؤمن اتصالاً مكثفاً بشبكة"الويب"العالمية. مزايا الجيل الرابع من المنتظر أن تظهر بروتوكولات"الجيل الرابع من شبكات الاتصالات اللاسلكية"Fourth Generation of Wireless Communications قبل حلول العام 2010. ويتمتع بسرعة في نقل المعلومات تصل الى 100 ميغابايت في الثانية في الأماكن المكشوفة وغيغابايت في الأمكان المغلقة. وتعمل على تطوير تقنيات الجيل الرابع وبروتوكولات عمله شركات كبرى في الاتصالات المتطورة، وخصوصاً شركة"أن تي تي دوكومو"NTT-DoCoMo اليابانية، و"آتش بي" HPالأميركية و"سامسونغ"Samsung الكورية الجنوبية وغيرها. ومن المنتظر أن يتميز هذا الجيل من الشبكات بالسرعة الفائقة في التعامل مع الانترنت، خصوصاً أنه يتشارك معها في بروتوكول"آي بي"IP الذي يدير تناقل الملفات عبر الشبكة العنكبوتية، وإلى حدّ أن الخدمات التي تقدم عبر"الجيل الرابع"تستخدم بروتوكول الانترنت بصورة مستمرة. كما تتميز تلك الشبكات بأن الاتصالات فيها تجرى عبر ملفات رقمية كلياً، وأنها تستطيع التكامل مع شبكات من نوع"واي ماكس"WiMax التي تعتمد على نوع متطور من موجات الراديو. وكذلك تعتمد على تقنية"كيوس"QoS، المصطلح الذي يختصر عبارة"كواليتي أوف سيرفس" Quality of Service. وفي تلك التقنية، يجري"التلاعب"بموجات الاتصال وتردّداتها وسريانها وحزمها، للحصول على النوعية الأفضل بالنسبة الى الخدمات التي تقدم على ذلك النوع من الشبكات. ويتميّز"الجيل الرابع"بارتفاع مستويات الأمان في المعلومات المنقولة عبر شبكاته، بفضل استخدام وسائل تشفير بالغة التعقيد. ومع السرعة العالية في نقل البيانات، تستطيع الشركات المُشغّلة لشبكات الجيل الرابع تقديم خدمات متقدمة، إضافة الى استجابتها لخصائص المكان والزمان والبيئة. ويتوقع البعض أن تؤدي تلك الأمور الى تخفيض كلفة الاتصالات والخدمات، خصوصاً مع الزيادة المطردة في أعداد جمهور الخليوي. وتستطيع تلك الشبكات أن تتعامل مع تقنيات الكومبيوتر المتقدمة والمعقّدة، مثل تقنية المحاكاة الافتراضية"سميوليشن" Simulation، وهو أمر قد يترك آثاراً يصعب رصدها راهناً، بالنظر الى أن تلك التقنية تستعمل في أشياء متطورة تبدأ بالألعاب ولا تنتهي عند الأعمال الحربية وتدريباتها المعقدة، ومروراً باستخداماتها المتوسعة في قطاعات صناعية مختلفة. وكذلك يتوقع بعض الاختصاصيين أن تتعامل تلك الشبكات مع واقع استخدام الأقمار الاصطناعية للأغراض التجارية على نطاق واسع، وبالتكامل مع الشبكات الأرضية، ما يتيح للتوسع في توفير الخدمات في الأماكن التي تغيب عنها وسائل الاتصالات التقليدية مثل الصحارى والغابات. وقد تشمل تلك الخدمات البث المتلفز الرقمي و"النظام الشامل لتحديد المواقع""جي بي أس" GPS ونظام"غاليليو"الأوروبي الذي ينافس"جي بي أس"والشبكات التفاعلية للتعليم وغيرها. وأخيراً، يميل كثير من الاختصاصيين الى اعتبار شبكات الجيل الرابع خطوة تُمهّد للجيل الخامس، الذي قد يتضمن إرسال الروائح عبر الخليوي، كما يوفر إمكان استخدام حاسة اللمس في الاتصالات الشخصية وغيرهما.