هددت المعارضة اللبنانية باتخاذ خطوات ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والأكثرية بعد الإجراءات التي قررتها الأخيرة، سواء بإحالة الحكومة مشروع قانون بتعديل الدستور لإتاحة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وطلب فتح دورة استثنائية للبرلمان أو بتوقيع 13 نائباً من قوى 14 آذار عريضة تقترح إقرار تعديل الدستور. راجع ص 5 وقبيل انعقاد مجلس الوزراء أمس برئاسة السنيورة، لاتخاذ عدد من القرارات المتعلقة بترقيات العسكريين وتعويضات المتقاعدين، قال زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون للصحافيين:"ستعرفون ماذا سنفعل اذا حصل إصرار على التصرف بهذا الشكل لأن هناك عملية سطو على السلطة الشرعية من خلال الإجراءات غير الشرعية". ورد السنيورة على الحملة ضد حكومته بالقول:"لم يعد مقبولاً استمرار الموقف المانع لانتخاب رئيس للجمهورية لأنه يأخذ البلد الى مزيد من التوتر"، وأعرب عن أسفه"أننا وصلنا الى مرحلة إما أن تقبل فيه بالرأي الآخر وإما أنك خائن". ووقع مجلس الوزراء بصفته يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية عدداً من المراسيم كما اتخذ جملة من القرارات. وهو ما ترفضه المعارضة. وحذر نائب الأمين العام ل"حزب الله"نعيم قاسم الأكثرية من"أنهم اذا كانوا يعتقدون بأننا سنتفرج عليهم فهم مخطئون وستثبت الأيام ذلك". وقال ان لا مفاوضات بين الأكثرية والمعارضة. ودخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في السجال المباشر مع الحكومة والأكثرية، رداً على قراراتها، في البيان الذي أصدره امس معلناً تأجيل جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية من اليوم الى السبت في 12 كانون الثاني يناير المقبل، بعدما كانت مصادره ردت على قرار الحكومة في صدد تعديل الدستور وفتح دورة استثنائية. وجاء في البيان الذي صدر عن الأمانة العامة للبرلمان:"بما ان الوضع الدستوري بالنسبة الى شروط انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور المركز بانتهاء الولاية السابقة، وعدم انتخاب رئيس جديد، لم يعد كما كان عليه هذا الوضع خلال الفترة الدستورية المحددة بين 25 ايلول سبتمبر 2007 و24 تشرين الثاني نوفمبر 2007، بالتالي يخضع الوضع الناشئ عن الشغور لأحكام المادة 74 من الدستور والتي تنص على انه اذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس او استقالته، او سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون". وأضاف بيان الأمانة العامة للبرلمان:"بالتالي الشغور بالوفاة او الاستقالة او بانتهاء الولاية، له المفاعيل ذاتها التي تعفي المرشح للرئاسة من شرط الاستقالة المسبقة، الأمر الذي يوجب إبعاد اية فكرة لتعديل الدستور. والاجتماع"بحكم القانون"يجعل من فتح دورة استثنائية للانتخاب، لزوم ما لا يلزم... وهذا بغض النظر عن عدم الدستورية والشرعية والميثاقية للحكومة القائمة. لذلك قرر رئيس مجلس النواب تأجيل الجلسة التي كانت مقررة غداً اليوم السبت في 29-12-2007 الى الثاني عشر من كانون الثاني 2008، في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية". ولم يتصل بري قبل تأجيل الجلسة، كما جرت العادة بفريق الأكثرية للتشاور في شأنه. وكانت مصادر بري قالت ل"الحياة"انه سبق أن أبلغ الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان بأن عون هو المعني وحده بالتفاوض باسم المعارضة مع الأكثرية حول سلة المطالب، مؤكدة ان الاتصالات بين الأول وغيان تمت في سياق تفسير المواقف، على خلفية اللقاء الذي جمعه ورئيس"كتلة المستقبل"النيابية سعد الحريري في حضور وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قبل 3 أسابيع في بيروت. ولفتت مصادر بري الى ان الفرنسيين وبناء لرغبة بري أجروا اتصالاتهم بالعماد عون أسوة بالاتصالات التي يجرونها بعدد من قيادات 14 آذار. وأوضحت ان بري معني أولاً وأخيراً بالرد على"الخروق الدستورية"التي ترتكبها الأكثرية، وانه ليس في حاجة الى مساعدة من حلفائه في المعارضة. وتابعت ان"الأمانة العامة لرئاسة المجلس النيابي تسلمت بناء لإشارة من بري، نص العريضة التي وقّعها 13 نائباً من الأكثرية وطالبوا فيها بتعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، لكنها رأت ان هذه الخطوة غير دستورية لأن لا حاجة لتعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان. وأكدت أن بري سيتصدى لأي محاولة محلية أو عربية أو دولية لانتخاب الرئيس، بخلاف ما هو وارد في المادة 74. ولفتت الى ان"على الأكثرية ان تقول منذ الآن انها ليست في حاجة الى شراكة المعارضة في الحكومة، وعندها تدرس الأخيرة موقفها ويمكن ان توافق في النهاية وتبقى على موقفها المعارض وتستعد منذ الآن لخوض الانتخابات النيابية على قاعدة انها مع اعتماد القضاء دائرة انتخابية. واعتبرت ان"لا مفر أمام الأكثرية سوى الحوار مع عون، لأن في جيبه ورقة بالبنود التي توافقت عليها المعارضة"، مشيرة الى أن كلام بعض النواب الأعضاء في"التيار الوطني الحر"عن ضرورة إعادة النظر بالدستور حول صلاحيات رئيس الجمهورية غير ملزم لحلفائه في المعارضة، وانه شخصي صادر عن صاحبه"ولسنا في وارد المواقفة على إدراجه في ورقة المعارضة". وأكدت المصادر ذاتها ان"لدى المعارضة خطة لمواجهة استمرار الأكثرية في إدارة ظهرها للحوار، من السابق لأوانه كشف تفاصيلها، ونعد لخطة سنعلن عنها في الوقت المناسب". وإذ شكل بيان بري مساء أمس رداً حتى على العريضة النيابية المطالبة بتعديل الدستور، صدر موقف مساء عن رئيس المجلس التنفيذي في"حزب الله"السيد هاشم صفي الدين اعتبر أن أي قرار يعلن باسم"حكومة السنيورة البتراء هو اغتيال حقيقي لاتفاق الطائف...". وأكد ان فريق السلطة سيحاسب على قراراته الجائرة لأن التسلط لن يستمر الى ما لا نهاية". وكان رئيس الجمهورية السابق الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل شدد على أن الأكثرية ترفض"التسليم بالثلث المسقط للحكومة". ودافع رموز الأكثرية عن قرارات الحكومة ورفض وزير الاتصالات مروان حمادة"الدخول في أي بازار حكومي في غياب الرئيس العتيد". وأكدت مصادر في الأكثرية أنباء عن ان الاتصالات الفرنسية ? السورية أدت الى اقتراح سوري نقله الجانب الفرنسي، قضى بتشكيل الحكومة المقبلة على قاعدة 16 وزيراً للأكثرية و12 وزيراً للمعارضة ووزيرين لرئيس الجمهورية، لكن أقطاباً في قوى 14 آذار رفضوا هذا الاقتراح. وأعلن عون تمسكه باقتراح المعارضة حصولها على 11 وزيراً الثلث المعطل و5 وزراء للعماد سليمان و14 وزيراً للأكثرية وقال:"11+5 يسمح للمعارضة مع رئيس الجمهورية بإقرار قانون عادل و14+5 يسمح للأكثرية مع الرئيس بإقرار قانون عادل، ولكن على الثلاثة ان يكونوا سوياً لإقرار قانون بالثلثين"... معتبراً"ان هذا هو التوازن الذي نطلبه". وأعلن الوزير السابق سليمان فرنجية مساء ان حكومة الوفاق هي الطريق الوحيد للحل وان لا انتخابات رئاسية من دون الثلث الضامن فيها، للمعارضة. وأضاف:"نطالب بسلة متكاملة وب11 وزيراً في الحكومة وإذا لم يعطِنا العماد سليمان الثلث فلن ننتخبه... ولن نسلمهم البلد". وعندما سئل الى أين سيذهب البلد قال:"الى لا مكان، سنبقى واقفين حيث نحن. لن نكذب على الناس، اذا لم يكن هناك ثلث ضامن للمعارضة ليس هناك رئيس جمهورية. لن يحصل شيء، سيبقى السنيورة فليبق". واستهل السنيورة جلسة مجلس الوزراء بحسب وزير الإعلام غازي العريضي، بالقول:"نجتمع في هذه الجلسة كمجلس وزراء نمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، ونؤكد أننا كنا ولا نزال أكثر الناس رغبة واستعجالاً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لنحقق هدفاً أساسياً نبدأ فيه مرحلة جديدة يستقيم فيها عمل المؤسسات الدستورية، ونأخذ لبنان إلى بر الأمان الحقيقي، ونعالج فيها كل المسائل التي نختلف حولها، ولم نتمكن من ذلك في هذه الفترة بسبب إقفال المؤسسات الدستورية، وهي الموقع الطبيعي للحوار والبحث بين جميع اللبنانيين". وأضاف:"بعد الخطوة التي اتخذناها في الجلسة السابقة وما قام به عدد من النواب بتوقيع العريضة النيابية، نجد أن كبسة زر تفصلنا عن انتخاب رئيس جديد، والذين يتباكون على صلاحيات الرئيس، إذا وقفوا أمام أنفسهم، يدركون ان العملية تتطلب وقفة ضمير. فلم يعد مقبولاً استمرار الموقف المانع لانتخاب رئيس للجمهورية لأنه يأخذ البلد الى مزيد من التوتر، وعدنا نسمع نغمة تصنيف الناس بين خونة ومن يؤمنون برأيهم. من المؤلم أن نكون وصلنا الى مرحلة في لبنان، إما ان تقبل فيه بالرأي الآخر وإما انك خائن، وما سمعناه من أقذع الكلام مخالف لكل الأعراف والتقاليد، ومع ذلك يجب ان يكون موقفنا موقف التعالي والصمود والرد على كل هذه الترهات، وستبقى أيدينا ممدودة الى أشقائنا في البلد للخروج من الأزمة". وتابع السنيورة:"نجتمع لإقرار عدد من القرارات وهي أساساً لتسهيل أمور الناس ومصالحهم وتوقيع المراسيم المتعلقة بها"، معدداً نوع هذه القرارات والمراسيم في مجالات مختلفة من إحالة موظفين على التقاعد لا بد من مراسيم لقبض تعويضاتهم او معاشات تقاعدهم، وتوزيع حصص الصندوق البلدي المستقل، وشهداء الجيش في معركة نهر البارد الذين لا بد من توقيع مراسيم ترقياتهم وقضايا تتعلق بالاستملاكات وأمور أخرى ضرورية ونحو 700 مرسوم لا بد من توقيعها". وأوضح العريضي:"بعد استعراضها قرر مجلس الوزراء بصفته يمارس وكالةً صلاحيات رئيس الجمهورية، توقيع المراسيم المذكورة واختتم جلسته ليفتح جلسة أخرى عادية".