الوصول الى قرية"جارشلو"الشيشانية على مشارف بلدة الحويجة العربية شمال بغداد يتطلب المرور عبر كركوك المتعبة بالخلافات والمطامع والتصعيد القومي. لكن قبائل شمال القوقاز التي تشظت منذ اكثر من 200 عام في بلاد ما بين النهرين قادمة من رحلة تهجير قاسية من جبال اوغلو والشيشان والداغستان على يد القياصرة الروس تبدو بعيدة تماماً من ذلك الهوس العرقي الذي يجتاح العراق كالوباء. "الشركس والداغستان والشيشان"أسماء تمر عبر الذاكرة العراقية دون ملامح عرقية فهي عربية وكردية وتركمانية، لا تكاد تفرق أهلها عن السكان المحليين أياً كان انتماؤهم القومي والطائفي. يقولون ان رحلة الهروب المريرة أنتجت شعباً مهيأً للانصهار بمعنى إعادة انتاج الانتماء، فيصبح المثل القوقازي القديم"الأرض التي تمنحك الخبز هي وطنك"أشبه بنص مقدس يبرر ان يصبح الشيشاني كردياً أو عربياً أو تركمانياً، من دون ان يتنكر لأصول غابت عنها اللغة والسمات وحضرت على شكل ذكريات وعلاقات دم بعيدة ومتناثرة كمسبحة منفرطة. القرية العربية البعيدة بعقال وكوفية ولهجة لا تختلف عن أهل بلدة الحويجة التي تقطنها عشائر العبيد القادمة من صحراء جزيرة العرب يستقبلك أهالي قرية"جارشلو"التي تقطنها قبيلة الشيشان بكلمات الترحيب العربية الشهيرة"يا هلا". مساكن بسيطة تحيطها المزارع من كل الجهات، وحياة سهلة لا تعقدها سوى المداهمات التي تتكرر بين الحين والآخر من الجيش والقوات الأميركية تطبع أهل القرية بروتين يومي قطعته زيارة صحافية تبحث في أصول يجهل بعضها أهل القرية أنفسهم. الشيخ عبدالعزيز مصطفى نجيب بك الشيشاني أو الجيجاني كما درجت التسمية المحلية يتزعم عشائر الشيشان في المنطقة ويشكل بمساعدة مجموعة من الأصول ذاتها جمعية في كركوك تعنى بالبحث في التاريخ لاستخراج جذور قبائل شمال القوقاز المنتشرة بين القوميات العراقية. يقول انه لم يكن يفكر في التصدي لهذه المهمة قبل عام 2003 على رغم انه كزعيم يعرف الجذور والأجداد ويسمح في الوقت نفسه بانخراط قبيلته في صميم التقاليد العربية، حتى ان بعضهم كان ولا يزال غير آبه بالبحث عن هذه الجذور ويتصرف باعتباره عربياً صميماً. الشيشاني يحتفظ وقريته ببعض إرث الأجداد الذين قدموا بعد حرب طاحنة مع الجيش الروسي القيصري كالسيوف والخناجر القوقازية وبعض الصور القديمة وملامح من لغة أصبح العالمون بها في العراق يعدّون على أصابع اليد الواحدة. يكمل:"تمسك أجدادنا بالإسلام دفعهم الى مواجهة القيصر الروسي، وعلى رغم انهم اشتهروا بالصلابة والقسوة في الحرب، فقد قُهروا أخيراً واضطر مئات الآلاف منهم الى المغادرة في نهاية القرن التاسع عشر نحو الدولة العثمانية التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة". بعض الشيشانيين والداغستان والشركس استقروا في تركيا بحسب احمد كتاو الشركسي أحد المتحمسين لإعادة حلقات الربط مع الجذور، ومنهم من استقر في الأردن وسورية، وآخرون اختاروا العراق حيث تعايشوا مع تنوعاته العرقية بسلام لتُطمس اللغة والكثير من التقاليد والسمات مع مرور الزمن. شيخ قبيلة الشيشان الذي أسس جمعية التضامن لعشائر الشيشان والشركس والداغستان كان يتحدث بمرارة عن مصير تلك القبائل المتوزعة في قرى ديالى وكركوك وصلاح الدين والموصل والسليمانية، فتصبح إعادة تشكيل هويتهم أشبه ببحث مضن في الرموز والأسماء والتفاصيل قد لا يثير حماسة الكثيرين. يقول ان السلام والتعايش اللذين طبعا القبائل المتحدرة من شمال القوقاز في العراق لم يشفعا لها في عراق ما بعد عام 2003، فنهاية عام 2007 شهدت أحداثاً مأسوية دفعت قرية"الحميدية"الشيشانية في ديالى الى هجرتها في شكل كامل حتى هذا اليوم. أطلال"الحميدية" جنوباً كانت السيارة تنتقل في محافظة ديالى حيث المنطقة الأكثر توتراً في العراق، والوصول الى قرية"الحميدية"قرب بلدة المقدادية أو ما تبقى منها يتطلب المرور عبر قرى ومناطق كانت حتى وقت قريب معاقل لتنظيم"القاعدة"ومقرات لزعيم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي قبل مقتله. التوتر ما زال قائماً ويمنع الأهالي الشيشان من العودة الى قرية الحميدية 110 كلم شمال شرقي بغداد المهدمة، فأعادوا تشكيل رحلة اندماج جديدة في مناطق اخرى. أطلال ومنازل لم يتبق منها سوى الهياكل. فالمسلحون الذين هاجموا القرية في أيلول سبتمبر عام 2007 لم يكتفوا بطرد أهلها بعد قتل عدد منهم وإنما احرقوا المنازل نحو 60 منزلاً ونهبوا أثاثها البسيط ولم تسلم حتى الأبواب والشبابيك ومسجد القرية الذي لم يتبق منه سوى اسمه"إبراهيم الخليل". الغموض ما زال يكتنف مصير قرية الحميدية، وحتى الأهالي لا يرغبون في الحديث مطولاً عن الجناة وإن كانوا يشيرون الى نزاع مع قبيلة عربية معروفة ساهمت في إزالة القرية من الوجود. أهالي القرية قالوا ان أحداً لم يبادر الى مد يد العون الى الأهالي المفجوعين، وحتى القوات الحكومية كانت تقف متفرجة على الحادث وهيأت ممراً صغيراً وسط المسلحين لهروب سكان القرية ناجين بأنفسهم. يقول الشيخ عبدالعزيز ان الأطراف الرسمية والعشائرية التي يجب ان تقف الى جانب مأساة الشيشان لم تحرك ساكناً حتى اليوم في إعادة القرية الى أصحابها بعد جريمة التهجير والحرق البشعة. ويؤكد اللواء الركن سعد شمس الدين خالص رئيس جمعية الخير الشيشانية الأنغوشية في ديالى ان المعلومات تشير الى ان قرية الحميدية شيدت عام 1880 على يد عائلات شيشانية استوطنتها على مساحة تبلغ نحو 50 دونماً. ويؤكد أن بيوت القرية كانت تتميز عن القرى العربية المجاورة باستخدام الطابوق والآجر بدلاً من الطين تحيطها بساتين النخيل والحمضيات. ويكمل:"من بين العائلات التي سكنت القرية عائلة مراد آغا وسليمان آغا ومحمد عارف وصالح متي وتنحدر من قبائل شيشانية كالارشتغوي والغلغاي والنشغوي، لكن الجميع هاجروا اليوم الى قرى وبلدات الدوز وجمجمال والحويجة". قبل زوال القرية التي يؤكد سكانها انها خرَّجت مجموعة من كبار قادة الجيش السابق، كانت اللغة الشيشانية قد ضمرت تدريجاً لمصلحة العربية وظلت امرأة مسنّة فقط تحتفظ ببعض المفردات من اللغة الأم. حركة ثقافية اللغة الغائبة محنة القوقازيين العراقيين كما يقول احمد كتاو من وجهاء الشركس في العراق، فاللغات القوقازية وتحديداً الشركسية التي يعد من القلائل الذين يتقنونها"لغة الأفعال"فرضتها متطلبات الطبيعة في قرى جمهورية اديغا أحد أقاليم روسيا الاتحادية اليوم. ويؤكد كتاو ان اللغة القوقازية التي ضاعت في العراق واندثرت يمكن العثور على آثارها في اللغات العربية والكردية والتركمانية مثل اسم"حسنين"العربي ويعني"حسن ين"أو السيد وكلمة"ترازو"الكردية وتعني"الميزان"ولكنها تعني في اللغة الشركسية"العدل"وأيضاً كلمة"قاربوز"التركمانية وتعني"البطيخ"وهي كلمة شركسية في الأصل. كتاو الذي يجري اتصالات مع شراكسة وداغستان وشيشان على امتداد العراق يؤكد ان محاولة جمعية التضامن التي يحتل منصب نائب أمينها العام إحياء التراث واللغة القوقازية لا تقف خلفها أهداف سياسية وإنما ثقافية بحتة، ويعتقد بأن من حق هذه القبائل إيجاد أواصر ربط بين أبنائها الذين يجهلون أصولهم مع احتفاظهم بانتمائهم العراقي الكامل الذي أثبته انصهارهم في تفاصيل الأرض العراقية. ويتمنى الزعيم الشركسي الذي يسكن في السليمانية إقامة مركز ثقافي لإحياء لغات القوقاز والحفاظ على تقاليد الأجداد وتراثهم. لكن مهمة كتاو وزملائه تبدو شاقة، ويقول:"أجريت أخيراً اتصالات مع عائلات من أصول شركسية كان بعضها يجهل هذا الانتماء ويؤكد ان الكثير من العراقيين لا يعرفون ان مدينة الفلوجة كان قد أسسها الشراكسة وقطنوا فيها وما زالت بعض عائلاتها مثل عائلة حقي حسن مصطفى بك ذائعة الصيت في المدينة". يعلق الشيخ عبدالعزيز بالقول:"تلقيت قبل أشهر رسالة من 70 عائلة داغستانية وشيشانية تسكن مدينتي النجف وواسط جنوببغداد تؤكد انها اكتشفت أصولها وترغب في مد حبل التواصل مع هذه الأصول". الشيشاني والشركسي واصلا رواية عشرات القصص عن مسؤولين سابقين وحاليين فوجئ بعضهم لدى مفاتحته بأصوله القوقازية وكان يعتقد بأنه ينتمي الى أصول تركمانية أو عربية أو كردية. حاولنا بدورنا البحث عن أي دليل رسمي ملموس عبر التاريخ العراقي يؤشر الى القومية القوقازية في العراق من دون جدوى، فالحكومات العراقية المتعاقبة التي اعترفت في نطاق هوية الأحوال المدنية التي تشير منذ تأسيس الدولة العراقية الى القومية والدين بالقوميات التي تقطن العراق لم تعترف كما يبدو بالقوقازيين. بحثنا في الهويات الشخصية لبعض كبار الشخصيات التي كان لها اثر في التاريخ العراقي عن دلالة على الأصول القوقازية من دون جدوى، بل إن الأثر الوحيد الذي عثرنا عليه يؤكد ان خانة القومية في هوية الأحوال المدنية إما تترك من دون إشارة بالنسبة الى القوقازيين أو يكتب فيها"عربي أو تركماني أو كردي". الاحصاءات السكانية الرسمية العراقية ابتداء من عام 1927 وحتى اليوم لم تشر هي الأخرى الى القومية القوقازية، لكن إحصاء عام 1957 كان أشار الى حيز باسم"قوميات أخرى"بمعدل 2 في المئة من سكان كركوك على رغم إشارته الى قوميات مثل"الفارسية والأرمنية"، إضافة الى القوميات الرئيسة. قوقازيون - تركمان رحلة البحث عن القرى القوقازية في العراق قادتنا الى قرية"ينكجة بابلان"التي تبعد نحو 5 كلم غرب قضاء طوز خرماتو التابع لمحافظة صلاح الدين العراقية شمال بغداد، على طريق يسمى"الطوز ? تكريت"كان مسرحاً لعمليات تنظيم"القاعدة"في العراق ومقراً لقياداته الشمالية حتى عام 2008. يقول سكان القرية انهم كانوا يجهلون حتى وقت قريب أصولهم الشيشانية وبعد ان علموا أصبح الأمر اكثر تعقيداً. "الصاية"هي الزي التقليدي للتركمان في طوز خرماتو وهي أيضاً زي كبار رجال قرية"ينكجة"الذين يعتبرون أنفسهم تركماناً ويتحدثون اللغة التركمانية، بل ويدافعون عن القضايا التركمانية في العراق. يقول عباس خورشيد الشيشاني من أهالي القرية انه يأسف لأن أثراً من اللغة الأم لم يتمكن من الصمود حتى اليوم،"لكنني أتمنى ان يتعلم أبنائي تلك اللغة ويحيوا تقاليد أجدادهم". سكان القرية لم يسلموا من أعمال العنف، فعدد من أهلها قتلوا على يد تنظيم"القاعدة"، منهم سعيد عباس وعائلته. خورشيد يعرف ان لديه أقارب أكراداً وعرباً، ويعرف ان وسيلة التخاطب مع بعضهم قد تكون معدومة بسبب اللغة، لكنه متحمس كما يقول لمحاولات إحياء التراث القوقازي في العراق ليس على المستوى السياسي وإنما في حدوده الاجتماعية والثقافية... يقول:"اليوم نقول اننا قوقازيون في الأصل من دون تحفظ، أمر كنا لا نجرؤ على الحديث عنه سابقاً". قبيلة ضباط الجيش على رغم ان بلدة محددة بغالبية داغستانية لا توجد في العراق، إلا أن هذه القبيلة اشتهرت بأسماء لامعة في التاريخ العراقي، بينهم فنانون ورياضيون وسياسيون، لكن بعضاً من أبرز قادة الجيش العراقي منذ تأسيسه كان ينتمي الى هذه القبيلة، بينهم الفريق فاضل باشا الداغستاني والي بغداد عام 1904 الذي قتل على يد الجيش البريطاني عام 1961 في محافظة واسط، والفريق عبدالقادر الداغستاني القائد البارز في الجيش العراقي السابق، وغازي الداغستاني الذي رشح لمنصب رئيس الوزراء في العهد الملكي، إضافة الى قادة فيالق ومحافظين في عهود مختلفة. يقول محمد الداغستاني وهو أديب وصحافي عراقي من أهالي كركوك ان لقب"الداغستاني"، مصطلح له دلالة جغرافية بالإشارة الى جمهورية"داغستان"، لكن الأصول القبلية تشير الى 22 قبيلة بعضها فقط استقر في العراق. الداغستاني يؤكد ان ما عرف عن القوقازيين من فروسية وبأس دفعهم باستمرار كي يتقلدوا مناصب عسكرية ابتداء من الجيش العثماني وصولاً الى الجيش العراقي بمراحله المختلفة، كان كل هؤلاء شديدي الوفاء للعراق كبلاد اصبحوا جزءاً من أهلها. لكن الداغستاني يحمّل الآباء الأوائل في المقابل مسؤولية التقصير في توثيق وجودهم في العراق رسمياً عبر مراسلات مع الحكومات العراقية أو إشارات صريحة الى أصولهم. ويكمل:"ربما كانت ذكريات الهجرة المريرة التي مات خلالها العشرات من القوقازيين دفعت بأجدادنا الى عدم الحرص على نقل التراث الشفاهي أو المكتوب والسماح بالانصهار الكامل في الثقافات الأخرى"."نحن اليوم في معرض إعادة وصل خيط المسبحة المنتشرة في أنحاء العراق وإحياء اللغة والتراث بقدر ما نستطيع". وعلى رغم حداثة عهد آخر الهجرات القوقازية الى العراق بين 1870 و1890، إلا ان الداغستاني وكتاو يتحدثان عن ثلاث هجرات سبقت ما يطلقون عليه"الهجرة الكبرى"الاخيرة يمتد بعضها الى نحو 500 سنة. وفي معرض الحديث عن عدم صمود تراث القومية القوقازية في العراق أمام ثقافات البلد، يطرح باحثون مقارنة مع واقع"الأرمن"الذين احتفظوا بلغتهم وتراثهم، ويعلق أحد المختصين في هذا الشأن بأن عوامل متعددة أوجدت الفارق بين القوميتين المتجاورتين في القوقاز الشمالية والجنوبية بينها الدين الإسلامي الذي سمح لقبائل شمال القوقاز بالانخراط سريعاً في المجتمعات الإسلامية في العراق وأيضاً الطبيعة المقاتلة لتلك العشائر، ما جعلها محط استقطاب وتقدير في الدول التي استوطنتها وسمح لها أيضاً بهذا الانصهار. في جبال السليمانية الأصول ذاتها قادتنا الى عشائر تداخلت في النسيج الكردي فصارت كردية قلباً وقالباً كما يقول محمد كريم الشيشاني أو"الجوجاني"وهو التعبير الكردي للقبيلة نفسها. محمد كريم الذي يعمل مشرفاً تربوياً ويدرس اللغة الانكليزية يعد من الشيشانيين الأكراد القلائل الذين يقبلون الاعتراف بالأصول القوقازية. يقول:"لن يقبل أحد من السكان ان تقول له انك قوقازي الأصل ففي الجبل ستجد أكراداً يرفضون الاعتراف بأصول غير كردية". كريم يؤكد انه أحصى نحو 41 قرية شيشانية في السليمانية وحدها يقطنها نحو 5000 شخص اشهرها قرية"بي وك"الى الشمال الغربي من السليمانية. بالقرب من تلك القرية التي يقول أهلها انهم ساهموا في شكل فاعل في الحركة القومية الكردية وشاركوا الملا مصطفى البرزاني في معاركه كمقاتلين في"البشمركة"وما زالوا... آخر ما يمكن الحديث عنه بالفعل هو الأصول القوقازية. يعلق كريم ان مجموعة محدودة من المثقفين الشيشان الأكراد يحاولون البحث في هذه الجذور. لا لغة بالطبع غير اللغة الكردية ولا تقاليد من إرث الأجداد ولكن السمة المقاتلة تبدو انها قاسم مشترك بين القوقازيين بعربهم وكردهم وتركمانهم. يقول سكان القرية ان الشيشانيين ينحدرون من ثلاثة اخوة هم: منصور ومصطفى ومروايسي قدموا الى هذه الجبال منذ عشرات السنين وأنجبوا أبناء أصبحوا في ما بعد زعماء للقرى المنتشرة على الحدود العراقية - الإيرانية. قرية"بردة رش"هي الأخرى شيشانية الأصل بلغة وتقاليد وثقافة كردية يجتمع فيها نحو 80 تلميذاً كل صباح في مدرسة القرية لترديد نشيد الحركة الكردية الذي يذكّر بنضال الأكراد ضد الأنظمة الحاكمة. جلسة على الهامش يرفض احمد كتاو افتراض ان الأصول القوقازية اندثرت تماماً ويقول ان تلك الأصول متجذّرة في الصفات الشخصية للقوقازيين وفي مأكلهم وبعض تقاليدهم وكلماتهم المميزة ويذكر أكلات مثل"الجبنة الشركسية"وپ"الحلطمش الشيشاني"ويقول انه يحاول تنظيم دعوة لفرقة رقص فلكلورية من جمهورية أديغا لتنظيم حفلة للرقص الشركسي المميز كجزء من منافذ الإحياء الثقافية. كانت الجلسة تضم قوقازيين عرباً وأكراداً وتركماناً اتفقوا على ان الواقع العراقي الجديد فرض الانتماء الحزبي والقومي والديني والطائفي على الجميع وصار الحديث عن الأصول مقترناً بتعيين موظف بسيط أو وزير، لكنهم اختلفوا في تقويم الواقع العراقي. كان واضحاً انهم على رغم محاولاتهم التلاقي تحت عنوان قومي واحد تحدثوا من زوايا نظر كردية وتركمانية وعربية، كان الانصهار واضحاً على ملامحهم وطريقة حديثهم ولغتهم، لكن هذا الانخراط الشامل في الثقافات الأخرى لا يعده أحدهم مثلبة أو تهمة. فهنا يمكن الحديث عن نموذج عراقي خارج مفهوم التخندق، وسمات تكييفية بعيدة من لغة التعصب، ومثال عراقي عن الأرض حيث النهران والجبل والسهل والصحراء يمكنها ان تكون في النهاية وطناً للجميع. نشر في العدد: 16681 ت.م: 05-12-2008 ص: 24 ط: الرياض