تنذر زيارات المسؤولين الرسميين اللبنانيين لسورية، قبل إنجاز تبادل السفيرين، بمضاعفات سياسية قد تصل الى داخل مجلس الوزراء، نتيجة السجال الذي اندلع اخيراً بين الأكثرية والأقلية في البرلمان على خلفية خشية قوى 14 آذار من عودة الوصاية السورية الى لبنان كما كانت قبل انسحاب الجيش السوري منه في 26 نيسان ابريل العام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. راجع ص 7 و8 ومع ان الأمانة العامة لقوى 14 آذار تجنبت، في بيان أصدرته بعد اجتماع استثنائي لها امس، التعليق مباشرة على زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي دمشق، السبت الماضي، اشترطت في المقابل أن لا تتم أي زيارة لأي مسؤول لبناني سياسي أو عسكري أو أمني سورية إلا بعد موافقة مجلس الوزراء المسبقة عليها وعلى جدول أعمالها وبرنامجها والشخصيات التي تعقد معها اللقاءات من الجانب السوري واطلاع المجلس على نتائجها والموافقة عليها، اضافة الى اشتراطها ان تتم بمنأى عن مرجعية المجلس الأعلى اللبناني ? السوري وأمانته العامة وعن الاتفاقات التي عقدت في مرحلة الوصاية التي بات من الضروري ان يشرع المجلس في مراجعتها وضرورة اعتبارها في حكم المجمدة بانتظار إنجاز تلك المراجعة. في هذه الأثناء برزت امس مواقف لافتة رافضة حملات التحامل والافتراء التي ينظمها البعض، ويرعاها البعض الآخر، ضد المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، جاء أبرزها من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ وقيادتي حركة"أمل"و"حزب الله"اللتين استنكرتا هذه الحملات ودعتا الى الكف عنها. وفي هذا السياق علمت"الحياة"ان سفير المملكة العربية السعودية في لبنان عبدالعزيز خوجة زار امس لهذه الغاية الرئيس سليمان بناء لطلب الأخير. ونقل خوجة الى سليمان احتجاج المملكة على بعض التصريحات التي تسيء إليها وإلى المسؤولين فيها، والتي كان آخرها الحملة التي تولاها رئيس"تيار التوحيد"الوزير السابق وئام وهاب وآخرون. وأعرب سليمان، كما ذكرت"الوكالة الوطنية للإعلام"الرسمية عن حرصه الشديد على حسن العلاقات بين الدول العربية وعدم السماح بتعكيرها أو التعرض لها أو الإساءة إليها، مشدداً على ان المملكة العربية السعودية داعم اساسي للبنان في كل المراحل والحقبات، ومستنكرا التعرض لها وللمسؤولين فيها. وعلمت"الحياة"ان سليمان سيطلب من القيادات السياسية الفاعلة التدخل لضبط هذا الموضوع وعدم تكراره لما يلحقه من ضرر بالبلد. واستغرب صلوخ بعض التصريحات والمواقف التي تنال في شكل سيئ من السعودية آملاً من الجميع مراعاة علاقات لبنان الأخوية مع المملكة وعدم التنكر لدورها في لبنان الذي طالما تميز بالدعم والمساندة والمساعدات الخيرة التي قدمتها السعودية سياسياً واقتصادياً للبنان وشعبه. وبالعودة الى موقف قوى 14 آذار من زيارات المسؤولين اللبنانييندمشق، فإنها توقفت أمام"ترتيب الزيارات الخاصة لسياسيين لبنانيين يقيمون علاقات خاصة مع دمشق أو يدورون في فلكها وذلك بالتزامن مع كل زيارة يقوم بها مسؤول رسمي لبناني للخارج بما فيها زيارات المسؤولين الرسميين اللبنانيين سورية وذلك للتقليل من أهمية عودة لبنان الى الخريطة الدولية على قاعدة العلاقات الندية التي يسعى اللبنانيون الى تكريسها منذ انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية". وعلمت"الحياة"ان قوى 14 آذار اضطرت الى اتخاذ موقف من زيارات المسؤولين اللبنانيين سورية لقطع الطريق على محاولة الأخيرة تقديم الوضع في لبنان في شأن علاقتها به وكأن الأمور عادت الى ما كانت عليه في السابق، رافضة إحياء الاتفاقات السابقة ما لم تتم مراجعتها في مجلس الوزراء وتتخذ القرارات المناسبة في شأنها. كما علمت ان"14 آذار"أرادت من إعلان موقفها في الوقت الحاضر ان تستبق زيارات مقررة لعدد من المسؤولين بغية ضبط ايقاع المحادثات التي يعقدونها مع المسؤولين السوريين، خصوصاً انها تخشى من ان لا تترك شيئاً لمتابعته من قبل سفيري البلدين اللذين لا يزال تعيينهما يتأخر، إضافة الى ان بعض الدعوات الى زيارة دمشق لا تتم وفق البروتوكول والأصول المعتمدة بين الدول. وبالنسبة الى موقف الأكثرية من زيارة قائد الجيش دمشق علمت"الحياة"انها تجنبت التعليق في العلن على كل ما نشر عن نتائجها رغبة منها في عدم إعلان أي موقف قبل جلاء حقيقة ما دار في محادثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين، لكنها أبدت بعض الملاحظات على أمل ان تتابع ذلك في تواصلها مع قيادة الجيش بغية تصويب الأمور. الى ذلك، أبلغت مصادر مقربة من سليمان قيادات في"14 آذار"ان قوله لدى استقباله رئيس وزراء بلجيكا ايف ادوتيرم ان الرئيس الأسد يرفض ترسيم الحدود في مزارع شبعا قبل انسحاب اسرائيل منها هو حرفية ما سمعه منه في القمة اللبنانية ? السورية التي عُقدت في 14 آذار أغسطس الماضي. وكشفت مصادر في الأكثرية انها كانت نقلت لسليمان موقفها من اتصاله بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وإبلاغه ان البيان المشترك الذي صدر عن قمة الرئيسين اللبناني والسوري، وفيه ان مزارع شبعا لبنانية يمكن اعتماده كوثيقة من قبل الأممالمتحدة، أنها لا تعترض على هذا الكلام شرط ان يكون مقروناً بموافقة المجتمع الدولي عليه. وأضافت المصادر نفسها ان"اعتراف سورية بلبنانية المزارع مفيد، لكن هذا الموقف لا يعتد به لدى المجتمع الدولي الذي يطالب سورية بإيداع مجلس الأمن مستندات ممهورة بتوقيع رسمي بغية اعتمادها كأساس لتطبيق القرار الدولي 1701". نشر في العدد: 16678 ت.م: 02-12-2008 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: سليمان يستنكر التعرض للسعودية : داعم أساسي للبنان في كل المراحل