علمت"الحياة"أن وفداًَ من"حركة تحرير السودان"المتمردة في دارفور والتي يرأسها عبدالواحد نور سيزور الدوحة قريباً لإجراء مشاورات مع قطر التي ترأس لجنة وزارية عربية - أفريقية تسعى إلى عقد مؤتمر سلام في الدوحة في شأن سلام دارفور. لكن وكالة"رويترز"نقلت من الخرطوم عن عبدالواحد نور، المقيم في فرنسا، انه رفض ضغوطاً دولية لحضور محادثات سلام في قطر، وتعهد مقاطعة كل المفاوضات إلى أن يتم نزع سلاح الميليشيات الحكومية وتتوقف الهجمات. وقال عبدالواحد إنه يجري مشاورات بانتظام مع مسؤولين في فرنسا وهيئات دولية أخرى قالت إنه يجب أن يشترك في المحادثات مع حكومة السودان. لكن رئيس"حركة تحرير السودان"قال إنه ملتزم بموقفه الذي عبر عنه كثيراً بأنه لن يتفاوض إلى أن يعود"الأمن"الى غرب السودان. وقال ل"رويترز":"من دون الأمن لن نكون طرفاً في أي عملية."وقال:"الخطوة الأولى يجب ان تكون وقف الصراع. يجب عليهم ان يتوقفوا عن قتل شعبنا. يجب عليهم وقف عمليات الاغتصاب. يجب عليهم نزع سلاح الجنجاويد في اشارة الى الميليشيات المدعومة من الحكومة. ويجب أن ينقلوا الاشخاص الذين احتلوا ارضنا". وقال نور إنه أجرى مشاورات مع السلطات الفرنسية"مرات عديدة". وأضاف"انني احترم موقفهم... انهم يريدون منا ان نتفاوض من اجل السلام في دارفور من دون سلام على الأرض... لكن موقفنا واضح". وتواصل أمس توافد مسؤولين سودانيين إلى الدوحة، حيث تلقى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني رسالة شفوية من الرئيس السوداني عمر البشير حملها مساعده نافع علي نافع تتعلق بالعلاقات الثنائية وموضوع دارفور. وتأتي زيارة نافع بعد يومين من زيارة البشير للدوحة التي بحث خلالها في ملف دارفور مع القيادة القطرية. في غضون ذلك، وصف رئيس وفد"حركة العدل والمساواة"السودانية المستشار الاقتصادي للحركة الدكتور جبريل ابراهيم انطباعه عن"اللقاء الأول"لوفد الحركة مع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود الذي تم أول من أمس بأنه"طيب جداً". وفيما نوّه بدعوة القيادة القطرية ووزارة الخارجية ل"حركة العدل"لزيارة قطر، قال:"وجدنا لديهم قدراً كبيراً من الصراحة وقدراً كبيراً من تفهم الأوضاع في البلد، ووجدنا عندهم فهماً لتعقيدات المشكلة نفسها، ونأمل في اللقاءات المقبلة أن نطوّر هذا الحوار ونوصله إلى غاياته إن شاء الله". وسألته"الحياة"هل يفهم من زيارة وفد"حركة العدل والمساواة"إلى الدوحة موافقة على التفاوض مع الحكومة السودانية للتوصل إلى حل لأزمة دارفور، فأجاب:"لم يسبق أن رفضت حركة العدل والمساواة التفاوض، فالتفاوض مبدأ ثابت وخيار استراتيجي عندنا لأننا نعلم أن الحوار هو أقرب الطرق إلى السلام وأن الحرب مكلفة جداً". وأضاف أن"الحرب خيار يضطر إليه الناس اضطراراً، لكن ليس رغبة منا أو هواية في أن نقاتل ونرى دم السودانيين ينزف سواء من هذا الطرف أو ذاك، ولذلك نبحث عن السلام وأينما وجدناه أخذناه، ونحن أبدينا استعدادنا للحوار مع الحكومة منذ زمن طويل". لكنه شدد على أن"الحوار يحتاج الى إعداد مناخ يساعد على تحقيق نتائج ايجابية حقيقية مثل الانفراج العام في المجتمع من ناحية الحريات واطلاق سراح المعتقلين والأسرى من الطرفين، وتخفيف الضغط على النازحين واللاجئين وتخفيف الظروف القاسية التي يعيشونها". وشدد على اننا"محتاجون الى بعض الإشارات والنظرة القوية من طرف الحكومة"لتمهيد السبل للمفاوضات، لافتاً إلى أن"جمهورنا لو رأى أيادي الحكومة تتلطخ بالدماء صباح مساء ونحن نجلس معهم ونصافحهم، فقد لا يقبلوا هذا الوضع الذي يحتاج إلى شيء من الإعداد، لكن جاهزيتنا للحوار موجودة". وسُئل هل تطالبون الحكومة بإجراءات تمهّد الأجواء للحوار قبل مفاوضات الدوحة أم خلال تلك الفترة، فردّ:"الاجراءات المطلوبة تسّهل الإقدام على التفاوض مع الحكومة، وكلما هيأت الحكومة الأجواء كان ذلك أدعى وأبلغ". وعن رؤيتهم للحل في دارفور وهل يريدونه حلاً ثنائياً كما جرى في جنوب السودان، رد بقوله إن"مواقفنا من وحدة السودان واضحة منذ اليوم الأول لانطلاق حركة العدل والمساواة وستستمر، ونحن نتحدث عن حلول لمشكلة السودان كلها دفعة واحدة، ونحن لا نؤمن بالسلام المجزأ ونعتقد بأن معادلة الحكم في السودان معادلة مختلّة والناس في حاجة لمعادلة جديدة، بحيث يكون أي فرد وكل جزء وكل إقليم في السودان يجد نفسه في هذه المعادلة، وهذه المعادلة تجعل الحقوق والواجبات متساوية بين السودانيين، وتجعل جميع السودانيين شركاء في إدارة بلادهم". وأضاف:"نحن نتكلم عن سودان موحد وحل شامل للسودان كله، ولا نريد أن تتحول الحكاية إلى اطفاء حرائق كلما اشتعلت في"حتة"منطقة ذهبنا إليها إلى أن ننتظر اشتعال الحريق في مكان آخر". وقال:"اعتقد بأن ما أزهق من أرواح طيبة ودماء في جنوب السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور وكردفان وشرق السودان كاف للوصول إلى هذه المعادلة لتجنيب بقية السودان ازهاق دماء جديدة". وفي الخرطوم، انتقدت الحكومة السودانية في شدة أمس تقريراً أصدرته منظمات انسانية اعتبرت أن الهجمات المستمرة من جانب الحكومة السودانية ضد المدنيين في دارفور تبيّن أن"وعود الخرطوم في شأن السلام في الاقليم جوفاء"، وحذّرت أنها لن تسمح لأي جهة ب"الانتهازية"واستغلال موضوع حقوق الإنسان ذريعة للتدخل في شؤون البلاد الداخلية. وقالت 15 منظمة انسانية أبرزها"هيومان رايتس ووتش"وائتلاف"انقذوا دارفور"في تقرير مشترك:"بعيداً عن محاولة تحسين الموقف مثلما تزعم حكومة السودان فإنها تواصل القيام بهجمات عسكرية واسعة النطاق ضد مناطق مأهولة بالسكان ومضايقة موظفي الاغاثة والسماح بمنح حصانة لاسوأ جرائم حرب ارتكبت في دارفور". ووفق تقرير منظمات حقوق الانسان فإن الخرطوم تعمل بجدية شديدة لاقناع المجتمع الدولي بأنها تريد السلام في دارفور في محاولة للضغط على مجلس الأمن لتعليق تحركات المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف الرئيس عمر البشير بعدما اتهمه مدعيها بارتكاب جرائم حرب وابادة في الإقليم. وذكر التقرير انه"لا توجد علامات تذكر على وجود سلام في دارفور وسياسة الحصانة المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات للقتل الجماعي في الإقليم مستمرة مما يوضح أن تعهدات الحكومة مجرد كلمات جوفاء. ورأت المنظمات أن مجال التحسن الوحيد كان في نشر القوة المشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور، مشيرة إلى أن الموقف الانساني والأمن في دارفور تدهورا في شكل كبير في الشهور الأخيرة. لكن الحكومة السودانية انتقدت في شدة موقف منظمات حقوق الإنسان في شأن دارفور، ورفضت اتهامها بأنها لا تزال تشن عمليات عسكرية تستهدف المدنيين في الاقليم على رغم اعلانها وقف اطلاق النار، وشددت على أنها لن تسمح لأي جهة ب"الانتهازية"و"استغلال موضوع حقوق الإنسان ذريعة للتدخل في شؤون البلاد". وأعلنت الخارجية السودانية أن إعلان الحكومة وقف اطلاق النار لا يعني وقوفها مكتوفة الايدي حيال الانفلات الامني والهجمات التي تنفذها بعض الحركات المتمردة الرافضة لقرار وقف النار، مجددة التزام الحكومة التام بما أعلنته، وأشارت إلى"التجارب المريرة التي واجهت الدولة من جانب تلك الحركات باستغلالها لوقف النار للتمدد وتوسيع سيطرتها في المنطقة". وحذر الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق من أن الحكومة لن تسمح بتكرار ذلك مرة أخرى و"لن تقبل بالانتهازية واخذ موضوع حقوق الانسان ذريعة للتدخل في شؤون البلاد"، متهماً تلك المنظمات بالسعي إلى ذلك من خلال عملها. وأكد أن حكومته لا تخشى الحديث عن حقوق الانسان، معلناً استعدادها للجلوس من أجل حوار عن الأمر بشفافية ووضوح. الى ذلك، جدد مستشار الرئيس السوداني القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور غازي صلاح الدين تمسك حزبه بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها العام المقبل،كاشفاً عن مساع مع القوى السياسية للحصول على اجماع حول هذا الأمر، واعتبر ان اجراءها من عدمه مسألة وطنية. وشكك صلاح الدين في ما صدر عن مقترح للأمم المتحدة بتأجيل الانتخابات أربعة أشهر أو عاماً، وقال إن المنظمة الدولية ليست الجهة المعنية بتحديد موعد الانتخابات. وزاد:"كما أنني لست متأكداً من مدى تمثيل هذا الرأي داخل الأممالمتحدة الذي ربما يكون صدر من أشخاص"وليس باسم المنظمة، مشيراً إلى أن اتفاق السلام والدستور الانتقالي نصا على قيام الانتخابات وكيفية تأجيلها، و"نحن نتمسك بهذا الموقف". من جهة أخرى، حذّر السكرتير العام للحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد من انفلات امني وحرب أهلية في جنوب البلاد في حال اختار الجنوبيون الانفصال عبر الاستفتاء على تقرير مصير الاقليم في 2011. ونصح نقد الذي يزور جوبا عاصمة الجنوب السوداني"الحركة الشعبية لتحرير السودان"التي تحكم الإقليم، بالعمل الجاد من أجل ضمان سلامة التراب السوداني وتقليص الانفاق على جيشها واجهزتها الامنية وتوجيه الموارد لتحقيق تنمية حقيقية، مشيراً إلى أن حزبه يعتزم اطلاق مبادرة للحوار في شأن الوحدة والانفصال. واعلن نقد عقد المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي خلال الشهر الجاري في الخرطوم بعد نحو 40 عاماً من المؤتمر الرابع.