أسدل المجلس النيابي اللبناني مساء أمس الستار على جلسة المناقشة العامة ومساءلة الحكومة التي استمرت يومين، وكرست كلمات النواب الانقسام السياسي الحاد في البلد، وغلب على المداخلات طابع الترويج الانتخابي مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، وبرزت سجالات في شأن المطالبة بتعديل اتفاق الطائف بقيت تحت سقف التهدئة. ويستعد البرلمان اليوم لعقد جلستين، الأولى مخصصة لانتخاب خمسة أعضاء في المجلس الدستوري هم حصته من أصل عشرة يعين مجلس الوزراء نصفهم الآخر، والثانية تشريعية لإقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين أبرزها ترقية الضباط العاملين في المديرية العامة للجمارك. راجع ص 7 و8 ويأتي انتخاب أعضاء المجلس الدستوري خطوة أولى لإعادة تشكيله بعد إعادة النظر في نظامه الداخلي ليشكل اختباراً جديداً للمزاج النيابي العام لجهة قدرة النواب، سواء أكانوا في الأكثرية أم في الأقلية، على التوافق على لائحة موحدة للترشيحات لعضوية المجلس لأن الاختلاف في شأنها سينسحب على جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد لاحقاً لاختيار خمسة أعضاء آخرين هم حصة الحكومة فيه، مع أن انتخابهم أو تعيينهم يتطلب توافر تأييد الأكثرية في مجلسي النواب والوزراء. لكن اللافت أمس، من خارج المشهد السياسي الذي شهده البرلمان، كان في غياب أي تعليق للقوى السياسية المنتمية الى الأقلية في المجلس النيابي على ما أعلنه أول من أمس وزير الدفاع الوطني الياس المر من موسكو في شأن موافقة الاتحاد الروسي على تقديم هبة للجيش اللبناني هي عبارة عن 10 مقاتلات من طراز"ميغ 29"وتزويده ببعض العتاد العسكري، واكدتها موسكو امس، خلافاً لحملة الترحيب التي صدرت عن الأكثرية، وتحديداً عن رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ورئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع والأمانة العامة لقوى 14 آذار، وكذلك عضو"اللقاء النيابي الديموقراطي"النائب مروان حمادة من على منبر البرلمان في ساحة النجمة، إذ سأل عن أسباب لجوء البعض الى التشكيك بالخطوة الروسية في ضوء استعداد موسكو لبيع الجيش اللبناني أسلحة متطورة بأسعار تشجيعية. ومع أن رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة تريثوا في التعليق على"الهدية"الروسية للجيش اللبناني ريثما يعود المر الى بيروت ويطلع مجلس الوزراء على كامل تفاصيل الاتفاق لاتخاذ الموقف النهائي في شأنها، فإن النواب المنتمين الى الأقلية في البرلمان فضلوا عدم التطرق إليها، رغم أن كبار المسؤولين اللبنانيين تبلغوا من المر تفاصيل المحادثات التي أجراها، ونتائجها بما فيها الهبة التي قدمها الاتحاد الروسي للجيش اللبناني الذي يعود له توفير مبلغ ستين مليون دولار لتغطية تكاليف تزويد المقاتلات بالصواريخ والرادارات والعتاد العسكري المطلوب لتشغيلها. والتقى مساء أمس رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"، وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو رئيس"الحزب الديموقراطي اللبناني"الوزير طلال ارسلان في حضور مروان حمادة، أكرم شهيب والوزير وائل أبو فاعور، في إطار تبادل الآراء والمصارحة على خلفية مواقفهما الأخيرة من الوضع في الجبل والعلاقة مع"حزب الله"إضافة الى تمايز موقف كل منهما من العلاقات اللبنانية ? السورية مع إعلان جنبلاط أنها غير مرتبطة بتفويضه ارسلان الحفاظ على التهدئة في الجبل بعد حوادث السابع من أيار مايو الماضي. وفي هذه الأثناء وصل الى بيروت ليل أمس نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل في زيارة وداعية تستمر أياماً يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة وأركان قوى 14 آذار، بدأها فور وصوله بلقاء النائب الحريري. وبالعودة الى جلسة المناقشة التي تزامنت مع مواصلة المشاورات بين أقطاب من"14 آذار"وبري في شأن التوافق على لائحة المرشحين الخمسة للمجلس الدستوري التي ينتظر أن تظهر نتائجها في جلسة الانتخاب اليوم، تجدر الإشارة الى أن النواب في"تكتل التغيير والإصلاح"برئاسة العماد ميشال عون، من الذين تحدثوا أمس، تباروا في شن هجوم"انتخابي"على الحكومة بدءاً بانتقادهم أداء الهيئة العليا للإغاثة وانتهاء بالحملات على الزفت"الانتخابي"مروراً بمطالبة البعض منهم بتعديل اتفاق الطائف. أما حمادة فقد حذَّر اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين، من أن يكون الهدف من المطالبة بتعديل الطائف الوصول الى المثالثة كبديل من المناصفة في البرلمان والحكومة. بينما رد النائب في حركة"أمل"علي حسن خليل في مداخلته المسائية على النائب عمار حوري كتلة"المستقبل" مؤكداً:"إذا كنا في موقع الأكثرية، وسنكون، فسنمارسها في العمل البرلماني ولن نخرج من منطق المشاركة ولا من صيغة العيش المشترك إذا اختل التمثيل في الحكومة بغياب فريق أساسي في البرلمان، منتقداً السنيورة على مماطلة الحكومة في دفع التعويضات للمتضررين من حرب تموز يوليو وكذلك تعاطي الإعلام مع تشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات. وسأل بطرس حرب من الأكثرية:"هل قامت الحكومة بدورها لتحصل الانتخابات في شكل نزيه؟ وكيف يمكن أن نجري انتخابات صالحة في يوم واحد وهناك شغور في عدد المحافظين؟". وانتقد اتهام أحد الوزراء رئيس الحكومة بالسرقة محذراً البعض من اعتبار اتفاق الدوحة بديلاً من"الطائف".