«الإحصاء»: 100% من السعوديين لديهم تغطية لنفقاتهم الصحية الأساسية    الرئيس الفرنسي يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    الأمم المتحدة تحذر: الوضع في سوريا متقلب وخطير للغاية ويهدد بالمزيد من التدهور    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة    استقرار أسعار الذهب مع ترقب الأسواق بيانات الوظائف الأمريكية    ولي العهد يطلق الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر    التمويل الأخضر في صدارة مؤتمر الأطراف كوب 16    الممارسات الثقافية للورد الطائفي في قائمة «اليونسكو»    «ميتا» تعترف: وقعنا في خطأ «حذف المحتوى»    نسي أنها زوجته فقتلها!    أمير جازان يدشّن مبادرة «اللحمة الوطنية دين ومسؤولية»    رئيس كوريا الجنوبية يتراجع عن الأحكام العرفية    أمير الشرقية يطلع على خطط السيول في حفر الباطن    ولي العهد: مواجهة تحديات المياه تتطلب عملاً مشتركاً    مبادرات اجتماعية ورياضية في "شتاء مكة"    حملة توعوية لدمج «ذوي الإعاقة» في المجتمع    .. ويطلع على خطط «تنامي»    الشورى يدعو لتطوير منتج البناء الذاتي وإعادة جدولة القروض للمتقاعد    أمير القصيم يتفقد النبهانية ويلتقي الأهالي    أرشيف هيئة "مدن" من التقليدية إلى مركز محفوظات عالمي    معرض المخطوطات السعودي: أيقونة ثقافية تُعرّف العالم بتراث يمتد لأكثر من ألف عام    مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يستقبل طلاب البحرين    التعاون يواجه القوة الجوية.. رد اعتبار أم تأكيد انتصار ؟    في دوري أبطال الخليج الاتفاق والعربي.. «كلاكيت ثاني مرة»    يا رجالات الفتح.. ناديكم يناديكم    «الشورى» يطالب «الصندوق العقاري» بتخفيض أرباح التمويل    ولي العهد يفتتح قمة المياه الواحدة المنعقدة بالرياض    قطار الرياض أيقونة التطور    جدل حول قبول الدعاوى بدون رقم الهوية .. وقانوني يكشف ل «عكاظ» التفاصيل    «واتساب» يودع بعض هواتف الآيفون في مايو    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2024    تحت رعاية خادم الحرمين.. هيئة التخصصات الصحية تحتفي بأكثر من 13 ألف خريج وخريجة الأحد المقبل    حتى الذكاء الإصطناعي لم ينجُ    في بلاط رجال الأعمال    الرميان: «PIF» سيوطّن صناعات «المتجددة».. وينتج الهيدروجين النظيف    5 أعراض شائعة لمرض «كرون»    إجهاد العمل والدراسة والمسؤولية خطرٌ يهدد صحتك    «مجمع إرادة» يحذّر: بعض المضادات الحيوية لها تأثيرات نفسية    السُمنة لدي الأطفال    الإنترنت فائق السرعة يزيد السمنة    ولي العهد يلتقي الرئيس الفرنسي ومجموعة من كبار رؤساء الشركات الفرنسية    وزير الثقافة ونظيرته الفرنسية يوقّعان 9 برامج تنفيذية في عدة مجالات ثقافية    «الشؤون الإسلامية»: مقطع استغلال منارة جامع خالد بن الوليد بالرياض قديم    دغريري إلى ال 13 بأمانة جازان    آل جارالله يودّع حياة العزوبية    الفن والطيران.. رحلة الإبداع والتحليق..!    اختفاء التنوع الثقافي    تركي آل الشيخ يرعى حفل توقيع عدد من اتفاقيات الرعاية للزواج الجماعي ضمن موسم الرياض    لبنان مهدد بضربات أوسع عند انهيار وقف النار    وزير الدفاع يبحث مع نظيرته الجنوب أفريقية أوضاع المنطقة    تعليم جازان تحتفي بيوم ذوي الإعاقة    فرع الإفتاء بمنطقة جازان يطلق مبادرة اللحمة الوطنية"    مدير تعليم الطائف التطوع قيمة إسلامية ومطلب مجتمعي    مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يستقبل طلاب البحرين    المياه الوطنية: إغلاق جزئي لشارع 18 بحيّي القزاز والعدامة لتنفيذ مشروع تحسين جودة مياه الشرب بالدمام    الكلية التقنية تكرم فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بجازان    أمير القصيم يتفقد محافظة النبهانية ويناقش احتياجاتها مع الأهالي والمسؤولين    جدد التأكيد على أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار.. وزير الخارجية: لا يمكن السماح بتدهور الأوضاع في المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستوطنون يستولون على أراضي الفلسطينيين بالتزوير والتواطؤ
نشر في الحياة يوم 25 - 12 - 2008

توفي الفلاح عبداللطيف سمارين في العام 1961 في قريته برقة قرب رام الله في الضفة الغربية التي لم يغادرها طيلة حياته، لكنّ مستوطنين إسرائيليين ادعوا أنه باعهم قطعة أرض يملكها في القرية في العام 2000، أي بعد أربعة عقود على وفاته.
وعُرض هذا الادعاء أخيراً أمام محكمة إسرائيلية لجأ إليها ورثة الفلاح سمارين لاسترجاع أرضهم التي استولى عليها المستوطنون، واقاموا عليها، ضمن أراض أخرى في القرية، بؤرة استيطانية أطلقوا عليها اسم"مغيرون". وأكثر من ذلك، قدّم المستوطنون وثيقة البيع مقرونة بتوقيعه باللغة الإنكليزية التي لم يتعلم حرفاً منها طوال حياته. وفي محاولة لوضع تعقيدات قانونية ولوجستية عسيرة أمام المحاكم، ادعى مستوطنون أن البيع والشراء تمّا في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة التي لم يعرف سمارين في حياته طريقاً لها.
وقضية أرض سمارين المعروضة منذ سنوات عدة أمام المحاكم الإسرائيلية تشكل نموذجاً لوسائل النصب والاحتيال التي يتبعها المستوطنون في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في الضفة الغربية والقدس، لإقامة مستوطنات يهودية عليها.
ورسمياً، تعلن إسرائيل أن المستوطنات أقيمت على أراض عامة تطلق عليها"اراضي دولة". لكن تحقيقات محايدة تظهر أن غالبية هذه المستوطنات أقيمت على أراض يحمل أصحابها سجلات"طابو"تبين ملكيتهم لها. وكشف تقرير حديث لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية"بتسيلم"أن مستوطنة"عوفرا"قرب رام الله، على سبيل المثال لا الحصر، أقيمت على أرض يملكها فلسطينيون.
وقالت المنظمة في تقريرها:"طبقاً لقرارات الحكومة الإسرائيلية والأحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا، فإنه لا يمكن بناء مستوطنات فوق مثل هذه الأراضي". وأشارت إلى أنها حصلت من الإدارة المدنية الإسرائيلية على 43 كشف"طابو"تخص 210 دونمات من الأراضي المقامة عليها هذه المستوطنة، تبيّن أنها تعود إلى سكان قرى عين يبرود وسلواد قرب رام الله.
وأضاف التقرير أن 180 دونماً أخرى يملكها فلسطينيون، صودرت من اصحابها، ما يعني أن 390 دونماً من الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنة يملكها فلسطينيون، مشيراً إلى أن هذا يساوي 58 في المئة من مساحة المستوطنة.
وأوضحت المنظمة أن هذا التقرير يبين أن إسرائيل لم تحترم التزاماتها القانونية، لافتة إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت اتخذت قراراً يقضي بتفكيك أي مستوطنة أو بؤرة استيطانية أقيمت على أرض يملكها أشخاص لعدم قانونيتها. وكانت إسرائيل أعلنت في العام 2000 أنها ستفكك 100 بؤرة استيطانية ارتفع عددها أخيراً إلى 125 بؤرة أقامها مستوطنون بصورة غير قانونية من دون الحصول على الترخيص اللازم على أراض فلسطينية. ونصت"خريطة الطريق"الصادرة عن اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط على ضرورة تفكيك إسرائيل هذه المستوطنات من أجل إعادة المسار التفاوضي الفلسطيني - الإسرائيلي. لكن بدل ذلك، عمدت الحكومة الإسرائيلية إلى مد تلك البؤر الاستيطانية بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والطرق وغيرها، ووفرت قوات أمن لحراستها على مدار الساعة.
ومن هذه البؤر، مستوطنة"ميغرون"التي أقيمت على أراضي قرية برقة التي زوّر المستوطنون صفقات بيع وهمية للاستيلاء عليها، وأنشأوا منظمات وشركات وجمعيات استيطانية عدة، يموّلها أثرياء يهود أميركيون وغربيون، بهدف معلن هو الاستيلاء على أراضي فلسطينية. وصبت خمس من هذه الجمعيات جهودها في مدينة القدس الشرقية، بهدف الاستيلاء على أكبر عدد ممكن من المباني في هذه المدينة العربية، وإسكان اليهود فيها ضمن جهد حكومي وأهلي يهدف إلى تغيير المعالم العربية للمدينة تدريجاً واستبدالها بمعالم يهودية.
وتطل على المارة في البلدة القديمة في القدس التي تحتوي على أماكن مقدسة للديانات الثلاث مثل المسجد الأقصى، وقبة الصخرة، وكنيسة القيامة، وحائط المبكى، أعلام إسرائيلية ترفرف على عدد من البيوت. ويقول رئيس قسم الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل توفكجي إن الجمعيات الاستيطانية نجحت في الاستيلاء على عشرات البيوت في مدينة القدس وإسكان يهود فيها محل أصحابها الأصليين.
وتبين احصاءات فلسطينية متطابقة أن الجمعيات اليهودية نجحت في الاستيلاء على نحو مئة بيت في البلدة القديمة، وعشرة بيوت في حي الشيخ جراح، وبيتين في جبل الزيتون، وبيت في جبل المكبر، وبناء حي استيطاني على أراضي الفلسطينيين في الجبل يحمل اسم"نوف صهيون".
وآخر البيوت التي استولت عليها الجمعيات الاستيطانية اليهودية في القدس هو بيت عائلة الكرد في حي الشيخ جراح. وهذا البيت واحد من 28 بيتاً في هذا الحي الواقع شرق القدس تدعي جمعية استيطانية يهودية أنها اشترت أراضيها من عائلات يهودية تدعي بدورها أنها تملكها منذ القرن التاسع عشر. وأعلنت الجمعية التي تطلق على نفسها اسم"جمعية نحلات شمعون"، وهو اسم تقول إنه لرجل دين يهودي مدفون في الحي، خطة لإقامة حي استيطاني من 200 وحدة سكنية على هذه الأرض.
ويخشى الفلسطينيون في القدس من أن يكون قرار المحكمة الإسرائيلية بنقل ملكية هذا البيت من أهله إلى الجمعية اليهودية مقدمه للاستيلاء على باقي البيوت ال28، وهدمها وإقامة حي استيطاني محلها. وأقيمت البيوت المذكورة مطلع الخمسينات من قبل"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين"التابعة للأمم المتحدة لإسكان مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين الآتين من غرب القدس بعدما طردتهم إسرائيل من بيوتهم هناك.
ويخوض سكان هذه البيوت منذ السنوات الأولى لاحتلال المدينة صراعاً قضائياً مريراً مع الجمعيات اليهودية على ملكية هذه الأرض. وتستخدم الجمعيات الاستيطانية مجموعة من الأساليب للاستيلاء على منازل وممتلكات وأراضي الفلسطينيين، تساعدها في ذلك رزمة قوانين أقرتها الدولة العبرية، مثل قانون أملاك الغائب الذي يتيح للدولة الاستيلاء على العقار، وتحويله إلى جمعيات استيطانية تُعنى بإسكان الأزواج الشباب أو المهاجرين الجدد أو فئات أخرى. ومن هذه الأساليب أيضاً استئجار عقارات من جمعيات مسيحية، بعد تقديم رشاوى طائلة لرجال دين أجانب، وتحويلها إلى تجمعات استيطانية مثلما جرى في ممتلكات عدة للكنيسة الأرثوذكسية التي استولت عليها جمعيات استيطانية دفعت ملايين الدولارات لرجل الدين اليوناني المفوّض الذي قدم لها بدوره الوثائق اللازمة، واختفى من الكنيسة ومن القدس ومن اليونان أيضاً.
ورغم لجوء الفلسطينيين إلى المحاكم الإسرائيلية لمواجهة عمليات التزوير التي يستخدمها المستوطنون في السيطرة على مساحات واسعة من أراضيهم، فإن الحكومة الإسرائيلية لا تظهر أي إرادة لتطبيق قرارات محاكم في شأن الأراضي التي أقيمت عليها مستوطنات. فعلى سبيل المثال، أصدرت محكمة العدل العليا الإسرائيلية أخيراً قراراً ببطلان سيطرة المستوطنين على أراضي قرية برقة التي أقيمت عليها مستوطنة"ميغرون". لكن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم على إخلاء هذه المستوطنة.
وقال حفيد عبداللطيف سمران صاحب الأرض إن"أهالي القرية يشاهدون المستوطنين وهم يقيمون الأبنية على أراضيهم، ويشاهدون الدولة العبرية توفر لهم كل عوامل البقاء والحماية من دون أن يتمكنوا من فعل شيء".
ويشكل الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية العقبة الأولى أمام التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الصراع التاريخي بين الفلسطينيين وإسرائيل. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية يبلغ 280 ألفاً، يُضاف إليهم 193 ألفاً في القدس الشرقية.
وطالبت إسرائيل في المفاوضات مع الفلسطينيين بتجميع هؤلاء المستوطنين في كتل استيطانية تحتل نحو سبعة في المئة من الضفة، بخلاف القدس التي تشكل عشرة في المئة من الضفة. وطلبت إرجاء البحث في ملف القدس إلى مرحلة لاحقة، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني.
وشكّل الاستيطان اليهودي عامل التفجر الأول لانتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام 2000 وانتهت أخيراً. والمرجح أن يظل الاستيطان عامل تفجر في الأراضي الفلسطينية إلى أن ينتهي إلى حل سياسي لا يبدو أن هناك ما ينبئ بقرب حدوثه.
نشر في العدد: 16701 ت.م: 25-12-2008 ص: 10 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.