جمع الناقد جهاد فاضل مختارات من قصائد كتبها أخيراً في لبنان الشاعر السعودي عبدالعزيز محيي الدين خوجة، سفير السعودية في لبنان وعلّق عليها وأصدرها في كتاب بعنوان"القيثارة والمغنّي - حوار مع شعر عبدالعزيز محيي الدين خوجة"دار الساقي بيروت. ويوضح فاضل عمله على هذه المختارات قائلاً:"إن عملنا في هذا الكتاب، هو محاولة لبحث عن المعاناة في قصائد الشاعر: ما هي؟ وأين توجد؟ وكيف؟ وما هي علاقتها بكلمات القصائد وأساليب الشاعر في الكتابة؟ الى ما هنالك من أسئلة وافتراضات تطرحها تجربة عبدالعزيز خوجة الخصبة في شعر الحب. فالرحلة الى القصيدة شبيهة بالرحلة لاصطياد طائر صعب المراس، يطير في فضاء العبارة والكلمات، وقد يكون طائراً خيالياً، وقد يبقى فيه صوت أو معنى لا ينكشف تمام الانكشاف للساعي اليه، وحتى لصاحبه بالذات أحياناً. ...". ويضيف:"لا تنفصل البنية اللغوية عن البنية الإيقاعية للقصائد. والبُنية الإيقاعية تتألف من الأوزان والتفاعيل والقوافي والأنماط أو الأشكال التعبيرية الموزونة التي استخدمها الشاعر في نصوصه، ما يشكّل بمجمله موسيقى القصائد. ويُعتبر خوجة من شعراء الحداثة العربية في التصنيف النقدي العام، لجهة الرؤيا الشعرية واستخدام الرمز والأسطورة، وكتابته للقصيدة الحرة، أو الشعر الحُرّ، وهو يختلف عن"قصيدة النثر"التي لم يكتبها الشاعر، على الأقل في قصائد هذا الكتاب. يكتب عبدالعزيز خوجة قصائده على نمطين من الإيقاع الشعري هما النمط الكلاسيكي المتمثل بالحفاظ على أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي بتفاعيلها الكاملة أو المنقوصة، مع الحفاظ على وحدة الروي والقافية، كما يكتب القصيدة الحرة المستندة الى نظام التفعيلة الحديثة.... وقصائد الشاعر الكلاسيكية في الكتاب، لا تقف على استحياء أمام قصائده الحرّة. كما أن وزنها الخليلي لا يسلبها معاصرتها أي حضورها في العصر. ونستطيع أن نقول إنّ ثمة في بعضها ما نسميه"شعرية الوزن"أي ذاك التناسب الجميل بين المعاناة الشعرية، أو الحال الشعري، ومقامه الموسيقي في الوزن. فقدّم لنا بهجة"السماع الشعري"وهي بهجة تتصل بالغناء اتصالها بالشعر. ذاك أن الكثير من قصائد الشاعر في الحب، قصائد غنائية. ومعرفة الشاعر بأوزان الخليل، ونشأته وتدرّبه عليها، منحته معرفة بأسرارها وأبعادها .... و نرجح ان الشاعر انتقل الى الحداثة الإيقاعية انتقالاً هادئاً، ولم يكن الصراع بين الأشكال الشعرية الذي طُرح مع بدايات الحداثة الشعرية العربية، بخاصة في مجلة"شعر"ومن بعدها في مجلة"حوار"ومجلة"مواقف"، صراع حياة أو موت بالنسبة اليه. لقد تَمَّ نظريّاً على الأقل، إعدام الأشكال الكلاسيكية القديمة للقصيدة العربية، وأوزانها، من خلال ضرب عمود هذا الشعر. إلا ان الحداثة الهادئة استمرت تعمل عملها الدؤوب في العمق، في الحفاظ على التراث الشعري وتطويره، وابتكار ايقاعات وأوزان جديدة منسجمة مع ايقاعات العصر المتطوّرة، ولكنها غير مفصولة عن أمهاتها وأصولها". نشر في العدد: 16680 ت.م: 04-12-2008 ص: 27 ط: الرياض